بإرادتهم وبصيرتهم التي أضاءت لهم درب الحياة واجه عدد من المكفوفين في محافظة السويداء ظروف إعاقتهم وأثبتوا حضورهم من بوابة التعليم ونيل الشهادات الجامعية بمختلف الاختصاصات إضافة إلى عملهم الفاعل بالمجتمع.
الشاب ماهر العلي الذي رافقه سلاح الأمل بالقادم لم يثنه كف بصره وهو طفل صغير من عزيمته حيث درس كما ذكر لمراسل سانا في دائرة تعليم الكبار بالسويداء ونال شهادات أهلته للتقدم للثانوية العامة ليكمل بعد نجاحه دراسته الجامعية باختصاص علم الاجتماع والتخرج من الجامعة عام 2018 مبيناً أن دراسته هذا الاختصاص أسهمت بتعزيز معارفه بالمجتمع وتحقيق جزء من الهدف الذي يطمح إليه أي شخص من ذوي الإعاقة البصرية.
والأمل ليس بالعلم لدى ماهر بل بالعمل أيضاً فهو يمارس مهام وظيفية بمشفى مدينة صلخد تتمثل بتدوينه طلبات على جهاز الحاسوب وطباعتها مستعيناً ببرنامج ناطق يلفظ له الكلمات إضافة إلى سعيه حالياً لعمل خاص إضافي بعد انتهاء دوامه كما يحمل موهبة بالعزف على آلة العود ومهارة بإصلاح بعض القطع الكهربائية والإلكترونية الصغيرة منزلياً.
أما الشابة مروة العشعوش فلا تقل عزيمتها عن عزيمة ماهر وإصراره فهي واجهت إعاقتها البصرية التي رافقتها منذ الولادة ونجحت كما ذكرت بمساعدة أهلها بالدراسة حتى الصف العاشر في مدرسة المكفوفين بدمشق ثم تابعت دراستها بالسويداء مع الطلاب الأصحاء من خلال مدرسة خاصة وذلك رغم صعوبة مسألة الدمج إلى أن تقدمت للشهادة الثانوية بشكل حر وحصلت على مجموع درجات ساعدها بتحقيق طموحها والتسجيل في قسم اللغة الإنكليزية بكلية الآداب بجامعة دمشق والتخرج بدورة العام الدراسي 2018-2019.
وتشعر مروة بالسعادة للوصول إلى هذه الدرجة العلمية أسوة بغيرها من المكفوفين تماشياً مع متابعتها العمل حالياً في معهد الصم والبكم وسعيها لتعديل صفتها الوظيفية عند توافر الشاغر المناسب لاختصاصها.
مروة لم يكن تحديها بالعلم والعمل فقط إنما بدخولها قفص الزوجية مع شاب من أصحاب الإعاقة البصرية الجزئية وممارستها لنشاطها المنزلي بكل أريحية مع تلقي الدعم من زوجها والاستمرار كذلك بممارسة لعبة الشطرنج التي حققت عبرها مراكز متقدمة في بطولات الجمهورية.
كما تقدم ميرفت جمول ابنة قرية ريمة حازم عنواناً للتميز بين المكفوفين حيث لم يمنعها فقدان البصر بشكل شبه كامل لمرض أصاب الشبكية لديها وهي بعمر 9 سنوات من متابعة مشوارها بالحياة وإكمال تعليمها وصولاً لنيل الإجازة الجامعية بالأدب الفرنسي عام 2016 حيث قالت “أشعر بأني ملكت الدنيا بشهادتي الجامعية وسعادتي لا توصف”.
ميرفت التي لا يشعر من يراها للمرة الأولى نتيجة شكل عيونها الطبيعي وقدرتها على الحركة والتنقل بأنها كفيفة توظف إجازتها بإعطاء دروس خصوصية بالمنزل لعدد من الطلاب كما تمارس عملاً في ديوان المشفى الوطني.
ماهر ومروة وميرفت نماذج لمكفوفين تحدوا الإعاقة وقالوا نحن موجودون إذاً نحن نستطيع.
Discussion about this post