في مثل هذا اليوم8 ديسمبر1947م..
اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية تعقد اجتماعًا حضره رؤساء حكومات الدول العربية وذلك لإحباط قرار تقسيم فلسطين والحيلولة دون قيام دولة إسرائيل.
المندوب السعودي في الأمم المتحدة على سبيل المثال وصف مشروع القرار خلال المداولات قائلا: “من الاستبداد أن تتدخل منظمة دولية لتقسيم بلد من أجل تقديم جزء منه إلى المعتدي”.
قرار تقسم فلسطين والذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر عام 1947، نص على إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وأوصى بإقامة دولتين على الأراضي الفلسطينية، دولة يهودية وأخرى عربية.
اللافت أن رالف بنش الدبلوماسي الأمريكي من أصول إفريقية وضابط الاستخبارات السابق وكان عمل في تلك الفترة مساعدا للأمين العام للأمم المتحدة، للاتصالات مع اللجنة الخاصة بفلسطين “أونسكوب “، وهو أيضا معد خطتي التقسيم، كان غير راض عن كلتيهما وكتب إلى زوجته بهذا الشأن يقول إن “هذا النوع من المشاكل ليس له حل مرض”.
الأمم المتحدة كانت اقترحت في تلك المناسبة الشهيرة والمفصلية وضعا دوليا لمدينتي القدس وبيت لحم بالنظر إلى وجود مواقع دينية مهمة فيهما. وبحسب تلك الخطة، تتكون كلتا الدولتان من ثلاثة أقسام كبيرة لكل منهما، وقد تم ربطها بممرات من خارج الحدود الإقليمية.
كان من المقرر أن تقام الدولة اليهودية على السهل الساحلي بالقرب من مدينة حيفا إلى مستوطنة “رحوفوت” التي كانت أقيمت على أراضي قرية ديرا الفلسطينية في الجزء الشرقي من الجليل، بما في ذلك بحيرة طبريا، ومن النقب إلى أم رشراش التي تعرف اليوم باسم إيلات.
الدولة العربية كان من المقرر أن تتكون من الجليل الغربي مع مدينة عكا، والمناطق الجبلية في الضفة الغربية، والساحل الجنوبي لمدينة المجدل، عسقلان حاليا، وشمالا قطاع غزة، علاوة على شريط صحراوي على طول الحدود مع مصر.
خطة التقسيم في البداية دعت إلى إدراج مدينة يافا، ذات الأغلبية العربية من السكان في الدولة اليهودية، إلا أنه تم تغيير الخطة قبل بدء تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على المشروع، وأصبحت يافا جيبا ضمن الدولة العربية المقترحة.
القادة العرب في ذلك الوقت علاوة على جامعة الدول العربية والهيئة العربية العليا المنبثقة عنها، واجهوا خطة الأمم المتحدة للتقسيم برفض قاطع، وتعهدوا بأنهم سيبذلون قصارى جهدهم لمنع تنفيذها.
قادة العرب كانوا يعدون تلك الخطة انتهاكا لحقوق غالبية السكان الفلسطينيين، وكانوا يشكلون في ذلك الوقت نسبة 67 بالمئة، ووصفت الخطة التي اقترحتها الأمم المتحدة بأنها كارثة، وتركزت الانتقادات العربية على حجم ونوعية الأراضي التي خصصت لإقامة الدولة اليهودية.
من الجانب اليهودي، رحبت الأغلبية بالخطة المقترحة من قبل الأمم المتحدة، باستثناء أقلية متطرفة، حتى أن يوم صدور قرار التقسيم في 29 نوفمبر لا يزال يعد بالنسبة للكثيرين في إسرائيل تاريخا هاما يتم الاحتفال به.
الجدير بالذكر أن اللجنة الدولية الخاصة بفلسطين والتي عملت في الفترة من 28 أبريل إلى 31 أغسطس 1947، ودرست مختلف جوانب المجتمعين العربي واليهودي في فلسطين، كانت قدمت توصياتها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في شكل خطتين مختلفتين.
الخطة الأولى، اقترح فيها إقامة دولة اتحادية فلسطينية مع مقاطعتين متمتعتين بالحكم الذاتي نسبيا، يهودية وعربية، وعاصمتها القدس. تم تحديد مهلة ثلاث سنوات لإقامة هذا الاتحاد.
الخطة الثانية، واقترحت من خلالها اللجنة الخاصة بفلسطين إقامة دولتين، عربية ويهودية مستقلين وذات سيادة على أراضي فلسطين. وتم تحديد عامين لإنجاز هذه المهمة، فيما تم في هذه الخطة نقل إدارة فلسطين إلى لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة، وكان من المقرر أن تصبح القدس مدينة مستقلة تحت الحكم الدولي.
تم تكوين جامعة الدول العربية في القاهرة يوم 22 مارس 1945 بسبعة أعضاء مؤسسين هم: مصر، والعراق، وشرق الأردن (أعيد تسميتها الأردن بعد الاستقلال عام 1946)، ولبنان، والسعودية، وسوريا واليمن.
1945–48
عند نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، كان العرب الفلسطينيين بدون قيادة. وقد كان مفتي القدس، الحاج أمين الحسيني، في المنفى منذ عام 1937، وأمضى سنوات الحرب في أوروبا المحتلة، متعاوناً بنشاط مع القيادة النازية. وكان قريبه جمال الحسيني في رودسيا الجنوبية أثناء الحرب. وعندما انتهت الحرب، فر أمين الحسيني إلى مصر، ثم انتقل إلى لبنان في عام 1959؛ توفي في بيروت في 4 يوليو 1974.
في نوفمبر 1945 أعادت الجامعة العربية تأسيس اللجنة العربية العليا كهيئة تنفيذية عليا للعرب الفلسطينيين في أراضي الانتداب البريطاني على فلسطين. واعترفت فوراً دول الجامعة العربية الست آنذاك باللجنة؛ حكومة الانتداب اعترفت باللجنة الجديدة بعدها بشهرين. بيد أن اللجنة تفككت بسبب القتال، وفي يونيو 1946 فرضت الجامعة العربية على الفلسطينيين التنفيذية العربية العليا، أعيد تسميتها الهيئة العربية العليا في عام 1947 مع تعيين أمين الحسيني (كان يعيش آنذاك في مصر) رئيساً لها وجمال الحسيني نائباً للرئيس.
في 2 ديسمبر 1945 أعلن مجلس الجامعة العربية رسمياً مقاطعة أي شركة مملوكة يهودياً عاملة في فلسطين الانتدابية: «إن المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين غير مرغوب فيها في البلاد العربية؛ لأن إباحة دخولها للبلاد العربية تؤدي إلى تحقيق الأغراض السياسية الصهيونية».
في مقابلة في إحدى مقالات أخبار اليوم في 11 أكتوبر 1947، قال عزام باشا أمين عام الجامعة العربية حسب ما ورد “أنا شخصياً أتمنى أن لا يقودنا اليهود إلى هذه الحرب، بما أنها ستكون حرب إبادة ومجزرة بالغة الأهمة سيتم التحدث عنها مثل المذابح المغولية والحروب الصليبية. الجزء الثاني من هذه الجملة، دون التنبيه إلى أنه يأمل في تجنب الحرب ومؤرخة بشكل غير صحيح في 15 مايو 1948 (أي بعد يوم من إعلان استقلال إسرائيل)، أصبحت تعرف باسم اقتباس عزام باشا بعد أن تم نشرها على نطاق واسع باللغة الإنجليزية باعتبارها دعاية معادية للعرب.
عارضت الجامعة العربية بشدة أي محاولة لإقامة دولة يهودية وعملت جاهدة على إحباط أي تقسيم لفلسطين. عندما اعتمدت خطة الأمم المتحدة حول فلسطين في القرار 181(2) من قبل الجمعية العامة بتاريخ 29 نوفمبر 1947، رفضت بالإجماع من جانب الجامعة العربية وجميع أعضاءها ومن قبل زعماء المتجمع العربي، بما في ذلك اللجنة العربية الفلسطينية.
الجمعة، 14 مايو، قبل يوم من انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين (اليوم التالي سيكون الشبات)، اجتمع مجلس الشعب اليهودي في متحف تل أبيب، وأقر بإعلان إنشاء دولة يهودية في أرض إسرائيل، سيصبح اسمها دولة إسرائيل. وفي اليوم التالي نسق أعضاء الجامعة العربية السبعة، العراق، وسوريا، ولبنان، وشرق الأردن، ومصر، والسعودية، واليمن مسيرة لقواتهم إلى ما كان في اليوم السابق الانتداب البريطاني، إيذاناً ببداية الحرب العربية الإسرائيلية 1948.!!
١