حكاية ضفدع
تأليف وأشعار
سحر الشامي
المشهد الأول
-غابة فيها أشجار وبعض قطع الثلج هنا وهناك ، وتظهر حيوانات: الأسد، الدب، الغزال، السنجاب، وفي الزاوية ضفدع يجلس حزين.
الحيوانات جميعا : (تدور وتغني)
ولى الخريف وصار الى سراب
والشتاء على الأبواب
ستُروى الأرض بالأمطار
وتخضر الأعشاب والأشجار
ويصبح الماء وفيرا
وتنعم الغابة بالاطياب
فصل الشتاء على الأبواب
فصل الشتاء على الأبواب
الأسد :
الشتاء يا احباب
فصل اللعب والأصحاب
مطر غزير يتساقط
من المطر لن ارتاب
الغزال :
ستمتلئ الأنهار بالماء
وتغدو المراعي خضراء
ويرتوي الصغير والكبير
إنه الشتاء .. إنه الشتاء
الدب :
في الشتاء يقل الجوع
يقل العطش يقل اللوع
ماء وثمار وخضرة
فهل يبقى بعد ذلك موجوع
السنجاب :
الشتاء موسمي
بفرو كثيف احتمي
من بين كل الفصول
للشتاء انتمي .. للشتاء انتمي
الحيوانات جميعا :
ولى الخريف وصار سراب
والشتاء على الأبواب
تخضرّ الأرض بالأمطار
يسقي الأشجار والأعشاب
ويصير الماء وفيرا
وتنعم الغابة بالاطياب
(تنتهي الأغنية ويسمع صوت الضفدع يبكي ، وتلتف حوله الحيوانات)
الغزال : ما بك يا ضفدع ؟ لــَم الحزن؟ من سبب لك الأذى يامسكين
الضفدع : لم يؤذني أي أحد.. أنا حزين فقط.
السنجاب : ربما من ألم موجوع، او انك تشعر بالجوع.
الضفدع : وليس الألم والجوع هو الموضوع.
الأسد : اذن حدثنا ما الامر يا ضفدع، وكفى بكاءا.
الضفدع : انا حزين .. حزين.
الحيوانات : (بنفاد صبر) ولماذا انت حزين ؟
الضفدع : لأني ..
الحيوانات: ( بإلحاح) ها ؟
الضفدع : لأنني..
الحيوانات: (بإلحاح) ها؟
الضفدع: لأني عما قريب سأكون سجين!
الحيوانات: (جميعا) ماذا ؟! سجين؟ كيف !؟ متى !؟ وأين؟
الدب : ولكن كيف تكون سجينا؟ هل فعلت فعلا يستوجب ذلك؟
الغزال : هل قتلت حيوانا صغيرا؟ او ربما قتلت حيوانا كبيرا؟
السنجاب : ما هو ؟ ما حجمه ؟ما اسمه ؟
الأسد : متى ضربته ؟ متى قتلته ؟ أين أداة الجريمة؟ أين السكين؟
(تبتعد الحيوانات عن الضفدع ، يشكلون حلقة ويتساءلون فيما بينهم)
الأسد : هذا الضفدع الصغير يفعل جريمة قتل !؟
الغزال : ولكن كيف ، وهو أصغر حيوانات الغابة.
السنجاب : إنه لا يقوى حتى على قتل السناجب.
الدب : (ضاحكا) ربما قتل نملة أو جرادة.
الأسد : هذا الأمر ليس مضحكا ، نحن الآن أمام مجرم ويجب أن ينال عقابه ، اسمعوا جيدا سنقوم جميعا بعمل تعداد سكاني في الغابة ، حتى إذا اتضح لنا أن حيوانا واحدا مفقودا .. فهذا يعني أن الضفدع قتله.
الغزال : سنفعل ذلك في الحال.
الأسد : ولكن قبل ذلك يجب وضع الضفدع في قفص.
السنجاب : ولكن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
الأسد : ومن قال لك أن الضفدع بريء؟
هيا ، نفذوا الأمر في الحال.
( تقوم الحيوانات بوضع الضفدع داخل القفص )
الضفدع : أيتها الحيوانات ، ماذا تفعلون ، اتركوني ارجوكم .. قواق قويق .. قواق قويق .. قواق قويق…
الدب : اششش ، يال صوتك المزعج ،
الضفدع : لماذا تضعوني في القفص ؟
السنجاب : تمنى أن لا نجد حيوانا مفقودا ، وإلا ستصبح في خبر كان.
الأسد : لقد ادليت باعترافك والباقي علينا.
الضفدع : ولكني لم اعترف بشيء ، ولم اقترف ذنبا.
(الجميع يخرج ويبقى الضفدع حزين )
المشهد الثاني
(تلتقي الحيوانات في نفس المكان مرة أخرى ويبدو عليها الاستغراب)
الأسد : أخبروني ، هل قمتم بتعداد سكان الغابة ؟ هل يوجد مفقود.
الغزال : لقد قمت بالعد مرارا ولم أجد أي مفقود.
الدب : وأنا أيضا قمت بعّد جميع الحيوانات ولم أجد أي مفقود.
(السنجاب يأتي متأخرا)
الأسد : هل هناك جديد أيها السنجاب ؟
السنجاب : أخبروني انتم أولا ، هل هناك حيوان مفقود في الغابة ؟
الجميع : ليس هناك حيوان مفقود في الغابة.
السنجاب : إذن ، اسمعوا مني الجديد : فقبل أن احضر إليكم سمعت صوت الزرافة وهي تصيح : “ولدي ،أين أنت يا فلذة كبدي؟ ”
( يسمع من خارج المسرح صوت عالي يفهم على إنه صوت الزرافة )
صوت الزرافة :(بحزن) ولدي ، أين أنت يا فلذة كبدي؟ (يتكرر الصوت)
(جميع الحيوانات تذهل)
الأسد :(وهو ينظر نحو الضفدع) إبن زرافة يا ملعون ، تقتل ابن زرافة !؟
الدب : إبن زرافة !؟ معقول؟
( تتشاور الحيوانات فيما بينها وتتدافع بين معارض ومؤيد)
الأسد : (معلنا) محكمة…
( تعمل الحيوانات طوقا حول الضفدع وتدور حوله وترتفع موسيقى)
الأسد : أيتها الحيوانات ..ان هذا الضفدع الماثل أمامكم قد اعترف بالاجرام.
يتقدم الغزال وهو يبكي :
قتله ، قتله.
كان حيوانا بريئا
كان حيوانا طيبا
كان حيوانا مسكينا
(يصرخ ):
قتله الضفدع اللعين
يتقدم الدب وهو يبكي:
كان صديقي، نعم الصديق
نعم الانيس ونعم الرفيق
( يصرخ)
قتله طويل اللسان
الادرد بلا أسنان
يتقدم السنجاب باكيا :
كنا نلعب سوية
فأخذه اخذة قوية
ثم قتله بإمعان
(تحدث فوضى الكل يتساءل)
الأسد: (ضرب بمطرقته) حكمت المحكمة على الضفدع بالسجن المؤبد في المستنقع.
الضفدع : (يصرخ) لا ، إلا المستنقع ، إلا المستنقع .
الأسد : هذا ما جنيته يا ضفدع ،وعنك الحكم لن يرفع.
الضفدع : هذا حكم غير عادل وانا لست بقاتل.
الحيوانات : ماذا !؟
الأسد : انت قلت انك ستصبح سجينا، وهل يسجن سوى المجرم يامسكين.
الضفدع: انا لم أفعل، انا لم أقتل.
(الغزال والدب يتحدثان على انفراد في زاوية المسرح )
الغزال : أشعر أن الضفدع بريء.
الدب : وأنا أيضا ، أنظر إليه ، هل يعقل أن هذا الكائن الصغير يقتل حيوانا اكبر من حجمه عشرات الأضعاف.
الغزال : علينا أن نخبر الأسد أن يخفف من عقوبة هذا المسكين.
الدب :لنذهب ونتحدث معه .
الغزال :(للأسد)اعتقد أننا جميعا نتمادى في لبس التهمة على الضفدع.
الدب :(للأسد) علينا أن نتأكد من أنه فعلا هو الفاعل.
الأسد : وكيف نتأكد ، وبعد كل هذه الحجج ، أولها اعترافه وآخرها صوت الزرافة المؤلم وهي تبحث عن.
(وقبل ان يتم الأسد جملته يتردد صوت الزرافة داخل المسرح وبصوت عال )
الزرافة : (بسعادة) آه يا ولدي ، بحثت عنك طويلا أين كنت ، حتما كنت تلعب هيا إذن كي تتناول طعامك.
الجميع : اوووه…
الأسد : إذن الضفدع بريء فعلا.
الغزال : ألم أقل لك أن تتريث في الحكم عليه ؟
الأسد : اذن لماذا يقول بأنه سجين؟ انا لم افهم شيئا حتى الحين.
( الجميع يركض نحو الضفدع ويخرجوه من القفص)
السنجاب : أنا آسف أيها الضفدع ، لقد اتهمتك ظلما.
الجميع : نحن آسفون ، سامحنا ، سامحنا.
الأسد : لماذا لم تتكلم لكي نعلم الحقيقة؟
الضفدع : وكيف أتكلم وانتم جميعا اكلتوني بقشوري ؟ لم تفسحوا لي المجال للكلام.
الأسد : طيب ، لماذا تقول عن نفسك أنك ستكون سجينا؟
الضفدع : انا اقصد ..
الحيوانات : ماذا تقصد ؟.. ماذا تقصد ؟
الضفدع : اقصد ..
الحيوانات : خلصنا ماذا تقصد ؟
الضفدع : اقصد ..
الأسد : (بغضب) اسمع ياضفدع.. اما تصمت أو تتحدث الآن.
الضفدع : يا أصدقائي ، يا احبائي..
انا كل عام اسجن مرة
بلا ذنب وأعيد الكرة
الحيوانات : كل عام تعيد الكرة !؟
الضفدع: يحكم على كل ضفدع
بالنوم طويلا بلا مهجع
نوم يحرمني منكم
لا أرى ذلك يصلح
لا أرى ذلك ينفع
الحيوانات : نوم عميق لا يطاق ولا ينفع!!؟
الضفدع : يحدث ذلك بلا جناية، ولا اعلم وراء ذلك من سبب او غاية.
الحيوانات : ومن هو سجانك ياضفدع !؟
الضفدع : إنه الشتاء
يا أصدقائي الأحباء
الحيوانات : الشتاء !.. الشتاء!
الضفدع : نعم .. نعم
وكلما تردد هذا الاسم
يعصرني الألم
الأسد : هذه طبيعتك ؟
فأنت بلا زغب
بلا ريش
بلا فراء
بلا وبر
(يبدأ الضفدع بالتفكير يردد بينه وبين نفسه:
انا بلا صوف
انا بلا ريش
انا بلا فراء
انا بلا وبر
انا بلا وبر !؟
(يشعر أنه وجد الحل فيصيح بحرارة )
يالها من فِكرة !
يالها من فِكرة !
المشهد الثالث
-نفس الغابة، قطع من الثلوج تنتشر هنا وهناك ، الحيوانات مجتمعة وهي تضحك بصوت عال، يأتي الأسد وهو لا يعلم سبب الضحك .
الأسد :ما الذي يضحككم ؟
الدب : حيوان.. ولكنه لا يشبه اي حيوان.
الغزال : إنه حيوان على أية حال، ومن يقول غير ذلك محال.
السنجاب :
شكله غريب
وأمره عجيب
الأسد: (حائرا) افسحوا المجال لأراه.
( لا تبالي الحيوانات لكلام الأسد ، فيكرر مرة ثانية ):
افسحوا المجال لكي أراه
(مرة أخرى لا تبالي الحيوانات، فيكرر الأسد :
افسحوا المجال لكي أراه
او سأصيح(زئير أسد ) اااااااااااااه
(ترتعب الحيوانات ويتحرك كل عن مكانه فيظهر شكل غريب مغطى ببعض الريش وبعض الصوف والفراء وبعض الشعر بحيث يبدو شكله مضحكا
الأسد : (يضرب برجله على الأرض من شدة الضحك) ما هذا ؟ يا له من شكل مضحك.
الغزال : اعتقد ان هذا الكائن ليس غريب الأصل، ولكنه تعرض لتشوهات خلقية فصار بهذا الشكل.
الدب : قد يكون طائرا لم نلتقِ به من قبل.
السنجاب : ولكنه لا يطير.
الغزال : ربما يكون أسد لم يكتمل نموه .
الأسد : معقول !؟ أسد قزم وعليه ريش طيور !؟
الدب : لنختبر صوته ،حتما سنعرف أمره.
السنجاب : حتما سينعق أو ينهق ويطن ويزن في آن واحد.
(تضحك الحيوانات لكلام السنجاب ويضغط الأسد على فم الكائن الغريب ويأمره قائلا )
الأسد: قل : اااا
يرد الكائن الغريب بصوت الضفدع المعتاد :
قواق قوييق .. قواق قوييق
تتعجب الحيوانات وتصيح :
إنه الضفدع .. إنه الضفدع
الأسد: لقد تنكر الضفدع لكي يقي نفسه البرد.
الأسد: (يصيح) أظهر وبان عليك الأمان.
(يبدو الضفدع خجلا منطويا)
الدب : كيف وجدت الشتاء يا ضفدع الماء
الضفدع : وجدته فضيع
ولو أطلت المكوث
فأنا حتما سأضيع
الغزال :
كيف تحملت الجليد
وانت ضفدع بليد
الضفدع :
لم احتمل الجليد
وعن رأيي حتما سأحيد
السنجاب :
كيف توقَيت المطر
بهذا الريش والصوف والوبر
الضفدع:
بهذا الريش والصوف والوبر
لم أقي نفسي قطرة مطر !
الحيوانات جميعا : وماذا تعلمت اذن ؟
الضفدع :
ان أعيش على طبيعتي
فهي سر عيشتي
قواق قويق .. قواق قويق
ضفدع صغير عيشه يسير
ففي الشتاء سبات عميق
وبعده لعب ونقيق
قواق قويق.. قواق قويق
أعتز بسباتي
فهو سر حياتي
ولن يرضيني يوما
غير نفسي وصفاتي
قواق قويق..قواق قويق
اما الآن يا رفاق
سأقول وداعا
على أمل اللقاء
كم لكم سأشتاق
الحيوانات :
وكم لك سنشتاق
إلى اللقاء .. إلى اللقاء
يخرج الضفدع وتدور الحيوانات وتغني نفس أغنية البداية :
ولى الخريف وصار الى سراب
وهلَّ علينا فصل الشتاء
تخضر الأرض بالأمطار
يسقي العشب والأشجار
ويصير الماء وفيرا
وتنعم الغابة بالاطياب
النهاية
فكرة النص تتحدث عن التمرد على الفطرة كما حدث للضفدع، فهو يتمرد على طبيعته التي جُبِّل عليها وأقصد هنا السبات الشتوي وأهميته للضفدع وملائمته لطبيعته الرقيقة ، فالضفدع هنا يفضل أن يعيش فصل الشتاء كباقي الحيوانات، ولكنه يصدم كثيرا بالجو البارد، ويشاهد الحيوانات وهي فرحة بسقوط المطر ويحاول أن يفرح مثلهم ويتكلم معهم، ولكنه يقع فريسة اللغط في الكلام عندما يخبرهم أنه سجين، وقبل أن يتم كلامه يتهمه الجميع انه قام بجريمة ما، فتدور على الضفدع الدوائر ويطلب الجميع محاكمة عاجلة ويكثر القيل والقال دون دليل، حتى يسمع الجميع بأن ابن الزرافة مفقود، فيحولون أصابع الإتهام إلى الضفدع الذي لم تترك له فرصة واحدة للكلام ، ثم يتعاطف معه اثنان من الحيوانات، خاصة بعد أن تعثر الزرافة على إبنها وتخف وطأة الشكوك ، فتتاح فرصة الكلام للضفدع فيخبرهم أن المقصود من كلمة “سجين” هو سباته الشتوي المتكرر مدى الحياة، حينها تخبره الحيوانات أن ذلك طبيعي لانه بلا وبر أو فراء أو ريش. ينبهر الضفدع بما سمع ويسرع في الحال إلى وضع ما أمكن من وبر وفراء وريش وغيره مما يجده على الأرض ثم يدخل ليصبح أضحوكة بين الحيوانات ، وأيضا لأن كل ما ألصقه على جسمه بدأ يتطاير بفعل الهواء ! أخيرا علم الضفدع أن سباته هو سر حياته فهرب في الحال إلى حفرته ليكمل سباته الشتوي .
المسرحية أيضا كوميدية وهي للفئة العمرية من ٩ إلى ١١ سنة . وقد كتبت بطريقة السجع .
تحليل الشخصيات
يأخذ الضفدع دور البطولة في هذه المسرحية حيث تكمن العقدة في رفضه التام لحالة السبات التي تمر بها بعض الحيوانات ومنها الضفدع، ولكنه يقع في مشاكل كثيرة نتيجة لذلك ، أما مجموعة الحيوانات الاخرى مثل الأسد والغزال والسنجاب والدب وهي شخصيات ثانوية تعادي الضفدع وتتهمه بجريمة لم يفعلها ولا تترك له فرصة التكلم . بعد فترة وخصوصا عندما يصبح الشك بنوايا الضفدع في غير محله نراى أن قسما من هذه الحيوانات يتعاطف مع الضفدع ثم يتبعه القسم الاخر . مما يدل على أن الشك وحده أمر غير مبرر ولا يمكن الأخذ به مالم يكن هناك دليل، وهكذا تتحول الحيوانات من أعداء الضفدع إلى مناصر وناصح له ، وهو ما نلاحظ حينما ايقن الضفدع أن لا مفر من السبات الشتوي بحكم جلده الرقيق الذي لا تلائمه قسوة الشتاء، فنرى الحيوانات تودعه بطريقة جميلة وبحفاوة .
د.خالد أحمد
مسئول قسم مسرح الطفل بالمجلة
Discussion about this post