~الموت يعشق مِثل المحِبّ~
كان حيِيّا لكن قلبه كان حيّا ..
تمشى هي ولا ترفع عينها الى السماء تنغمس بكل انوثتها إلى الأرض..كانت تجمع خصال كل النساء كانت بلقيسا بالأنفة وتشبه بعضا من مريم فى الحياء ..يمشى هو يبحث عن الف عذر وعذر ليلقى السلام السلام ولا كلام …هواتّبع كل الأسباب حتى ينظر اليها.. لكن حضرت الاسباب وغابت الجرأة
قلبه يخفق ولسانه يعجز ..
بالجامعة لا كلام ولا اختلاط إلا مايسمح به العرف ..
عرف بلاد المراة فيها ملكة يصعب الحديث اليها تدفع بعضا من عمرك لقاء كلمة ما اعزّ تلك المراة باهض ثمنها ..
ولكن بعضا من الهدنة فى موقف الحافلات او فى الطريق العمومية..
لم يجرء ..، استجمع قواه واخذ بتلابيب لسانه …فخانه الحرف لكن العين زاغت ونظرت نعم رمى يحيا نظرة خاطفة إرتجف قلبه حياءا ثم طار فرحا فقد عادت النظرة بنبئئ يقين …
يعشق هوذلك الشارع كما عشق كل شوارع وازقة تلك البلدة القديمة التي تنام في اول التاريخ وتستيقظ مع الفجر على اصوات الكنائس ..ودعوات المخبتين فى المساجد.. يعشق بيُوتها التى ارهقها الترحال ولم يهدا لها بال…وهي تتشبث بتلك الايام المجيدة تبحث عنها فى حقول الزيتون والتينْ
يمضي هو فى عشقه بعيدا عنها..حزينْ
يحدث نفسه مايفعل بهذا الحب المغتصب مايفعل بهذا العشق المهدّد مايفعل بنظرة حبّ خائفة لا تهنأ ولا ترتاح …إنه يسير على الاشواك وهي تلوّح له كما بلده بزهرة القرنفل ..
ترى أتكون نهاية الطريق بجمال وشذى القرنفل !؟
ويمضي هناك حيث الصّخرة يدخل خلسة ويرفع راسه الى السماء يبحث عن المدد..
فيتذكر قوله تعالى~ يايحيا خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا~
كانّما يحي يطلب منه الثأر ويطلب منه المشي على نفس الدّرب درب يحيا والحسين المقتول غيلة من بني قومه…
وما اكثر المقتولين غدرا من اخوانهم
يحادث نفسه “كيف لهؤلاء الرّهط ان يرفعوا ايديهم عن ارضنا
كيف لقلوبهم ان تخشع وان ترحم وقد قطعوا راس يحي وفعلوا به مالم يفعله الشيطان..”
يؤرّقه هذا الإسم وتُلهب نظرتُها اليتيمة فؤاده..يتجافى لا يغمض له جفن…
هم يقتلون ويحتلون الارض..
يتمتمُ ليس الآن وقت العشق الآن طريق الموت الى الحرية..
ذلك القلب الرّقيق ابعد عنهم النّوم ارّقهم اخافهم يُطاردونه وتطارده ايضا نظرتها …بين ذاك الجحيم وذلك الشوق يتقلّب هو وقد ذاب فؤاده
كلّما تذكًر طرْفها الجميل يُصيب قلبه..
إلا وأعاد العهد لها ولكلّ صبايا الشام بأن يثأر لقلوبهن ولأنوثتهن الخائفة
يخطّط ويهندس …
العملية الفدائية
العمليات الإستشهادية
يغضب العدو غضبا شديدايطارده يسجنه
يفتح له القدر نافذة من الحرية يتذكرها يهيم بحثا ووجدا يسير فى الشوارع لكنه لا يهتدي لذلك الشارع الذي ترك فيه كل قلبه …
اختلطت كل الشوارع ببعضها وفاحت رائحة الموت …واختلطت التربة بالدماء
لا ملجأ من المقاومة لا ملجأ من الجهاد
لا سبيل للديبلوماسية معهم لا حوار بيننا
ستتكلم البندقية
واخذ العهد بقوّة بقوّة الحب بقوة الشّوق
ليثأر لعينيها..
ثم يجلس على اريكته وتعب الفواد وذاب
وما هدأت له يمينا وما زاغت عن الزناد غدا يلقاها..
بعد ان قاتل بكلّ شجاعة ويرمُق الموتَ وقد احبّه وعشقه فالموتُ يفتح ذراعيه للعاشقين الأوفياء ..
لم تفعل به الرصاصات إلا ان زادته قوة بعد ذلك العناء وزادته بأسا …
اما هم فقد جبُنوا وخافوه ولم يجرأوا على القرب منه وعلى مواجهته..
اما عصاه فكانت على مأرب حسن فقد كانت أخر ما القت يمينه …
قرُبت ساعة اللقاء فرحة عارمة تهزّه الى السماء عيناها تُرسل بريقا خافتا فتصيبه قشعريرة جميلة كالّتى اصابته فى ذلك الشارع فى اول لقاء صامت تحدثت فيه العيون وسكتت الألسُن …
يراها من قريب وهي تحمل زهرة القرنفل ..ويجد شذاها فينزاح عنه الألم يلتفت يمينا يهمس:
امّاه لقد صدق الوعد اني اجد ريحها
يُرجع البصر نحو النافذة ويسمع صوتها وقد طغى على اصوات القنابل والرصاص فى لحن جميل كخرير المياه
تقول له وقد اشاح بوجهه عن هذا العالم وهو جالس على الأريكة ملكا على عرشه
: لقد اوفيْت بالعهد وبدا المشوار
وصار الموت عاشقا وسنوارا