كيف سيكون شكل الاتصال الأول بين البشر والكائنات الفضائية؟ هذا السؤال الذي طالما شغل البشر منذ قرون. حاولت دراسة جديدة تمولها وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” الإجابة عنها.
ووفقا للدراسة التي تناولت البحث عن “حياة ذكية” خارج كوكب الارض ، فإنه من المرجح أن يكون اتصال البشر الأول مع الكائنات الفضائية، اتصالا مع حضارة أكثر تقدما من الناحية التكنولوجية عن حضارتنا الأرضية.
وبحسب الورقة البحثية المنشورة في المجلة العلمية “Acta Astronautica” فإن أسهل طريقة للكشف عن الحضارات خارج كوكب الأرض، تتمثل في البحث عن “البصمات التقنية” أو ما يسمي بالتوقيع التقني، كدليل على استخدام التكنولوجيا أو النشاط الصناعي في أجزاء أخرى من الكون.
وكانت “ناسا” أعلنت في يونيو الماضي عن تخصيص مبلغ 287 آلاف دولار أميركي على مدار عامين، قابلة للتمديد، لتمويل الأبحاث الخاصة بالبحث عن أشكال للحياة الذكية في الفضاء .
وجاء إعلان ناسا بعد أن كشفت ورقة بحثية نشرت في مجلة “الفيزياء الفلكية”، عن أنه قد يكون هناك عشرات الحضارات القائمة في مجرة درب التبانة في انتظار أن يتم العثور عليها.
البصمة التقنية
وقال جاكوب حق ميسرا، المؤلف المشارك في الورقة البحثية المنشورة في المجلة العلمية “Acta Astronautica”: “تعتمد فكرة البحث عن البصمات التقنية على التكنولوجيا التي لدينا على الأرض اليوم والامتدادات المحتملة لتقنيتنا في المستقبل”.
وأضاف: “هذا لا يعني بالضرورة أن أي تقنية خارج كوكب الارض يجب أن تكون مثل تقنياتنا، ولكن تخيل الامتدادات المعقولة لمستقبلنا وهو مكان واحد لبدء التفكير في عمليات البحث الفلكية التي يمكننا القيام بها في الواقع للبحث عن البصمات التقنية المحتملة”.
ويقول رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أشرف لطيف تادرس لموقع “سكاي نيوز عربية” إن: “النقاشات حول وجود حضارات فضائية أكثر تقدما من نظيرتها على الأرض يعود إلى سنوات بعيدة إلى الوراء، ولم ينكرها أحد، وإلى الآن تأمل البشرية في اكتشاف تلك الحضارات والتواصل مع سكانها الفضائيين”.
ووفقا لمجلة فوربس، فإن التوقيعات التقنية، التي يعتمد الكثير منها على الشكل الذي قد تبدو عليه الأرض الآن أو في الماضي أو المستقبل، بالنسبة إلى المتفرجين الفضائيين مثل: إشارات الراديو، كرسالة “أرسيبو” التي أرسلها البشر في اتجاه التجمع النجمي الكروي M13 في 16 نوفمبر 1974، ووجود التلوث الصناعي في الغلاف الجوي للكوكب مثل وجود ثاني أكسيد النتروجين أو مركبات الكلوروفلوروكربون الاصطناعية، وكلاهما دليل على وجود حضارة متقدمة تقنيا على الأرض، بالإضافة إلى أسراب الأقمار الصناعية حول الكوكب وهندسة الفضاء العملاقة حول الكواكب الخارجية مثل الدروع الحرارية أو “غلاف دايسون” التي تحصد الطاقة الشمسية من النجم المحلي.
لا يستبعد تادرس وجود حضارة فضائية، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، لكن يعتقد أن العثور على تلك الحضارات والتواصل مع سكانها ينطوي على صعوبات بالغة: “فالمسافات بين النجوم شاسعة، وأقرب نجم إلى الأرض يبعد حوالي 4 سنوات ونصف في حال توجهنا إليه بسرعة الضوء، فما بالك بتلك النجوم التي تبتعد عن الأرض بمئات السنين الضوئية، وهي مسافات تستغرقها المركبات الفضائية في آلاف السنين، والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء عندما يسير بسرعته لمدة سنة كاملة دون توقف، وحيث أن سرعة الضوء هي 300 ألف كيلو متر في الثانية الواحدة، بما يعادل الدوران حول الأرض 7 مرات ونصف، هذا على فرض أن التكنولوجيا التي نمتلكها الآن تُمكننا من التحرك بسرعة الضوء، وهو ما استحال عمليا بعد، يبدو أن الأمر مستحيلا إلى الآن”.
شكل الحياة
ويضيف رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي المصري للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية: “في حال افترضنا وجود حضارة فضائية، فنحن لا نستطيع الجزم بوجود حياة مماثلة كالتي على الارض على هذه الكواكب، بل قد يكون مؤشرا لاحتمال وجود كائنات حية بسيطة ميكروبية أو بكتيرية أو طحلبية أو ما شابه، هذا مع العلم بأن البحث عن حياة شبيهة بكوكب الأرض في الفضاء السحيق تستوجب عدم التسليم بوجود حياة بالمعنى الحرفي الذي نعرفه على سطح الأرض، فإذا كان هناك كائنات ذكية أخرى في هذا الكون، وهو من الأمور المتوقعة أيضا، فليس بالضرورة أن تكون هذه الكائنات من لحم ودم أو حتى تتنفس الهواء وتشرب الماء مثلنا، فقد تكون لهذه الكائنات شكل ومضمون مختلف تماما عن شكل ومضمون البشر”.
ويعود الاهتمام بـ”علم التوقيع التقني” إلى حقيقة أنه يمكن الاستفادة من البيانات التي يتم جمعها بالفعل لأغراض فلكية.
ويتوقع أن يسمح الجيل القادم من التلسكوبات مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي بالبحث للمرة الأولى عما يسمى بالعلامات الحيوية، التي تبحث عن دليل على الحياة على الكواكب الأخرى، وأثناء توصيف الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية سيكتشف افتراضيا وجود مركبات كلوروفلوروكربون أو ثاني أكسيد النيتروجين.
وأثارت البحوث العلمية في السنوات الخمس الماضية أسئلة حول احتمال وجود حياة في كواكب أخرى غير الأرض، وذلك بعد اكتشاف مؤشرات عديدة كتواجد بخار الماء في الغلاف الجوي.
واكتشف الباحثون على مدار الأعوام الـ25 الماضية أكثر من 4 آلاف كوكب خارج نظامنا الشمسي، بما فيها كواكب شبيهة بالأرض، وقد تتمتع بمقومات الحياة.
Discussion about this post