وتستمرالحياة
اعتادا أن يلتقياباستمرار وشبه يومياً..يتمشيان في الأحياء ضمن دائرة المدينه التي يسكنان.. بعد أن هجرته الشام التي يعشق ولم يبقى له مكان.. يرتحلان معاً خارجها ..عرفا أرجاء وطنهما سويةً…
عندما يجلسان يتسامران بمواضيع شتى وروح الفكاهة حاضره ..لم يكن يخفى على أحدهما شيء عن الآخر من حياة كل منهما ..
ذات مساء روى لي حكاية زواجه الثاني ويعتصره حنين يقطر ألماً..كيف التقى بها ..كيف نمت مشاعر حب جارف بينهما وهو المتزوج ولديه ولدان ..هطلت بسخاء دمعات وتابع بفيض مشاعره بينما ارتسمت من الكرى على شفتي ابتسامةٌ ملؤها الحزن والحب .. دافع عن نفسه أمامي قائلاً : لم تحركني يوماً نزوةٌ عابره وإنما فيض من حب ..فيض من صدق ..فيض من احترام الذات ..كانت حكايةُ طويله ..جميله ..رسمت الحياة بأبهى صورة من الروعه رغم تبعات هذا الزواج المؤلمه .
سكت قليلاً وبعد تنهيدةٍثكلى تابع حكايته : أنجبنا طفله ..وعاد المطر يهطل من جديد .. ملأت البيت حباً ..مولوده جميله ..تعلقت بها كثيراً .. بعد شهور الأمومه عادت الأم لعملها فصرت جليسها ..
روى لي كيف يقوم بتحضير طعامها ..يطعمها ..كيف ينظفها عند اللزوم ..كيف أصبح لها أماً وأباً ..اعتادت ألا تنام إلا في حضنه وعلى ترنيمة لحن أغنيةٍ فيروزيه ..وتعلقت به أي تعلق .
تتوالى الأيام وتمر سنين أربعه بعد ولادتها ولأسباب أكثر من ظالمه وصغيره ..تبعثر حب أبويها ..تاه ..اختلفا ..افترقا ..وكل منهما آسف على مايجري وما وصلا إليه .
سكت طويلاً وفي عينيه شريط من ذكريات ثم قال : صرت بفترات متباعده أقوم بزيارتها في روضة الأطفال حيناً وأحياناً في منزل جدها ..كانت حضانتها لأمها شرعاً وهذا حق ..هي أمها وأنا أبوها .. تربت في منزل جدها برفقة أمها ..ذاك الإنسان الرائع الجميل ..ذاك الطيب الودود ..المحب النبيل ..كم كان رائعاً ..صار بمثابة أب لها في غيابي ..نعم هذه حقيقه ..والدتها صارت أماً وأباً لها هذا صحيح ..باعدت الأيام بيننا ياصديقي في اللقاء وزيارة الصغيره التي تكبر .. بل انقطعت بسبب ثورة التفجير والتكبير والفجور ..آخر مرة التقاها كان يحملها بين يديه ..حين رآها بعد سنوات خمس ..ورغم خطورة الطرقات ذهب مشاركاً تشييع الجدالحنون ..مرض وغادر الحياة تاركاً خلفه الكثير من الطيبة والمحبه ..يومها التقى ابنته بعد طول غياب ..تمر لحظات حيرى ..هلى يبكي الفقيد الغالي أم يعانقعا فرحاً ..تملكته مشاعر متناقضه ..وجدهافتاة يانعه تكاد تكون طوله ..بقي يومان وغادر الشام عائداً لمدينته الأصل ليتابع ماابتدأه فيها سنين الحرب .
تباعدت من جديد فترات اللقاء ..شبّت الإبنه أصبحت صبيّه جميله روحها عذبه تمتلك من حس الفكاهة الكثير ..اعتادت على غيابي قال ..استعاضت بمحبة والدتها عن غيابي .
سكت من جديد ..عاد إلى التنهيد ثم تابع :
قرأت اليوم مانشرت على صفحتها الفيسبوكيه ..أجادت في وفائها لأمها وسرني ذلك ..تابعت القراءة ..أجادت في وصف جدها بالأب الحنون وسررت بذلك.. لكنها نستني .
سكت طويلاً ماتت الكلمات في حلقه ..ودعني ورحل .
……………………………………………………………………………………. 6/7/2021
توفيق اسكتدر أحمد
Discussion about this post