في مثل هذا اليوم 24 ديسمبر 1610م..
التوقيع في لاهاي على أول اتفاقية بين المغرب وهولندا.
تم التوقيع على أول اتفاقية مغربية – هولندية في لاهاي يوم 24 ديسمبر 1610 م، بعد أن أرسل المغرب في عهد السعديين سفيرا له إلى لاهاي عام 1609م. وبذلك كان المغرب أول دولة تعترف بالمناطق السبع لصالح هولندا. وكانت قضايا سلامة المواصلات البحرية وتنشيط التجارة أهم ما ميز هذه العلاقات. رونالد جيرار ستيكر.
كان الأوروبيون يعانون من سيطرة الإسبان على مضيق جبل طارق، وبعد الانتصار الذي حققه المغرب في معركة وادي المخازن سنة 1578 سارع الأوربيون لتوطيد علاقاتهم مع المغرب. وبعد تحقيق الهولنديين استقلالهم السياسي من إسبانيا بعد نشوب حرب الثمانين عاما، تمكنت عدد من الطوائف البروتستانتية من اكتساب أراض في المحافظات السبع عشر. وكان لابد لهذه العداوة والكره للإسبان أن تقرب بين المغرب وهولندا، خصوصا وأن المغرب بات يأوي الآلاف من الأندلسيين اللاجئين. وبعد التحالف الهولندي الإنجليزي وشن حرب على إسبانيا، استغل الهولنديون وجود أسير مغربي لديهم والذي كان من أعيان فاس، أسروه خلال حصارهم لمدينة قادش قبل ثلاثة أشهر خلت، أطلقوا سراحه وأرسلوه إلى المغرب يوم 15 أكتوبر 1596 كبادرة حسن نية، وكتبوا إلى مولاي أحمد المنصور رسالة بينوا فيها أسباب عداوتهم للإسبان واستعدادهم لحربهم. وتشير بعض الوثائق إلى أن هولندا عرضت على مولاي أحمد المنصور قبل هذا التاريخ، غزو إسبانيا. وذلك عن طريق ابن دون أنطونيو، إلا أن خلافات في وجهة النظر بين قواد الأسطول العسكري الهولندي – الإنجليزي حالت دون تحقيق ذلك. وكان المغرب متابعا عن كثب للصراع الهولندي السباني، لدرجة أن أحمد المنصور كان يهلل لأي انتصار للهولنديين على الإسبان، حيث شاركت البحرية المغربية في دعم القوات الهولندية في حرب الثمانين سنة. في ابريل ومايو 1605، سافر بيتر مارتين كوي إلى آسفي في المغرب وإلى الجزائر وبحوزته 135 أسير مسلم، أتراك ومغاربة، الذين حررهم الهولنديين بعد اشتباكهم بالبحرية الإسبانية. وابتداءً من سنة 1605، أصبح بيتر مارتين كوي ممثل الولايات العامة الهولندية في مراكش.
بداية العلاقات الرسمية
تفاوض السفير المغربي الحجري مع الأمير موريس أمير أورانج، رئيس جمهورية هولندا، حول تحالف بين البلدين.
وفي سنة 1608، بدأ السلطان المغربي الجديد المولى زيدان، بالتجهيز لمعاهدة صداقة مع الأراضي المنخفضة، فأرسل العديد من المبعوثين هناك، مثل القائد حمو بن البشير وصمويل بالاش وقاسم بن محمد الغساني، وأحمد بن قاسم الحجري ويوسف بيسكاينو، الذين قدموا مذكرة تحدد رغبات السلطان في لاهاي عام 1609م. وبلغت في عهد السلطان زيدان الناصر كمية ونوعية مشترياته من الأسلحة من هذه الدولة الهولندية إلى آلاف القطع الحربية والمعدات من بنادق وخراطيش ومدافع وعربات و حتى 3 فرقاطات، هذه المقتنيات الأخيرة كانت من الأسباب التي جعلت فيليب الثالث ملك إسبانيا يصدر قرار طرد الموريسكيين في 9 أبريل 1609.
وتم التوقيع على أول اتفاقية بين المغرب وهولندا في لاهاي بتاريخ 24 ديسمبر 1610 م، وكانت بذلك أول معاهدة مبرمة بين دولة عربية ودولة أوربية، تم توفير شروط رواج التجارة الهولندية في المغرب وضمان حرية ملاحة السفن التجارية والحربية الهولندية في الموانئ المغربية ، مقابل السماح للسفن المغربية بالإبحار واستعمال الموانئ الهولندية، وقد كلفت كل دولة لنظيرتها حرية التجارة، وعدم تصادم مراكب البلدين في البحر وعدم نهب وبيع قراصنة المغرب للسفن الهولندية في أسواق المغرب. وترأس هذه السفارة الأخيرة القائد أحمد بن عبد الله إلى روتردام في نفس المركب الذي سافر فيه حمو بن البشير، وقد رافقه صامويل بالاش وكذلك الترجمان موشى بالاش وقد استقبل السفير من طرف مجلس الولايات العامة بحضور الأمير.
وقد وعدت هولندا بترميم الموانئ المغربية التي سترسوا سفنها فيها، بما فيها العرائش، لكن تخوف السلطان من الأطماع الأوروبية في هذا الميناء، خصوصا الإسبان، الذين كانوا يتفاوضون مع أخيه الشيخ المأمون تسليمهم العرائش مقابل دعم رجوعه للعرش، جعل السلطان زيدان يتراجع عن قراره المتعلق بالسماح للسفن الهولندية الإرساء في ميناء العرائش، حفاظا على شرفه وسمعته من تهمة الخيانة.
ورغم اختلاف الأهداف الإستراتيجية ، كان مولاي زيدان يرمي من جهة إلى توطيد أركان ملكه والقضاء على معارضيه ومناوئيه، كالعياشي و ابن أبي محلي ومن إخوته، أبو فارس والشيخ المأمون وابن أخيه عبد الله، والأسبان الذين كانوا أعداءه بامتياز، فإن الحكومة الهولندية كانت ترمي ، بالإضافة إلى الربح المادي، منع العدو التاريخي لهولندا، وهم الإسبان، من وضع قدمهم بالمغرب.
كرر السلطان طلبية سلاح أخرى عام 1621م/ 1031 هـ، وكانت عبارة عن فرقاطتين، وتم تصنيعهما وإرسالهما عام 1622م، ولكنهما وصلتا إلى مياه إنجلترا وعادتا لعدم استطاعتهما مواجهة أمواج المحيط. وتلت هذه الاتفاقيات معاهدات أخرى بين الطرفين في الأعوام 1683 – 1692 – 1730 – 1752 – 1791م…
وخلال القرنين السابع والثامن عشر أقام القناصل الهولنديون في أسفي و سلا و تطوان والعرائش والصويرة و طنجة إلى جانب جالية من التجار التي كانت تمارس نشاطها التجاري وطقوسها الدينية بكل حرية.!!