فى مثل هذا اليوم9اغسطس1928م..
مصطفى كمال أتاتورك يطلع المشاركين في احتفال «كلخانه» من حزب الشعب الجمهوري على الحروف اللاتينية المزمع استخدامها في كتابة اللغة التركية تمهيدًا لما عرف بالانقلاب اللغوي.
مصطفى كمال أتاتورك (بالتركية: Mustafa Kemal Atatürk) (19 مايو 1881 – 10 نوفمبر 1938)، أول رئيس للجمهورية التركية (1923 – 1938)، وقائد الحركة التركية الوطنية، والقائد العام للجيش التركي خلال حرب الاستقلال التركية.
كان قائدًا عسكريًا للجيش العثماني خلال الحرب العالمية الأولى. بعد الحرب العالمية الأولى، بدأ ثورة وطنية ضد حكومة الإمبراطورية العثمانية القانونية في القسطنطينية وقوات الحلفاء. في هذا الثورة، تقوى بدعم من ضباط الجيش العثماني والسياسيين والشعب. انتصر في حربه ضد القسطنطينية وقوات الحلفاء، ثم أسس جمهورية تركيا.
واصل التحديث الموجه نحو الغرب الذي بدأته السلالة العثمانية ورجال الدولة العثمانية. بصفته بانيًا للأمة، أنشأ الدولة القومية العلمانية التركية. كان علمانيًا وقوميًا، وأصبحت سياساته ونظرياته معروفة باسم الكمالية. لقد وضع تركيا على طريق أن تصبح دولة جديدة ونامية. لقد بذل جهدًا لجعل بلاده، وهي دولة زراعية فقيرة، مثل الدول الغربية المتقدمة. كانت القومية الاجتماعية والاقتصادية أساسية في سياسته الداخلية. ألهم العديد من القادة مثل أمان الله خان، ورضا بهلوي، وأدولف هتلر، والحبيب بورقيبة، وجمال عبد الناصر، وأحمد سوكارنو، ومحمد علي جناح.
كتب كتبًا عن الإستراتيجية العسكرية، والتعليم والتدريب العسكري، والسياسة، والتربية المدنية، والهندسة الرياضية. احتفظ بمذكرات كتب فيها ذكرياته في جاليبولي، والقوقاز، وكارلسباد. نشر صحيفة مع رفاقه وكتب أعمدة. جمعت جميع كتاباته خلال مسيرته العسكرية والسياسية في مجموعة مؤلفة من 30 مجلدًا من الأعمال المجمعة. كان مهتمًا أيضًا بالتاريخ التركي، واللغة التركية، وعلم الآثار، والفلسفة السياسية، وفلسفة الدين، والتاريخ الأديان، ولديه كتب عن هذه الدراسات في مكتبته الشخصية.
أُطلق عليه اسم أتاتورك (أي: أبو الأتراك) وذلك للبصمة الواضحة التي تركها عسكريًا في الحرب العالمية الأولى وما بعدها وسياسيًا بعد ذلك وحتى الآن في بناء نظام جمهورية تركيا الحديثة.
الانقلاب اللغوي: هو مصطلح أطلق بشكل عام على الفترة التي تم الاعتراف فيها بقانون الحروف التركية الجديدة برقم 1353 وتاريخ 1 نوفمبر 1928م. في تركيا، وتم تطبيقة. وبمقتضى هذا القانون تم إقرار استخدام الحروف اللاتينية بدلاً من الأبجدية العثمانية التي كانت مستخدمة بما يوافق اللغة التركية.
فالأتراك قد استعانوا منذ القرن العاشر بالأبجدية العربية والدين الإسلامي (التي تعد عنصر لا يمكن استبعاده في الثقافة الإسلامية السابقة) بما يتوافق مع النظام الصوتي للغة التركية.
فعلى مدار 900 عام من تاريخ الدولة، كتبت اللهجات الشرقية واللهجات العثمانية والغربية بالحروف العربية بما يتوافق مع اللغة التركية.واعتباراً من أواسط القرن التاسع عشر، بدأ الشعور في الرغبة لإصلاح الأبجدية في تركيا، حيث انقسمت الاقتراحات للقيام بهذا الأمر اثنين:
المطالبون بإصلاح لغة الكتابة باللهجة العثمانية.
المطالبون بإقرار الحروف اللاتينية.
إن هذا الخط لم يعد كافياً لسد حاجة أصوات اللغة التركية، وكان هذا ما استند عليه دعاة تنظيم الخط العثماني. فالتشتّت الإملائي الناجم عن هذه المشكلة تم ملاحظته بشكل واضح عند نشر الصحف والكتب المدرسية الرسمية. إلا أن الجهود التي بُذِلت في القاموس الأساسي للغة التركية اعتباراً من 1870 م، عملت على تنظيم الموضوع الإملائي.
أسباب تبني الحروف الاتينية
فالانبهار الذي كان يشعر به تجاه الثقافة الغربية والاعتقاد بالتفوق الأوروبي، كان عاملاً أساسياً في الاهتمام الذي حظيت به الحروف الاتينية. فاعتباراً من عام 1850م-1860 م كانت طبقة المثقفين في تركيا جميعها مُلمّة باللغة الفرنسية ويتقنونها؛ لدرجة أنهم يستخدموها في المراسلات والخطابات فيما بينهم. وبانتشار “التلغراف” وتحوله لجزء من الحياة اليومية، انتشرت معه الحروف اللاتينية للغة التركية بالإملاء الفرنسي، وكان هذا الخط يُستخدم معظم الوقت في الإعلانات التجارية والدعاية لمحلات في محيط (بأي أوغلو، وسلانيك وإزمير).
وفي فترة المشروطية الثانية اكتسبت الجهود على تعريف الهوية الدولية لتركيا بشكل منفصل عن الإسلام ثقلاً بين المثقفين المقربين من الاتحاد والترقّي. ولأن الكتابة العربية لا يمكن اعتبارها منفصلة عن الثقافة الإسلامية، فجاءت أهمية ترك هذه الكتابة العربية والتأكيد على معنى علمانية الهوية الدولية لتركيا في نفس الوقت.
وفي الربع الأخير من القرن التاسع عشر بدأت تظهر الكثير من الصحف والكتب في إستانبول والأناضول مطبوعة بالحروف الرومية والأرناؤوطية، حيث حققت إقبالاً عاماً، شجع على تبنّي فكرة إمكانية كتابة اللغة التركية بحروف أخرى غير العربية.
فالاعتراف بالأبجدية الأرناؤوطية ذات الأصول اللاتينية في عام 1908م-1911م، والأبجدية اللاتينية للغة الآذربيجانية في عام 1922 م خلق ردة فعل كبيرة في تركيا.
دأ اهتمام مصطفى كمال بهذا الموضوع منذ أن كان متواجداً في سوريا في الفترة من 1905م-1907م. وفي عام 1922م تحدّث أتاتورك في نفس الموضوع مع الأديبة “خالدة أديب”، حيث قال إن إحداث مثل هذا التغيير يحتاج لإجراءات حازمة.
وعندما وجّه حسين جاهد سؤالاً لأتاتورك في الاجتماع الذي ضم أعضاء الهيئة الصحفية والذي عُقد في سبتمبر عام 1922م، قائلاً: لماذا لا تقر الحروف اللاتينية ؟ أجاب أتاتورك “الآن ليس موعدها”. وفي مؤتمر إزمير الاقتصادي الذي عُقِد في عام 1923م، عرض اقتراح في نفس الموضوع، ولكن رئيس المؤتمر “كاظم قرابكير ” رفض هذا الاقتراح بدعوى أن” إقرار الحروف اللاتينية يضر بالوحدة الإسلامية”. وقد احتل الصراع على هذا الموضوع حيّزاً كبيراً في عالم الصحافة.
وقد قام المجلس القومي التركي الكبير في 28 مايو عام 1928م بإصدار قانون إداري يتم العمل به اعتباراً من الأول من حزيران، ينص على استخدام الأرقام الدولية في الدوائر والمصالح الرسمية. ولم يحدث إصدار هذا القانون رد فعل مهم. وفي نفس الوقت تقريباً صدر قانون تشكيل لجنة لتعديل الحروف. وكانت واحدة من أهم الخلافات في هذه اللجنة، هي مقابلة حرفَي “القاف والكاف” في الكتابة العثمانية القديمة بحرف “q ” ، و” k”” في الكتابة التركية الحديثة، إلا أن أتاتورك رفض هذا الاقتراح واستبعد حرف “q ” من الكتابة التركية الحديثة.
وقد علّق أتاتورك على رأي “فالح رفقي أتاي” الذي كان ضمن اللجنة المنعقدة، والذي قال “إن تطبيق الحروف الجديدة سوف يستغرق فترة من خمسة إلى خمسة عشر عاماً ” قائلاً: ” بل يكفي ثلاثة أشهر، وإلا فلا “ولا نريد أن نضيّع الوقت. وبعد الانتهاء من إعداد الحروف الجديدة قام أتاتورك في 9 أغسطس 1928م بإطلاع المشاركين- في احتفال (كلخانة) من حزب الشعب الجمهوري- عليها، وفي 11 أغسطس تم تعريف العاملين برئاسة الجمهورية ونواب الشعب عليها. وفي 15 أغسطس تم إعلامها لأعضاء هيئات التدريس بالجامعة والأدباء. وفي خلال شهري أغسطس وسبتمر كان أتاتورك قد قام بإعلام الشعب بالحروف الجديدة في مختلف الولايات. وفي نهاية هذه الفترة قاموا بجمع اقتراحات هذه اللجنة اللغوية في قاموس أساسي للتعريف والتوضيح يشمل أيضا الإضافات الجديدة فوق الحروف. وفي الفترة من 8-25 أكتوبر اجتاز كل الموظفون في المصالح والهيئات الرسمية اختبار استخدام هذه الحروف الجديدة.
وقام “سيفن نيشاني” في كتابه الذي أسماه “سوء فهم الجمهورية” بشرح أفكاره حول انقلاب الحروف بشكل أحصائي.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة على طريق محو أمية الكتابة والقراءة التي تم تبنيها كقضية قومية والاهتمام بها بشكل غير عادي، إلا أن نسبة من يجيد القراءة والكتابة الجديدة في الفترة من 1927م-1935م، وفقاً للإحصائيات التي كانت 10,3% من تعداد السكان الترك، يوجد (11,2 من تعداد السكان في عام 1927م لا يجيدون القراءة والكتابة). وتضاعف عدد من يجيدون القراءة والكتابة في الفترة من 1960م-1970م، لتصل إلى 27,2% من إجمالي تعداد السكان. وفي عام 1960م أصبح 40% لا يجيدون القراءة والكتابة. وهذه الأرقام تجعلنا نعتقد بأنه لم يكن الانقلاب اللغوي عاملاً مؤثراً في زيادة نسبة القراءة والكتابة. والانخفاض في نسبة مبيعات الصحف التي تحوّلت كتابتها بالحروف الجديدة، والتي لم تستطع تفاديه على مايقرب من 20 عاماً تقريباً, لم يسبب انخفاضاً في نسبة القراءة والكتابة كما كان يعتقد.
وصدرت الجريدة الرسمية التركية تعليم الأبجدية اللاتينية بتاريخ 3 نوفمبر 1928 تمهيداً لتطبيق اللغة التركية الحديثة.!!