في مثل هذا اليوم23اكتوبر 1919م..
اغتيال مبارك التوزونيني على يد وزيره بلقاسم النكادي بين الريصاني وأرفود.
مبارك التوزونيني أو سيدي إمحمد، ثائر مغربي من أصل يهودي قاد حركة جهادية ضد المستعمر الفرنسي، واستقطبت دعوته معظم القوى القبلية ذات القيمة الحربية كآيت عطا وإيملوان في المنطقة المحيطة بواحة تافيلالت، التي لبت نداء الجهاد، خصوصا بعد الانتصار الحاسم في معركة البطحاء في صيف 1918، وما نتج عنه من فوائد مادية ومعنوية جعلت أبناء القبائل والقصور ينضمون لجيش المجاهدين.
وقد بدأ التوزونيني ووزيره بلقاسم النكادي بالتنكيل بالشرفاء العلويين ثم تسلط على أموال الأغنياء، وبعد تصفية الحساب مع نظام الواحة الاجتماعي القائم وفرض الواقع الجديد، استقر التوزونيني بالريصاني وتم مبايتعه سلطان جهاد.
وتقول سيرة التوزونيني إنه مولود في1883 وجده الملقب بـ«بداح» هو الذي أسلم وكان يهوديا، وعاشت الأسرة في قرية توزونين بأقا (جماعة قروية تابعة حاليا للنفوذ الترابي لإقليم طاطا) بقبيلة آيت أمريبط في المغرب، وبها ولد مبارك ونشأ في زمرة الفقراء.
وتأثر مبارك التوزونيني بالطريقة الناصرية والدرقاوية كما هو حال بلقاسم النكادي، الذي سيلتحق به لاحقا وكان ذلك من الأسباب، التي فرضت عليه هجرة قريته صوب ناحية تافراوت فاستقر بقرية أومسنات بأملن مطلع القرن العشرين، حيث كان يشتغل لتأمين قوته اليومي ويبحث عن مأوى لأسرته،
وانضم في تلك القرية الجبلية لطائفة من مريدي الزاوية، وتقرب من كبار شيوخها، الذين لقنوه بعض الأذكار والآيات ولاحظ هؤلاء المشايخ طموحاته وهوسه بالسلطة و اعتلاء العرش، لدرجة ادعائه أنه شريف النسب، فنصحوه بأنه لن يستقيم له ما يريد في بلاد السوس، وعليه البحث في قبائل أخرى وعند ظهور دعوة أحمد الهيبة سلطاناً في مراكش التحق به، وعند هزيمته أمام الفرنسيين، انصرف عنه مبارك يتنقل بين سكتانة وإلج ومكناسة.
ودخل بلاد سوس وتزوج من آيت عطا بالقرب من تافيلالت، واستقر بمنطقة الرك والتف حوله إيملوان تازارين وآيت إيعزا.
وبدأ التوزونيني يدعوا الناس للجهاد منذ 1912، ويحرض الفئات العريضة المتواضعة على النخبة، وكانت قد استقرت حامية فرنسية في قصبة تيغْمَرْتْ جنوبي واحة تافيلالت، سنة 1917، حت قيادة القبطان والمستشرق أوستري، الذي نشر الرعب والإرهاب في نفوس الناس، والذي وصفته روايات محلية بـ«الكافر الجبار الطاغية وزعيم أهل الشرك والكفر»، فأرسل التوزونيني أحد العطاويين لقتله غيلة.
وبعد قتل الحاكم الفرنسي، كانت الأجواء مهيئة لتقبل دعوة مبارك التوزونيني للجهاد في صفوف السكان فاستنفر القبائل وانتصر على الجيش الفرنسي في معركة البطحاء في 15 أكتوبر 1918، وحاصرهم النكادي في مركز تيغمرت وتم الظفر لمبارك، فاستولى على تافيلالت أيام عيد الأضحى، واحتل قصبة منسوبة للمولى سليمان، وبايعه الناس كسلطان، وخطب باسمه أئمة المساجد،ووصلت سيطرته حتى أرفود.
ونظم جيشاً مرابطاً رأس عليه، محمد بن بلقاسم النكادي، وعينه وزيراً للحربية فكانت بينه وبين الجيش الفرنسي وقائع حامية وتكاثر الناس عليه بالهدايا والطاعة، واشتد هو على من اتهمهم بموالاة الاحتلال والسلطة الفرنسية، فقتل عدداً من القضاة والعلماء، خصوصا الأشراف العلويين، الذين صادر أموالهم باعتبارهم الفئة الاجتماعية ذات النفوذ السياسي والاجتماعي بالواحة، فتم التعويل على فئة اجتماعية تحتل، آنذاك، أسفل السُّلم الاجتماعي.
ووجدت حركة التوزونيني نفسها في أسوأ واقع يمكن تصوره مواجهة الشرفاء واستعداء أرباب الزوايا والأغنياء وقاد الباشا التهامي الكلاوي، وابن أخيه القائد حمو الكلاوي حملة ببلاد تودغة، ضد أتباع التوزونيني، الذين بدأوا يهددون تلك المنطقة ورفض النكادي فتك قائده بالأشراف، فزاد التقاطب والتنافس بين التوزونيني ووزيره، وفي استعراض للجيش بمحضر السلطان التوزونيني «زي النهاردة» في 23 أكتوبر 1919، وفي قرية أولاد الإمام بين الريصاني وأرفود، قام التوزونيني بإذلال وزيره النكادي أمام الملأ، فأخرج النكادي بندقيته وأرداه قتيلا جهاراً أمام الجيش وبويع النكادي مكانه.!!!!!!!!