نفاق الحاشية واذعان الماشية !
حسين الذكر
لا اخطر على الامة مذ التاسيس حتى يوم القيامة .. مثل ( كلمة حق يراد بها باطل ).. تلك البطن المخترقة وذاك المخاض المدسوس :-
اقترح احدهم على الوالي اهداء كسوة عيد الفطر ليتامى الشهداء ..
-: ( ان الأمم تبقى بالعدل وكسوة هؤلاء هي العدل يا سيدي ..) . لم يمض وقت طويل حتى وافق الوالي شفهيا على التنفيذ ..وقبل طبع الامر الرسمي ..
انبرى احدهم هامسا : ( سيدي .. ان الامر بهذه الصيغة يخلق فتنة .. التكريم لجميع أطفال الفقراء .. فهم ابناءك ويستحقون كرمك ) . بهت الوالي .. مبتسما بوجه مستشاره الأمين .. فقال – بعد دعوته لوليمة في القصر- : ( من نعم الله انك مستشاري .. ولا ادري .. ما افعل دونك ) .
ثم اخذت اللجان تعد وتحصي حتى انتهى شهر رمضان ولم يتم انجاز المهمة ، لاتساع قاعدة الايتام .. فانبرى منافق اخر مصرحا اثناء اجتماع الحكومة : ( المناسبة فقدت معناها والعيد انتهى … والاعداد تضخمت بشكل لا تسده الميزانية ، قد يؤدي لازمات منفلتة ) . عند ذاك صفق المنافق الأول هاتفا : ( دعونا نقرا سورة المباركة الفاتحة على أرواح الشهداء فذلك اسمى للموتى وذويهم من وسخ الدنيا وحطامها ..) .
ادمعت عين الوالي ثم استرجع وحوقل قائلا : ( بروك بكم .. اني الولاية بخير ما دمتم مستشاريها ) .. ثم فتح خزينة الامة لتكريم المستشارين بنوط شجاعة وبيت وسيارة ..) . فيما ظلت دموع الأطفال مغرورقة دمعا من نكاية والم الضحك .
بعهر حرباوي آخر .. قدم احدهم اقتراح بتكريم الطلبة المتميزين بمعدل مائة بالمائة .. وقد وافق الوزير فورا لأهمية ذلك وامر بتشكيل لجنة لذلك .. فتبين ان عدد المشمولين لا يتجاوز مائة طالب لكل المراحل بطول البلاد وعرضها.. ثم تم اعداد شهادات تقديرية ومبالغ تقديرية . قبل الاحتفاء .. قدم احدهم دراسة عاجلة جاء فيها : ( ان درجة مائة بالمائة لا تلغي تميز تسعة وتسعين وما دونها .. التكريم دون الاخرين سيولد احباط لآلاف الطلبة الاخرين … محذرا من المغبة .. ومقترحا توسيع قاعدة المشمولين ) .
استمع الوزير باعجاب لنصيحة مستشاره .. ثم تشهد وبحلق في كبد السماء قائلا : ( بورك فيك.. تولى بنفسك اعداد قائمة بجميع المتفوقين فهم قادة المستقبل وامناء الامة ..) . ثم اصدر امرا لترقية السيد المستشار وصرف مكافئة فورية تليق بمقامه .
مر شهر على معمعة الروتين اقترب فيها الموسم الجديد وانضغطت الوزارة بالامتحانات التكميلية … اما جداول المكرمين فقد تصاعدت بشكل هستيري .. اضطروا فيه لمفاتحة الرئاسة حول صلاحيات الصرف .. بعدها قررت الوزارة غلق الملف واحالته الى السيد المستشار لتسويته بأعلميته الخاصة .
بعد مدة وفي اجتماع استثنائي لدراسة تداعيات ما حدث .. قال المستشار الأصفر : ( معالي الوزير .. انما الاعمال بالنيات .. لا يكلف الله نفسا الا وسعها .. وما لا يدرك كله لا يترك جله .. وجل تعني الوزير ومستشاريه وخاصته هم أولى بالتكريم … صفق الوزير بحرارة ثم انهمرت دموعه وبكى كثيرا حتى ابكى معه كبار موظفيه ومقربيه والحشاية .. فرحا بالمناسبة العبقة وخشية تذكر الاخرة ) ..
Discussion about this post