“ترف الانكفاء” في نادي الرواية الأولى: وائل الحفظي يروي قلق البدايات ووعي الكتابة.
محمد نبراس العميسي
ضمن سلسلة اللقاءات الأدبية التي ينظمها نادي الرواية الأولى، استضاف النادي في لقائه الثالث عشر الروائي السعودي وائل الحفظي، الفائز بـجائزة أسماء صديق للرواية في دورتها الثالثة لعام 2025، عن روايته اللافتة ترف الانكفاء، والصادرة عن دار الآداب. الرواية أثارت اهتمام القراء والنقاد بما طرحته من أسئلة وجودية حادة، وما تميزت به من لغة آسرة وتجريبية عميقة.
أدار اللقاء مستشار النادي والروائي إبراهيم المكرمي، وجاء الحوار ثرياً ومتعدد المستويات، حيث تحدث الحفظي عن تجربته في الكتابة، وعلاقته بالرواية، وتكوين رؤيته الإبداعية.
نص الحوار:
س: كيف ترى دور نادي الرواية الأولى في المشهد الثقافي؟
وائل: أراه مبادرة بالغة الأهمية، لأنه يسلّط الضوء على الروايات الأولى التي غالباً ما تُهمل نقدياً، ويوفر مساحة نقدية وآمنة للكُتّاب الجدد. هذا النوع من الأندية يخلق تحولات مستقبلية في الكتابة والوعي القرائي.
س: حدثنا عن بداياتك مع الكتابة؟
وائل: نشأت في بيت مليء بالكتب، وكان لي مطلق الحرية في القراءة. بدأت بمحفوظات القرآن، ثم انجذبت إلى الشعر، وبعده إلى الرواية. الكتابة لدي بدأت من القلق، من أسئلة لم أجد لها جواباً في الواقع.
س: ما الذي ألهمك لكتابة “ترف الانكفاء”؟
وائل: كتبتها مدفوعاً بسؤال: ماذا لو انسحب الإنسان من العالم، لا هرباً منه، بل كموقف مقاومة؟ الرواية ليست عن السجن، بل عن القلق الوجودي، وعن عالم يعيد تشكيل الإنسان كسلعة فاقدة للمعنى والهوية.
س: هل كان السجن في الرواية رمزاً؟
وائل: نعم. السجن ليس واقعاً بقدر ما هو مجاز. روايتي تتحدث عن السجن الداخلي، عن الإنسان الذي أصبح مسجوناً داخل أنماط استهلاكية وأفكار معلبة، وصار الانكفاء شكلاً من أشكال المقاومة.
س: كيف تصف تجربتك مع الجائزة والنشر؟
وائل: لم أتوقع الجائزة، خاصة أنني تقدمت بالمخطوطة دون دار نشر. الفوز بجائزة أسماء صديق كان حدثاً فارقاً، لأنها عرفت الناس بي، ومهّدت لنشر الرواية مع دار الآداب، وهي دار أعتز جداً بالانتماء إليها.
س: اللغة في الرواية كانت عالية ومشحونة بالإيحاء، لماذا؟
وائل: اللغة كانت امتداداً لحالة الشخصية. لم أستطع أن أكتب بلغة مباشرة، فالرواية كانت عن التأمل والصمت والانكفاء الداخلي. احتاجت إلى لغة تمشي على رؤوس أصابعها، هامسة، لكنها دامية.
س: هل هناك رواية ثانية؟
وائل: أكتب، لكن لا أعِد بشيء قريب. الرواية الأولى استغرقت وقتاً طويلاً، وأحتاج الآن أن أعيش تجربة التلقي، لا التكرار. ما أعرفه أنني لا أريد تكرار نفسي.
س: ماذا تقول لمن يكتب روايته الأولى؟
وائل: لا تكتب لتكون كاتباً، بل لأنك لا تستطيع الصمت أمام سؤال داخلي. اقرأ كثيراً، وكن صادقاً. الكتابة ليست بطولة، بل عبء جميل، ووعي يتشكل من القلق والمعرفة معاً.
ختاماً:
جاء هذا اللقاء ضمن برامج نادي الرواية الأولى الرامية إلى تسليط الضوء على التجارب الروائية الأولى، ومنحها مساحة للحوار العميق والمساءلة الجمالية. وائل الحفظي، بهذا الحضور المتأمل، هو أحد الأصوات الجديدة التي تحمل مشروعاً روائياً قلقاً، ناضجاً، ومختلفاً.






