في مثل هذا اليوم 13 ديسمبر1996م..
انتخاب الدبلوماسي الغاني كوفي أنان أمينًا عامًا للأمم المتحدة خلفًا لبطرس بطرس غالي على أن يتسلم مهامه في بداية عام 1997.
أصبح كوفي عنان (من غانا) الأمين العام السابع للأمم المتحدة، بعد أن شغل قبل ذلك منصب وكيلا للأمين العام لشؤون عمليات حفظ السلام. فتسلم المنصب ليضيف ثروة من الخبرة والخبرة الفنية التي اكتسبها طوال ما ينوف على ثلاثين عاما من الخدمة في المنظمة العالمية. والسيد كوفي عنان، الغاني الجنسية، والذي يتحدث الإنكليزية والفرنسية وعدة لغات أفريقية بطلاقة، عينته الجمعية العامة في 17 كانون الأول/ديسمبر لشغل هذا المنصب للفترة من 1 كانون الثاني/يناير 1997 إلى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2001.
وقد شغل السيد عنان بالأمم المتحدة مناصب متنوعة تنوعا ملحوظا، فهي لا تركز على مسائل التنظيم – الإدارة والميزانية والمالية وشؤون الموظفين – فحسب وإنما تشمل أيضا قضايا اللاجئين وحفظ السلام. كما اضطلع بعدد من المهام الدبلوماسية الحساسة، شملت التفاوض من أجل عودة أكثر من 900 من الموظفين الدوليين إلى أوطانهم، وإطلاق سراح الرهائن الغربيين في العراق عقب غزو ذلك البلد للكويت في عام 1990؛ وبدء المناقشات بشأن صيغة “النفط مقابل الغذاء” للتخفيف من الأزمة الإنسانية في العراق؛ والإشراف على عملية الانتقال من قوة الأمم المتحدة للحماية في يوغوسلافيا السابقة إلى قوة التنفيذ الدولية بقيادة منظمة حلف شمال الأطلسي عقب إبرام اتفاق دايتون للسلام في عام 1995.
وهذه الخبرة المكينة بالتنظيم وبشؤون حفظ السلام – وهما مجالان عظيما الأهمية لمستقبل المنظمة في مرحلة حرجة من وجودها – يكملها الالتزام القوي للأمين العام الجديد تجاه التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. وكما أعلن في خطاب له أمام الجمعية العامة عقب تعيينه، “لا بد من ظهور مفهوم جديد للسلم والأمن”. وقال إن العالم قد بدأ يسلم بأن الصراع له جذور كثيرة وأن السلم يقوم على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وأن “عدم التسامح والظلم والقهر – وما يترتب عليها من آثار – لا تعرف الحدود الوطنية”. وتابع حديثة على نفس الغرار قائلا “إننا ندرك الآن أكثر من أي وقت مضى أن التنمية الاقتصادية المستدامة ليست مجرد مسألة مشاريع وإحصاءات. بل هي قبل كل هذا مسألة تتعلق بالناس – الناس أنفسهم واحتياجاتهم الأساسية: الغذاء والملبس والمأوى والرعاية الطبية”.
والسيد عنان بصفته أول أمين عام يأتي من بين صفوف موظفي الخدمة المدنية الدولية وقد خدم في أديس أبابا والقاهرة وجنيف والإسماعيلية (مصر) وبمقر الأمم المتحدة في نيويورك، له معرفة وثيقة بأنشطة المنظمة في الميدان، وعلى مستوى القاعدة، وكذلك بآراء الموظفين على جميع المستويات وفي مراكز العمل في جميع أنحاء العالم.
المناصب التي شغلها
في الآونة الأخيرة، أي في الفترة من 1 آذار/مارس 1993 حتى تعيينه أمينا عاما – باستثناء الفترة من 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 إلى آذار/مارس 1996، التي كان فيها ممثلا خاصا للأمين العام في يوغوسلافيا السابقة – تقلد السيد عنان منصب وكيل الأمين العام لشؤون عمليات حفظ السلام، وشغل لمدة عام قبل ذلك منصب الأمين العام المساعد لشؤون عمليات حفظ السلام. وفي هذه المناصب عمل على صياغة نهج جديدة للتعامل مع الأوضاع المعقدة التي اتسمت بعدم اليقين والتي سادت عالم ما بعد الحرب الباردة والذي شهد مستويات لم يسبق لها مثيل من التعاون الدولي، فضلا عن انتشار الصراع على نطاق واسع أزكت ناره تأكيدات عنيفة للهويات القومية والعرقية. وطوال هذه الفترة المتقلبة، عمل السيد عنان على تقوية قدرة المنظمة على الاضطلاع ببعثات حفظ السلام التقليدية والعمليات المتعددة المهام على السواء، وعلى الاضطلاع بمهام جديدة في مجال السلم والأمن الدوليين مثل “الانتشار الوقائي”.
ولمسايرة النمو الكبير في عدد العمليات – حيث أنشئ 26 من الـ 41 عملية التي يضمها تاريخ الأمم المتحدة بعد عام 1989، وأنشئ أغلبها بعد عام 1993 – أشرف السيد عنان على إنشاء “مركز العمليات” الذي يرصد عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام على مدار الساعة. كما ركز على تعزيز تأهب المنظمة للاضطلاع بعمليات حفظ السلام، فناشد الدول الأعضاء أن تضطلع بالتزامات بشأن وضع “ترتيبات احتياطية” لتوفير القوات والمعدات والموارد الأخرى. وحتى 30 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، كانت 62 دولة عضوا قد أكدت استعدادها لتوفير موارد احتياطية يبلغ مجموعها حوالي 000 80 فرد.
وقد عمل السيد عنان أيضا مع الدول الأعضاء على تحسين “زمن الاستجابة” باتخاذ خطوات من أجل إنشاء مقر للبعثات المتأهبة للانتشار السريع، تخصص له أمانته وأفراده الآخرون، ومن المتوقع أن يبدأ عمله في أوائل عام 1997. ولضمان استيعاب وتطبيق الدروس المستفادة من تجارب حفظ السلام، سواء كانت ناجحة أو غير ذلك، أنشأ السيد عنان وحدة “الدروس المستفادة” داخل إدارة عمليات حفظ السلام. وسيتم عما قريب توسيع نطاق أنشطة الوحدة ليشمل الدروس المستفادة من الإدارات الأخرى – بما في ذلك إدارات الشؤون السياسية والشؤون الإنسانية وشؤون الإعلام – في مجال السلم والأمن
كما أكد السيد عنان، بوصفه الأمين العام، التزامه بالدخول في حوار مع الدول الأعضاء بشأن أفضل استخدام ممكن لأدوات حفظ السلام، والدبلوماسية الوقائية، وبناء السلام بعد انتهاء الصراع.
وسجل الأمين العام في مجال التنظيم واسع النطاق بنفس القدر، وما برح السيد عنان يشارك عن كثب في كامل نطاق المسائل التي تتصدر حاليا الجهود الرامية إلى إصلاح المنظمة وترشيدها وهما يمثلان أولوية يتوقع أن يعين لها مستشارا خاصا في إطار مكتبه. ومن بين المناصب التي تقلدها في الأمم المتحدة في مجال التنظيم منصب الأمين العام المساعد لتخطيط البرامج والميزانية والمالية والمراقب المالي (1990-1992)؛ والأمين العام المساعد في مكتب إدارة الموارد البشرية ومنسق الأمن لمنظومة الأمم المتحدة (1987-1990)؛ ومدير الميزانية في مكتب الخدمات المالية (1984-1987)؛ ونائب مدير شؤون الإدارة ورئيس شؤون الموظفين في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنيف (1980-1983). وقد استهل السيد عنان عمله في الأمم المتحدة في عام 1962 كموظف إداري وموظف ميزانية في منظمة الصحة العالمية في جنيف.
ويعتزم السيد عنان، بوصفه الأمين العام، أن يركز بصفة خاصة على تحقيق توافق في الآراء فيما بين الدول الأعضاء بشأن الدور الذي ينبغي للأمم المتحدة أن تضطلع به في ميادين نشاطها العديدة. وكما قال في المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب تعيينه، “إننا بحاجة إلى تشجيع الدول الأعضاء على المحافظة على إرادة مستمرة لدعم المنظمة”. وأضاف قائلا إنه من المهم بالقدر ذاته ضرورة “إزالة الغموض الذي يكتنف الأمم المتحدة وعدم جعلها بهذه الدرجة من البيروقراطية والبعد عن إدراك الشخص العادي. وينبغي علينا أن نجعل المنظمة أقرب إلى عامة الناس”. ومن بين أولويات السيد عنان الرئيسية الأخرى القيام بمبادرات رئيسية لحل الأزمة المالية التي تعاني منها المنظمة.
وقد اضطلع السيد عنان، بالإضافة إلى مناصبه العادية، بعدد من المهام الخاصة. ففي الفترة من 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 إلى آذار/مارس 1996، عمل ممثلا خاصا للأمين العام ليوغوسلافيا السابقة.
وعمل في هذا السياق مبعوثا خاصا لدى منظمة حلف شمال الأطلسي. وقام بهذه الصفة، عقب توقيع اتفاق دايتون للسلام في كانون الأول/ديسمبر 1995، بتنسيق دور الأمم المتحدة في تحقيق انتقال سلس في البوسنة والهرسك من قوة الأمم المتحدة للحماية في البوسنة والهرسك إلى قوة التنفيذ المتعادلة الجنسيات بقيادة منظمة حلف شمال الأطلسي. كما أشرف على إنشاء عمليات حفظ السلام الثلاث التي تلت ذلك في يوغوسلافيا السابقة.
وعقب قيام العراق بغزو الكويت، في عام 1990، أوفد الأمين العام السيد عنان إلى العراق لتيسير عودة أكثر من 900 من الموظفين الدوليين إلى أوطانهم ولإجراء مفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن الغربيين. وأثناء وجوده هناك، ساعد السيد عنان على تركيز الاهتمام على محنة أكثر من 000 500 من الآسيويين كانوا محصورين في العراق والكويت بسبب اندلاع الأعمال الحربية. وفي وقت لاحق، كان السيد عنان هو أول من شجع حكومة العراق على مناقشة مسألة بيع النفط لتمويل مشتريات المعونة الإنسانية، وترأس أول فريق للأمم المتحدة للتفاوض مع العراق لتحقيق هذه الغاية. وقد أثمرت تلك المبادرة منذ ذلك الحين اتفاق عام 1996 بين حكومة العراق والأمم المتحدة بشأن تنفيذ صيغة “النفط مقابل الغذاء” وفقا لقرار مجلس الأمن 986 (1995).
وإلى جانب مناصبه الرسمية، شارك السيد عنان طويلا في مجالات التعليم ورعاية وحماية الموظفين الدوليين. وأسهم في عمل مجلس التعيين والترقية والفريق الرفيع المستوى للاستعراض (وقد رأس كليهما)؛ وفي المجلس الإداري والتنظيمي والمالي؛ وفي فرقة عمل الأمين العام المعنية بحفظ السلام؛ وفي الصندوق المشترك للمعاشات التقاعدية لموظفي الأمم المتحدة. كما عمل رئيسا لمجلس أمناء المدرسة الدولية للأمم المتحدة في نيويورك (1987-1995) ومحافظا للمدرسة الدولية في جنيف (1981-1983).
تعليمه
درس السيد عنان في جامعة العلوم والتكنولوجيا في كوماسي بغانا، وأكمل دراسته الجامعية في الاقتصاد في كلية ماك ألستر في سانت بول، مينيسوتا (1961). وفي الفترة من 1961 إلى 1962، أجرى دراسات عليا في الاقتصاد بالمعهد الجامعي للدراسات العليا الدولية في جنيف. وكحاصل على زمالة “سلون” في الفترة 1971-1972 في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، نال درجة ماجستير العلوم في الإدارة. وقد ترك السيد عنان العمل بالأمم المتحدة مدة عامين، من 1974 إلى 1976، شغل خلالها منصب مدير عام الشركة الغانية لتنمية السياحة، حيث عمل في وقت واحد في مجلس إدارتها وفي مجلس مراقبة السياحة الغاني. ويعمل الأمين العام حاليا في مجلس أمناء كلية ماك ألستر، التي منحته في عام 1994 جائزة الخدمة المتميزة للأمناء تكريما له لجهوده في خدمة المجتمع الدولي. وهو أيضا عضو في مجلس أمناء معهد المستقبل، في مينلو بارك بكاليفورنيا.
جائزة نوبل
وقع الاختيار على الأمم المتحدة وأمينها العام، كوفي عنان، تقديرا “… لعملهما من أجل أن يكون عالمنا أكثر انتظاما وتمتعا بالسلام”. وذكرت لجنة جائزة نوبل النرويجية كذلك أن الأمم المتحدة هي “اليوم منظمة تقف في طليعة الجهود المبذولة لتحقيق السلم والأمن في العالم، ولحشد الإمكانيات الدولية التي تهدف إلى الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية العالمية”. وقال الأمين العام، كوفي عنان، في الكلمة التي أعلن فيها قبوله للجائزة، “يتعين، فوق كل اعتبار، السعي من أجل إحلال السلام، لأنه الشرط الضروري لكي يتمكن كل عضو من أعضاء الجماعة البشرية من العيش بكرامة والتمتع بالأمن”
لمحة شخصية
السيد عنان من مواليد 8 نيسان/أبريل 1938، في كوماسي، غانا. وهو متزوج من ناني عنان، وهي محامية أصلا وفنانة حاليا، ولديهما ثلاثة أولاد.
توفي كوفي عنان في 18 آب/أغسطس 2018 في برن، بسويسرا، عن عمر يناهز الـ 80عام.!!!!!!!!!!!!!!