“.. مع مَطلِعَ الفجرِ، زارتي رؤيةٌ كنتِ فيها يا عَزِيزَتي.. كنتُ فيها أبحثُ عنكِ، بينما كُنتِ أنتِ في مكانٍ ناءٍ عنِّي.. ثُمَّ رأيتُكِ من بعيدٍ.. كنتِ تَسيرينَ مُتَعَجِّلَةً، قَلِقَةً مُرهَقَةً، وكأنَّكِ تبحثينَ عن شيءٍ ما..
ولكنَّكِ كنتِ شامخةً، أميرةً في ذاتِكِ كما أنتِ طيلةَ عُمُرِكِ، وأنتِ تَهبطينَ ذلك السُّلَّم الذي جاءَ بِكِ من ذلك المكان البعيد الذي كُنتِ فيه.. لكن كانَ بيني وبينكِ سورٍ، ولم أستطِع أنْ أَصِلَ إليكِ.. فقط، أنظرُ لَكِ بِلَهفَةٍ وحَزَنٍ.. كنتِ كما أنتِ؛ عندما رأيتُكِ وأنتِ كبيرةً؛ لا كما كان سَمتُكِ وقت أنْ كنتِ فتاةَ المَدرَسَةِ.. لكنَّكِ جميلةٌ رقيقةٌ في كُلِّ أحوالَكِ يا صَغيرتي.. في نظري؛ أنتِ دائمًا فتاةُ المَدرَسَةِ..
ثم انتقلَ المشهدُ إلى المدينةِ؛ مَدينتِنَا الجميلةِ التي كانت مزدانةَ في ذلك اليوم.. كان هناك رفاقٌ كثيرون في هذا الحُلْمِ.. أبي وأُمِّي، راحلون وأحياء؛ كُثُرٌ آخرون.. لكنِّي تَرَكْتَهُم جميعًا، ونهضتُ مِن مَجْلِسِهِم أبحثُ عنكِ..
ولكنَّ الحُلُمَ انتهى قبل أنْ أَصِلَ إلى المكانِ الذي جاءني هاتفٌ من بعيدٍ يُخبِرُنِي بأنَّكِ هناك..
*.*.*
وفي الرُّؤيا أيضًا، كانت هناك عَصافيرٌ كثيرةٌ فوقَ الشَّجرةِ التي يُطلُّ عليها بيتي.. طيورٌ تشبِهُكِ في رِقَّتِهَا وجَمَالِهَا، وكانت تطيرُ لتحلِّقَ حَولَ الشَّجَرَةِ، ثُمَّ تعودُ لِتَحُطَّ عليها.. في الحُلْمِ، كان الوقتُ شروقًا؛ حيث بَدَت إطلالةُ الشَّمسِ تُشبِهُ ضياءَ وَجهِكِ القَسيمِ..
*.*.*
وأيًّا ما كان مغزى هذا يا فتاتي، لكنَّ ما يحمِلُه يقينًا، هو أنَّني دائمَ التفكيرِ فيكِ، وأنَّني اُحِبُّكِ.. لم أكُن أدركُ أنَّكِ قد مَلَكْتِ عليَّ أمري إلى هذه الدَّرجةِ يا فتاتي الحَبيبَة.. فأنا أراكِ في كُلِّ شيءٍ مِن حَولِي، وفي صَحوي، وفي نَوْمي، وأقولُ لِنَفسِي؛ أنا أُحبُّ، ولكن ما هو بِحُبٍّ، وإنَّما هو شيءٌ أثمنُ وأعظمُ مِن ذَلِكَ بكثيرٍ، مما ينبغي أنْ أقولَ لَكِ شُكرًا عليه يا عَزِيزَتي”..
Discussion about this post