قراءة نقدية مزدوجة: “القصيدة بين اليقين والشك”
فقرة جمع بصيغة المفرد(مبدع/ مشاكس/ ناقدة )
المبدع حمد حاجي (تونس)
القصيدة :”ليلة القدر”
المشاكس:عمر دغرير(تونس)
القصيدة:” في ليلة القدر غاب الكلام عن الفم”
الناقدة : جليلة المازني (تونس)
القراءة النقدية المزدوجة:
” القصيدة بين اليقين والشك”
أ المشترك بين الابداع والمشاكسة:
– الاطار الزماني: رمضان / ليلة القدر.
– التناص المعجمي .
– الحبّ.
ب – المختلف بين الابداع والمشاكسة:
1 المبدع حمد حاجي :”القصيدة والعشق اليقين”
التصدير:
يا ابنة النور إني أنا وحدي// من رأى فيك روعة المعبود (الشابي).
استهل المبدع قصيدته باستخدام أسلوب انزياحي دلالي قائم على التشبيه فشبه غفوة صورة الحبيبة بجفنه بالحلم الذي سرعان ما يستفيق منه النائم وقلبه يحاول يمسك ألوان صورتها وكل جوارحه يقظة.
بين الغفوة واليقظة وبين الحلم والحب يهتز المبدع شوقا .
ويبلغ به الشوق فيكتفي باستحضار روحها واستقدام طيفها وهو في تناغم مع
قدسية الاطار الزماني الذي اختاره وهو رمضان .
وكأني بالشاعر قد تحول الحب عنده حبا روحيا وما يقتضيه من روحانيات.
لذلك سخر طقوس العاشق الصوفي ليستقدم روحها فيقول:
ومن الشوق قلت أحاول أستحضر الروح
أستقدم الطيف في رمضان
وبخرت بالشيح والرتم..
وقد كنت عبأت مخلاتيا بالغلال
فموز على برتقال..
وجئت بصينية وكؤوس معبّأة بالفواكه والنعم
وكأني بالمبدع يعيش تجربة صوفية روحية في حضرة الله فجمع بين الروحانيات (البخور) والماديات التي ربطها بنعم الله(صينية وكؤوس معبأة بالفواكه والنعم)
انها نعم الله التي يتقرّب بها ليظفر بنعمة استحضار روحها.
انه الحب الروحاني .ولعل القارئ هنا يفيدنا بماهية الحب الروحاني قائلا:
” عشق الروح هو ذاك الحب الروحاني هو ذلك الحب الذي يتجاوز حدود الجسد
والمكان حيث يتواصل القلبان على مستوى أعمق من الوجود المادّي .
إنه الحب الذي ينبع من الروح ويستمرّ رغم البعد والمسافات وكأنه يسكن في الأعماق مرتبط بالطاقة والنوايا الصافية “(1).
إن الطقس الديني الذي سخره المبدع لاستحضار روح الحبيبة جعله يُؤْتى سُؤْلَهُ
وها هي الحبيبة التي أراد أن يستحضر روحها قد جاءت جسدا وروحا:
– جسدا بما تحمله في يدها قصعة الكسكسي/ ومالت علي بطست وكوز من الدسم
– روحا بما أضفاه على مجيئها من قدسية الإطار الزماني ليلة النصف من رمضان فيقول:
وفي لحظة, ليلة النصف جاءت..
وفي يدها قصعة الكسكسي
ومالت عليّ بطست وكوز من الدسم..
هذا المزج بين الروحي والمادي يتواصل معه فيرى روعة الحب الذي تباركه الملائكة ويقارنه بالواقع فيقول:
فما أروع الحب
حتى الملائك حامت تظللنا بالجناح
وكنا كما في قرانا تزف العرائس بالنغم
وكأني بالمبدع بهذا المزج بين المادي والروحي يقرّ بحقيقة الانسان فلا هو مادة فقط ولا هو روح فقط وانما هو التأرجح بين الروحية والمادية.
والمبدع يتحرّك في قصيدته وفق مرجعية دينية فالله خلق آدم من طين ثم نفخ فيه من روحه كما قال تعالى في سورة السجدة الآية (9)” ثم سواه ونفخ فيه من روحه رجع الى آدم”.
والمبدع مسكون بثنائية المادة والروح فيقول :
وخرّ فؤادي لمقدمها..صعقا..
بُهْرة من ضياء..
وكمشة نور بخطوتها تضرب الأرض بالقدم
إنه سخر معجمية في خدمة هذه الثنائية (خر فؤادي/ صعقا/ بهرة من ضياء/ كمشة نور/ بخطوتها/ تضرب الأرض بالقدم).
إن هذه المرأة التي هي” بهرة من ضياء” و”كمشة نور” هي التي سترفع الغشاوة على عيني ذاك الرجل باللوحة المصاحبة .
وباعتبارها رمزا للحب فالمرأة ترتقي بالرجل من زيف حاسة البصر الى حقيقة البصيرة ليقف على حقيقة وجود ه.
والمرأة بنورها هي روعة المعبود التي بعث بها الله الى الرجل لينتشله من ظلام الجسد وزيف الحاسة الى نور الروح وضياء البصيرة لتقذف النور في صدره.
هذه المرأة لن تكون لهذا الرجل جسدا بل حبا روحانيا يكشف له حقيقة الوجود.
وفي هذا السياق قد يتدخل القارئ ليضيف لنا ما قد يفيدنا قائلا بأنه حبّ:
” يدخل فيه مشاعر الحماس الديني ويرتبط بالإرادة .. واذا كان الحب الجسدي سيارة تسير على الأرض فالحب الروحاني طائرة تحلق في السماء ..انه تلك المشاعر غير القابلة للتفسير والفهم التي تجعلك وأنت في حضرة من تحب أنك في حال من التكامل والتوافق.. “(2)
انه حب يتماهى مع” صلوات في هيكل الحب “على حد قول الشابي .
يقول مبدعنا:
ظللت عكوفا على كفها..
راكعا عند حضرتها..
لكأني بجنة ربي وحولي ملائكة بالتهاليل والنعم..
انه يرى نفسه عكوفا على كفها راكعا في حضرتها والعكوف عبادة والركوع لا يكون الاّ في حضرة الله.
هل حبها عبادة على حد قول الشاعر كاظم الساهر حين يجمع بين الحسي والروحي :
حبك يا عميقة العينين// تطرف ,تصوّف , عبادة
حبك مثل الموت والولادة// صعب بأن يعاد مرتين
=== يتبع ===
=== يتبع ===
هذا العشق اليقين المزدوج بين العبادة والحس المادي جعله يطلب منها ضفيرة شعر ليكتب اسميهما في ليلة القدر باللوح المحفوظ فتكون خصلة شعرها قبسا وسراجا من نور يضيء ظلامه ويخلد حبهما .
انها المعشوقة من نور التي ستخرجه من عتمة المادة الى ضياء الروح فتكون له ليلة القدر كولادة جديدة وكحقيقة جديدة حقيقة الانسان العاشق عشقين :العشق الروحاني الصوفي والعشق الانساني المادي. انه يقين العشق زالعشق اليقين
وفي هذاالاطار ما رأي المشاكس عمر دغرير؟؟؟
2- المشاكس عمر دغرير والشك في الحب:
اتخذ كل من المبدع والمشاكس عنوانا للقصيدة يتضمن ليلة القدر.
لئن كانت ليلة القدر لدى المبدع ليلة يقين لولادة جديدة وتحمل حقيقة جديدة فان ليلة القدر لدى المشاكس هي ليلة الشك وبين الشك واليقين بون شاسع.
فالمشاكس جعل ليلة القدر صمتا مطبقا على المبدع حين أعطته سعدى منوّما كي تفحص هاتفه الجوال من وجود أسماء نساء فيقول المشاكس:
وفي ليلة القدر باتت سعاد خائفة
فهي تخشى عليك .
من حضور النساء حتى في الحلم..
وان سقتك في الافطار منوّما
لأنها ترغب في فحص هاتفك في غفلة منك
لعلها تكتشف سرك مع الستات والحرم..
ان المشاكس يحوّل المبدع من عاشق عشقين العشق الروحاني والعشق المادي
الى حبيب مشكوك فيه ويحول حبيبته من حبيبة بيقين القديسة التي يصلي في هيكلها الى حبيبة تشكك في مصداقيته واقعا وحلما.
والمشاكس هنا يطرح قضية اجتماعية تتمثل في الهاتف الجوال ومشاكله على الزوجين.
ويسعى المشاكس أن يرتقي بسعدى التي لم تعثر في جوّاله على اسم امرأة واحدة
فيقول:
ومرّ من الليل أكثر من نصفه
وكنت في غيبوبة
وبين الحين والحين سمعتك تهذي وتئن من الألم..
وكم رقت لحالك حين لم تعثر
في جوالك على اسم امرأة واحدة
غير اسمها وكم أحست بالندم..
والمشاكس من حيث لا يشعر وقد لا يقصد جعل أيقونته سعدى بين عدة مشاعر:
– انها تسببت له بالألم بسبب المنوّم
– انها أحست بالشفقة عليه وأحست بالندم
– انها أحست أنها ظالمة له.
وكل هذه المشاعر تعزّز حبها له.
والمشاكس بدل أن يطفئ نا ر شكوكها ها هو يؤججها و”يوسوس” لها. فيقول:
فماذا لو عرفت أنك تخفي خلف ديلو
اسم دلال راقصة المطعم
وكنت بدلت لبنى بنادر وليلى بهيثم
ويظل المشاكس منتصرا لسعدى وكأني به محقق مع متهم يريد أن يسْتنطقه حين يقارن بين النساء وسعدى فيقول:
وإن كان هاتفك الذي يحوي جميع النساء
يهتز معهن كثيرا
فسعدى اذا وقفت أمامك يغيب الكلام عن الفم.
وهل أكثر من أنه وضعه أمام الدين بتذكيره بأنه أقسم في شهر الصيام بطرد جميع النساء. انه نوع من المحاججة له. يقول:
وفي شهر الصيام كنت ذكرت
بأنك أطردت جميع النساء من قلبك وحلفت بالقسم
وبالتالي فان المشاكس من البداية الى القفلة يشكك في صدق علاقة الحب التي تربطه بسعدى منصّبا نفسه محققا مع المبدع المتهم.
انها ثنائية الاجتماعي والوجداني:
ان المشاكس بطرح قضية مشاكل الهاتف الجوال هو غيور على وجدان سعدى التي ما انفك يناصرها ومن خلالها ينتصر للمرأة في المطلق.
وخلاصة القول لئن كانت قصيدة المبدع مسكونة بيقين العشق الذي أضفته عليه قدسية رمضان و ليلة القدر فان نفس الاطار الزماني جعل قصيدة المشاكس مطبوعة بمسحة من الشك في حب المبدع لسعدى.
ولئن كانت قصيدة المبدع تنحو نحو ثنائية الروحاني و المادي فان قصيدة المشاكس مطبوعة بثنائية الاجتماعي و الوجداني.
سلم القلمان ابداعا ومشاكسة عشقا وحبا يقينا وشكّا.
بتاريخ 19/ 03/ 2025
المراجع:
https://www.facebook.com(1)
عشق الروح هوذلك الحب الروحاني هو…- توأم الشعلة العرب
https://jacob- gh.tumblr.com(2)
الحب الروحاني.
=== يتبع ===
=== يتبع ===
==================القصيدتان ===================
(المبدع حمد حاجي)” ليلة القدر” ..
كما الحلم تغفو بجفنِيَ صورتُها
وفؤادي يُحاول يُمسك ألوانها عند قوس الفراغ
وكل الجوارح لم تَنَمِ..
***************************************
ومن الشوقِ قلتُ أحاولُ أستحضر الروح..
أستقدم الطيف في رمضان؛
وبخّرتُ بالشيح والرّتَمِ..
***************************************
وقد كنت عبّأتُ مِخْلَاتِيَــا بالغلال
فموز على برتقال..
وجئت بصينية وكؤوس معبأة بالفواكه والنعَمِ..
**************************************
وفي لحظةٍ، ليلة النصف جاءت..
وفي يدِهَا قصعة الكُسْكُسِيّ
ومالت عليّ بطَسْتٍ وكوز من الدّسَمِ..
****************************************
فما أروع الحبّ
حتى الملائك حامت تظللنا بالجناح
وكنا كما في قرانا تزفّ العرائس بالنغَمِ..
**************************************
وخرّ فؤادي لمقدمها.. صعقا…
بهرةٌ من ضياء..
وكمشة نور بخطوتها حينما تضرب الأرض بالقدم..
***********************************
ظللتُ عكوفا على كفها..
راكعا عند حضرتها..
لكاني بجنة ربّي وحولي ملائكةٌ بالتهاليل والنعَمِ..
***************************************
وقلتُ لها:
هل تعيريني ضفيرة شعر
لأكتب في ليلة القدرِ اسمك جانبَ اسمي على العرش باللوح والقلم..
*************************************
فقصت ليَا خصلةً عند مفرقها..
ها أنا الان أمشي بها في المسارب..
وضاءةً في كفوفي كما البدر في الظلمِ..
( أ. حمد حاجي)
“”””””””””””””””””””””””””””””””””””
(المشاكس عمر دغرير)”في ليلة القدر غاب الكلام عن الفم”
وفي ليلة القدر بانت سعاد خائفة
فهي تخشى عليك
من حضور النساء حتى في الحلمِ..
“”””””””””””””””””””””””””””””
وإن كانت سقتك في الإفطار منوما
حتى تقضي ليلتك هادئا ,
فوحدها دون كل الأهل لم تنمِ ..
“””””””””””””””””””””””””””
لأنها ترغب في فحص هاتفك
في غفلة منك
لعلها تكتشف سرك مع الستات والحرمِ ..
“”””””””””””””””””””””””””””
ومرّ منَ الليل أكثر منْ نصفه ,
وكنتَ في غيبوبة ,
وبين الحين والحين سمعتكَ تهذي و تئن من الألمِ ..
“””””””””””””””””””””””””””””
وكمْ رقتْ لحالك حين لم تعثر
في جوالك على اسم امرأة واحدة
غير اسمها وكمْ أحستْ بالندمِ ..
“””””””””””””””””””””””””””
فماذا لو عرفتْ أنك تخفي خلف ديلو,
إسم دلال راقصة المطعمِ,
وكنت بدلتَ لبنى بنادر و ليلى بهيثمِ ..
“”””””””””””””””””””””””””
وانْ كان هاتفك الذي يحوي جميع النساء ,
يهتز معهن كثيرا
فسعدى إذا وقفت أمامك يغيب الكلام عن الفمِ ..
“””””””””””””””””””””””””
وتبقى لساعات تنظر حولك هائما ,
فسبحان الله فقط لسانك أمام سعدى
اختفى ولمْ يتكلمِ ..
“””””””””””””””””””””””””
وفي شهر الصيام كنت ذكرت
بانك أطردت جميعَ النساء من قلبك وحلفت بالقسمِ ..






