قراءة نقدية مزدوجة:
“القصيدة بين المقاومة بالشهادة والمقاومة بالحرف”
فقرة جمع بصيغة المفرد(مبدع / مشاكس/ ناقدة )
المبدع حمد حاجي (تونس)
القصيدة:” كجلسة السنوار”
المشاكس عمر دغرير(تونس)
القصيدة : “كقصبة في الريح”
الناقدة جليلة المازني (تونس).
القراءة النقدية المزدوجة: “القصيدة بين المقاومة بالشهادة والمقاومة بالحرف”
أ- المشترك بين الابداع والمشاكسة:
– التناص المعجمي.
– الحبيبة المناضلة
– الاطار الزمكاني.
ب- المختلف بين الابداع والمشاكسة:
1- المبدع حمد حاجي والمقاومة بالشهادة:
اختار المبدع عنوانا لقصيدته “كجلسة سنوار”
تضمن العنوان تشبيها باداة التشبيه (الكاف) والمشبه به (جلسة سنوار)
وقد غاب المشبه وبالتالي من المشبه الذي هو في جلسته كجلسة سنوار؟
ثم من هو سنوار وكيف هي جلسة سنوار؟
– السنوار هو يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس من 2017 الى يوم الاربعاء 16 اكتوبر2024 .
قتل الجيش الاسرائلي الزعيم السياسي لحركة حماس يحي السنوار بعد تبادل اطلاق النار في رفح جنوب قطاع غزّة وتعتقد اسرائيل ان يحي السنوار هو العقل المدبّر لعملية طوفان الأقصى”(1).
– جلسة السنوار :هي جلسة فوق الأريكة دون أن يكون تحتها مختبئا بل بشجاعة كان يقاوم بيد واحدة وهو جريح بما لديه من قنابل وأخيرا رمى العصا.
وبذلك “أرادت اسرائيل نصرا فصنعت أسطورة”
ترى أية جلسة هي المشبهة بجلسة السنوار؟
اتخذ الشاعر فتاة فلسطين حبيبة له لما بها من دلالة المقاومة وكأني بالمبدع من خلال هذه الفتاة الفلسطينية يتبنّى القضية الفلسطينية بل يعتبر المقاومة قدَرَهُ .
ان المبدع لا يخفي عنا وجعه بما يعيشه أهل غزة من ألم ودموع على أرضهم المغتصبة فيقول:
وجاءت فتاة فلسطين..سرنا..ولم تتكلم..
وأتبعتها..خطوتي قدرا..
مع كل قفيز أنين مهيل ودمع كمزنة صيف..
استخدم المبدع ضمير المتكلم الجمع(سرنا) ثم المتكلم المفرد(أتبعتها خطوتي)
وكأني بالمبدع باستخدام ضمير المتكلم يُقحم نفسه بالقضية الفلسطينية وهو شعور بالانتماء العربي والإنساني لقضية انتهكتْ حُرمة حق شعب في أرضه وعرضه.
ولعل المبدع يرمز بالمفرد الى الجمع من العرب الأحرار الذين لهم غيرة على القضية الفلسطينية بل الانسانية.
والمبدع بذلك يحرّك الجانب الانساني في العربي الغيور.
يواصل المبدع السير مع حبيبته الفلسطينية وهو في ذلك يُقحم المرأة في المقاومة
ايمانا منه بمسؤولية المرأة الفلسطينية في الدفاع عن أرضها وعرضها الى جانب الرجل.
لقد استخدم المبدع استعارة لوصف سيرهما وهو الخبيب والخبيب هو نوع من عدو الفرس عندما ينقل أيَامنَهُ جميعا وأيَاسرَهُ جميعا .
ولعل المبدع استعار مفردة الخبيب كرمز لسرعة سيره مع الفتاة الفلسطينية واستحضار للخيل كوسيلة حرب بدائية تعكس ضعف سلاح فلسطين أمام تطور الاسلحة التكنولوجية للعدو .
وقد تكون كلمة خبيب تهجئة بديلة لحبيب.(ويكيبيديا).
وفي الحالتين فان المبدع وهو يسير مع حبيبته الفلسطينية استخدم مقابلة معنوية بين هديل سلام و ضجة خوف في خطاهما فهما يتوقعان النصر والهزيمة معا كأسيرين بأحلك صف .يقول المبدع:
نسير خبيبا
خطانا هديل سلام وضجة خوف بقلبين..
مشْي الأسيرين بأحلك صفّ..
ان المبدع جعل الحبيبين بين التفاؤل والتشاؤم .ان هذا السير الخبيب له على نفسيهما بدل الوقع وقعَيْن :
– وقْع يُبشر بخير(هديل سلام) ويُجسّده النصر.
– وقع يُنذر بشرّ(ضجة خوف) وتجسّده الهزيمة .
ان المبدع يحلل نفسية الحبيبين التي تعيش تمزّقا بين الأمل في النصر واليأس منه وقد دعم ذلك بتشبيه حالتهما بالأسيرين في طريق مظلم.
وقد عمد المبدع لذلك لابراز مدى صعوبة المهمة التي سيتحملانها معا في المقاومة.
بيد ان المبدع قد دعم الرباعية بتلك اللوحة للحبيبة الفلسطينية المتحدية والتي
يتطاير الشرر من عينيها الجميلتين والمتوعّدة للعدوّ مشيرة ببنانها للانتقام منه.
ولعل القارئ هنا يتدخل وقد يعتبران هذه الحبيبة هي حبيبة مسؤولة وغيورة على أرضها وعرضها وهي مفخرة للحبيب الذي يعتزّ بها.
والمبدع لا يخفي عنّا ايمانه المطلق بمسؤولية المرأة الفلسطينية جنبا الى جنب الرجل في الدفاع عن أرضها المغتصبة وحريتها المسلوبة.
ويفاجأ المبدع باستشهادها ملتحمة بالأرض وهي ترفع اشارة النصر بإصبعيْها فيقول:
تكسّر شقف السماء فجأة ,التفتّ..
لمحتك في كفن الميّتين ,التحمت بالأرض..
بيارة البرتقال كما إصبعين بكف.
والمبدع قد عبّر بامتياز عن ثشبّث حبيبته الفلسطينية بأرضها أرض فلسطين التي التحم جسمها وهي شهيدة بها وهي ترفع علامة النصر وكأنها تقول لمن بعدها “المسيرة تستمرّ حتى النصر”.
وفي هذا السياق يجلس المبدع جلسة السنوار فوق الأريكة بكل شجا عة السنوار الذي لم يختبئ تحت الأريكة وواجه العدوّ بما لديه من وسائل الدفاع حدّ العصا دون استسلام.
ان المبدع وهو في جلسة السنوار عند الخرائب والمقابر يسرّ وجع السنوار على
الدمار والشهداء الذين كانوا ضحية الدفاع عن أرضهم وعرضهم وكأنه ينتظر الشهداء وينتظر حتفه أيضا فيقول:
وفي مثل جلسة سنوار قرفصت فوق الأريكة
عند الخرائب ..عند المقابر..
بي ما به من وجيعة حزن كأني أنتظر الشهداء وحتفي..
=== يتبع ===
=== يتبع ===
من خلال الفجوات النصية قد يتدخل القارئ وقد يعتبر ان هذه القفلة قد جمعت بين شعورين:
* شعور بالتشاؤم حين جعل المبدع ان الشهادة متواصلة بما فيها شهادته وكأنه جعل الشهادة بما فيها حتفه قدَرٌ مُستمرّ لا مناص منه .
* شعور بالتحدي:
– باعتبار الشهادة حياة جديدة مستحضرا الآية 169من سورة آل عمران “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون”
– وفي لقاء حتفه هو تقديم المثال لكل عربي انساني للتعاطف مع الشعب الفلسطيني حدّ الشهادة.
وفي هذا الاطار ماذا عن رأي المشاكس عمر دغرير؟؟؟
2- المشاكس عمر دغرير والمقاومة بالحرف:
يختار المشاكس عمر دغرير عنوانا لقصيدته “كقصبة في الريح” وهواعتمد نفس التركيب التشبيهي تماما كما المبدع .
ولئن كان عنوان رباعية المبدع حمد حاجي مشحونا بالنخوة بالتشبه بجلسة السنوا ر الرمز والأيقونة في عظمته التي ملأت العالم وشغلت العرب والغرب على حد السواء
فان تشبيه المشاكس للمبدع فيه شيء من التهكّم بتهميش دور المبدع كما القصبة التي تلهو بها الريح.
ويواصل المشاكس التهكم من المبدع باستخدام طباق لفظي( تواجه / تختبئ) في خدمة مقابلة معنوية بين شجاعة الحبيبة التي تواجه الغزاة وبين جُبْنه وهو يختبئ في الخلف والمشاكس بذلك ينفي سير المبدع مع حبيبته جنبا لجنب لخوض معركة الدفاع عن الارض المغتصبة والعرض المنتهك من طرف العدو الاسرائيلي فيقول:
تقول انتظرتها,
وهي في ساحة الحرب ظلت تواجه الغزاة
وكنت تختبئ في الخلف..
وكانت في زيها العسكري
بين الرجال تمسك بالرشاش
وتطلق النار على أعدائها فتصيب أكثر من ألف…
والمشاكس في هذا الاطار يسلّط الضوء على دور المرأة الفلسطينية وتحملها مسؤولية الدفاع عن الوطن.
وبقدر ما جعل المرأة تتحمل المسؤولية بكل شجاعة قد جعل (عن قصد او دون قصد) الرجل ممثلا في شخصية المبدع مُنسحبا ومُتخليا عن دوره وواجبه الوطني في حين ان المبدع حمد حاجي قد وحّد بين المرأة والرجل في النضال.
وهل أكثر من أن المشاكس ينفي عن المبدع صفة شجاعة السنوار في جلسته وهو يقاوم الى آخر رمق فيه فحرمه من الشعور بنخوة السنوار الرجل الرمز حين كبّله بخوف شديد منعه حتى من رمي عصاه كآخر مقاومة له فيقول:
وفوق الأريكة كنت ترتعد
وحين طائرة العدو فاجأتك
لم تقو على رمي عصاك من شدّة الخوف…
ومن خلال الفجوة النصية قد يُنصفُ القارئ المشاكس وقد يعتبره يلمّح الى الرجل العربي ويسلط الضوء على جبنه وتخاذله ازاء القضية الفلسطينية.
ويختم المشاكس بقفلة ينتهك فيها حرمة شجاعة المبدع حدّ انتظار حتفه ودوره في الشهادة وباستخدام اسلوب انزياحي تركيبي قائم على النهي نهاه وبكل “جرأة” عن ذكر جلسة السنوار وادعاء البطولات أمام حبيبته سعدى التي تدرك انه بارع في خوض الحروبات فقط بالحرف فيقول:
فلا تذكر جلسة السنوار أمامها
ولا تدّعي البطولات وسعدى تعرف
أنك بارع في خوض الحروبات فقط بالحرف…
باستخدام هذا النهي وتعقيبه بجملة اسمية مؤكدة ب”أنّ”(أنك بارع في الحروبات فقط بالحرف) والجملة الاسمية المؤكدة تفيد حقيقة ان المبدع بارع في الحروبات فقط بالحرف.
– هذه الحقيقة هل هي ذمّ بما يفيد المدح ؟
– هل أن المشاكس أراد أن يعيد الى المبدع نخوته التي انتهكها بحرمانه من التشبه بالرجل الرمز في جلسته؟
– هل ان المشاكس وهو مبدع يريد أن يسلّط الضوء على دور الإبداع في النضال؟
– هل ان المشاكس يريد أن يتصالح مع المبدع ومع نفسه كمبدع لتسليط الضوء
على قوّة دور الابداع في المقاومة؟
انها تساؤلات أتركها للقارئ ليشبع بها نهم فضوله في الردّ عنها.
سلم القلمان ابداعا ومشاكسة مقاومة بالشهادة او نضالا بالحرف.
بتاريخ 11/ 11/ 2024
المراجع:
W https://ar.wikipedia.org>wiki>.. (1)
يحيى السنوار- ويكيبيديا
كجلسةِ السِنْوَار(المبدع حمد حاجي)
ا===========
وجاءت فتاةُ فلسطينَ …. سرنا… ولم تتكلمْ..
وأتبعتُهَا خطوتي… قدرًا…
مع كل قَفِيزٍ أنين مهيل ودمع كمُزْنَةِ صيف…
نسير، خبيبا،
خطانا هديل سلامٍ وضجّة خوفٍ بقلبيْن…
مَشْيَ الأسيريْنِ بِأحْلَكِ صَفّ..
تكسّر شقف السما فجأة؛ اِلْتَفَتُّ…
لمحتك في كفنِ الميّتَيْن، التحمتِ بالأرض …
بيّارة البرتقال كما إصبعين بكفّ
وفي مثل جلسةِ سِنْوَارَ قَرْفَصْتُ فوق الأريكة
عند الخرائب… عند المقابر…
بي ما به من وجيعة حزن كأنِّيَ أنتظر الشهداء وحتفي
كقصبة في الريح”ا( المشاكس عمر دغرير)”
تقولُ انتظرْتها ,
وهي في ساحة الحربِ ظلتْ تواجهُ الغزاة ,
وكنتَ تختبِي في الخلفِ …
“””””””””””””””””””””””””
وكانتْ في زيها العسكري
بين الرجال تمسكُ بالرشاشِ
وتطلقُ النار على أعدائها فتصيبُ أكثر منْ ألفِ …
“””””””””””””””””””””””””””
وفوقَ الأريكة كنتَ ترتعدُ
وحين طائرة العدو فاجأتكَ,
لمْ تقو على رمْي عصاكَ منْ شدة الخوفِ …
“””””””””””””””””””””””””””””
فلا تذكرْ جلسة السنْوار أمامها ,
ولا تدّعي البطولاتِ, وسُعدى تعرفُ
أنكَ بارعٌ في خوْضِ الحروباتِ فقطْ بالحرفِ …