مقطع من رواية:رجل آخر للكتابة التونسية ايناس بالنور
اي سحر! …
ان ينفتح القلب على القلب…
الروح على الروح…
الذكراة على الذاكرة…
الضباب على الضباب كل هذا الحد…
اي سحر!
ايكون الجنون متبادلا حد التماس بالمماهاة؟
اتكون الذروة حتما بلا وطأة او شبح لقاء ؟
أنذهب بحبور و تهافت للحرمان و لا نتوقف هنيهات لنتردد و لو تردد اسذج العقلاء…؟ا
نتغابى طوعا و ننسكب نحو بعض دفعة واحدة… بركتي ماء غريبتان حُفِر بينهما مباغتة مسرب عريض فتسابقتا للاختلاط العمد بانتشاء…
ناضجان فوق العادة …تسلقا كل المسالك الوعرة بكبرياء و اباء…بكل النزيف الذي اسْتُحِق.. لم يدخرا قطرة حياة…
اغبى من اصغر طفلين انت و انا …رجل بعبقرية
تفوق الخيال يحرر في ثانية الف خيط متشابك من اعقد المتاهات و لا تعجزه معجزة…
وانثى عصية تضيء من كل ثقوبها كلما اشتد
الظلام حولها و ضاقت الآفاق امامها…
انتداعى إلينا باستسلام و توق…و الذي ينتظرنا هاوية؟
اي سحر ؟
أيمكن للروح ان تقطر نارا في روح اخرى و تلهبها في حضيضها فتينع و كان حريا بها ان تغدو رماداً متناثرا؟
اصبح اليوم دهرا قاهرا يختال بقرف فوق جسدي جيئة و ذهابا يدوس بعض رصانة محتشمة تخلدت من معارك قاصمة سابقة…بين الثانية و الثانية استرق الهواء فيعبر ثملا بين تجاويف أنفي …يابى ان استزيد منه و ان دفعته عنوة يتمنع ان يفرز شوائبه و يخرج فابقى مثقلة به و بنظرة تائهة تبعثر انوثتي تحركها بعصا مقتدرة …تمزق جمودها و تنفخ فيها انوثة ثانية…
قلت اني لم انفجر بعد كما يجب…و ان الي كان اوهام…تجارب هاوية…لم اتذوق رجلا حقيقيا يخرج الجوهرة التي تغطس في قراري…و انك تراها بأم عينك بلا جهد بلا تفاصيل هكذا بالعين المجردة …و ما عدت تلمح غيرها في الزحمة….
و انك تخبىء نفس الجوهرة لي لاعانقها وحدي
و اناجيها بهمساتي فتلمع بين مقلتيك و تتزين الدنيا بالوان روحك الخلاقة و اسلوبك الجارف..
للصدق…انقذتني من هراء فارسي ذاك…كان دون المعنى…موغلا في التفاهة و كنت الاحق بصاقه كأنه مبارك..
اي سنين طوال ذهبت هباء على خطى مريض نفسي منافق غَرور قيد مداركي و اسرني بلاشيء …لمجرد انه أنقض على تكتمي في لحظة حرجة و فر هاربا…انت لن تستوعب المزية التي فعلتها….اذ افتككتني من ظله البارد
و صفعت غباء عفويتي بسلاسة فكرك المنطلق و قلت : كفي …كفي… انت تحرقين حرفك
و ضلوعك لاجل أحمق…ليس شبحك….
تطلعي لي …ما كتبت عني…اقوله بالسطر…
بالكلمة…انا هو النصف…انا الذي تنادينه من سنين ثلاث و كنت تنظرين للاتجاه الخاطىء..كنت حذوك …ابتلع ذبذباتك منبهرا من كم التشابه…و كنت تراودين قزما بشغف اكثر انثى غواية فانهكك و لم تقم له قائمة…
انت خلصتني من الأسر….و مهما كانت مآلات السحر بيننا ساكون ممتنة لهذا …فانا جربت كل العلاجات و الوصفات دون جدوى لم افلت و لو غمضة عين منه و من ملامحه…
انت انتصبت بصلابة مبهرة في عالمي و اصريت ان امنحك نفسا واحدا و اثق بك….كنت حذرة فما عاد بالروح ،روح…هي ايضا أضحت هيكلا عظميا فارغا من اي حياة…تكدست اطنانا ثقيلة
تعيق آية فرصة ثانية…انت لم تنتظر موافقتي…اغتصبتها…استوليت عليها بالحاح و فن…بذوق خيالي… انت استحوذت علي كلي…كلي لم تترك لاخر آية مكانة.. و كانك انت الاخر و الذي قبله و الذين قبله و كل الذكور قاطبة في بالي منذ العصر البدائي …انت الذكر الفريد …الرجل الفريد…كل الجنس الاخر …
اي سحر؟
اطلب ان لا تصوب تلك الكلمة نحوي فلا تقلع عنها تقولها بحلاوة لم استعذبها بحياتي . ..و كأنني في اولى سنوات المراهقة فتاة بسيطة ترتعش من اعترافات حبيبها الغر الذي لا تعرفه جيدا ووشوشها على حين غرة دون استئذان انها رائعة و انه سيزرع في لسانها باقة ورد جامحة عجيبة و فَوْحُها خالد لا يمحي…كلما مر الوقت تزداد تعتقا…
اي سحر!اي سحر!
عندما غضبت و غضبت…ادرنا الظهر لنا و بقيت الارواح عالقة …و كنا كالغائبين عن الارض …نمشي و لا نمشي …نقطع اميالا و اميالاو العجلات معطوبة لم تتحرك قبسا في مطب عميق ثابتة …
نهشتك رغبة حارقة.. انت الرصين منذ الازل، ان تتمرد عليك و على كل شيء و تفتش عن بابي
و تحطمه لاشلاء و تدخل …و تقول بصوت واثق .. نفس الكلمة التي اخافها و اتوسل ان
لا تقولها: احبك…
لم اعد اقدر على مجاراةعدد المرات التي قلت فيها تلك المخيفة…و احتسابها..قلتها لي اكثر من الكل…اناثا و ذكورا …انت تجاوزت رصيدي منها…
انك تتنفسها …تشربها …تكتبها ..تخطها…
تنشدها..تسبح بها..انك تتستعرضها كما يستعرض ذكور الارض ذكورتهم الغالية.. ذكورتك فكرة فاقت كل الذكورة مجتمعة …اي رجل يمكن ان يثبت انه خارق …طبعا لانه يرى هذا.. اما انت فتفكر انك خارق مثلهم لكنك خارق اكثر بتلك الكلمة الحارة…بالروح المختلفة…المبدعة….التي تنشىء القيمة لما قُطع منه الرجاء… التي تتسرب لكل المنافذ المسدودة فتتفتح و تتسع لاستقبال الاناقة المشتهاة بما يفوق الوصف من تعطشا…
قد لا تلم ذاكرتي بما تفعله انت…لانك ابهرتها …
اغرقتها بأكثر مما عاشته طيلة عمر باهت …في وقت وجيز…كنت بجانبي من زمن …و كنت ضالة …عميت بصيرتي القاصرة فلم تلتهم جموحك و لم تفهم ان الذي تجري ورائه كالبلهاء …قدامها….
اقر و أعترف انك متفرد…و كل المفاهيم القديمة
خلطتها …و بذرت الشك بداخلي المتآكل
و قد اجحف ان لم اسارع لمراجعة تاريخي.. لأتأكد ان كان الذي ولى حقيقة؟ … أكان يشبه المشاعر؟…ام كنت بحمقي استنزف قلبي
و اذَبِّحه على أعتاب ذكور سطحيين لا تليق بهم ثانية..
اي سحر!
اتشعر بما بي؟