الفنانة الاوبرالية تارا معلوف إنها افق يمتد الى العالم في ريبورتاج صحفي ذو قيمه ابداعية كبيرة لفنانةلبنانية تنتشر كالشعاع بحنجرتها وفنها لكل بقاع الارض بنجاحات مبهرة لتدق باب العالمية
حوار إلهام عيسى
–
١ – سؤال لا بد منه: كيف تعرف تارا المعلوف عن نفسها لمتابعيها ومحبيها؟
* في البداية أحب أن أحييكي د. إلهام عيسى وأحيي كل متابعيني ومحبيني وكل من يتعرف عليي الآن. أمّا كيف أعرف عن نفسي؟ أنا ممثلة ومخرجة وعالمة نفس وأستاذة جامعية لكل أنواع الفنون ومغنية أوبرالية ب٢٧ لغة عالمياً كما وأني أغني لمعظم السفارات في لبنان وللكثير من القضايا الإنسانية والخيرية في لبنان وعالمياً.
٢ – كيف بدأت تارا في طريق الفن ومن الداعم ومكتشف تارا؟
منذ صغري كنت أملك كل المواهب في كل أنواع الفنون. وفي المدرسة لم يفوت الأساتذة اي فرصة لإصعادي على المسرح في كل عرض لأني كنت جريئة وطريفة وصوتي جهوري منذ الحضانة. ثم كنت في الكثير من الكورالات منذ صغري حتى كبرت. وخلال دراستي الجامعية في علم النفس قمت بورشات عمل في التمثيل في نفس الوقت. وبعدها دخلت إلى معهد الفنون الجميلة لأتعمق أكثر في مجال التمثيل والإخراج وكنت دائماً في المركز الأول. وكنت يوماً على المسرح أؤدي دور مضحك أقلد فيه بافاروتي حيث وقع الجمهور من الضحك على الارض لأني كنت نحيلة وصدر مني صوت قوي جداً لا يناسب شكلي والدور كان فعلاً مضحكاً جداً. جاء أستاذي في التمثيل مهنئاً ونصحني بأن أدخل إلى المعهد العالي للموسيقى – الكونسرفاتوار لأدرس الغناء الكلاسيكي الأوبرالي مصراً على هذا النوع الغنائي الذي جاء لابساً شخصيتي تماماً. وتوفقت بأستاذة غناء أوبرالي روسية مشهورة جداً اسمها غالينا خالدييفا علمتني ١١ سنة التقنية الإيطالية والروسية في الغناء الأوبرالي وقد نلت تنويه الكثير من قائدي الأوركسترا الذين اتوا إلى لبنان من الخارج أو سمعوا صوتي خارج لبنان. وبفضل أستاذتي وموهبتي كنت فقط في السنة الرابعة من دراستي وطُلب مني أن أغني مع الاوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية إفراديات. وكان هذا الأمر غير شائع وغير مسموح عادةً لأنني كنت تلميذة غير متخرجة بعد. لكن د. وليد غلمية مدير الكونسرفاتوار وقتها رأى أن تقنيتي في الغناء كانت متقدمة جداً وأستحق أن أغني مع الأوركسترا الفيلهارمونية.
وفي نفس السنة طُلب مني أن أعلم في جامعة اللويزة كل أنواع الفنون بسبب خبرتي وموهبتي في كل المجالات الفنية وثقافتي الكبيرة وهكذا بدأت مسيرتي الفنية في كل المجالات. وقد دعمتني أمي في مجال التمثيل والغناء لأنها كانت تعشق قراءة المسرح وكل شيء ثقافي وأخذت موهبة التعليم من أبي المهندس المعماري والمدني الذي ربما حتى الآن علم كل المواضيع التي يمكن تعليمها في الجامعة.
٣- كيف تقوم تارا المعلوف بتخفيف العبء عن اللبنانيين في ظل المعاناة اليوم؟
* أنا أعتبر نفسي أولاً فنانة، والفنان من واجبه أن يكون الشخص الذي يساعد المجتمع على رؤية ما لا يراه الآخرون وأن يبحث على سبل لإسعاد الناس وإيجاد حلول تخفف من ثقل الواقع وتعطيهم الأمل والقوة للإندفاع قدماً وتحقيق ما لم يكونوا متخيلين بأنهم يمكنهم أن يحققوه. أحب أن أستخدم كل ما أبرع به في كل ما افعله كما وأني أحب أن ألمس روح من هو بحاجة لشعاع من الأمل وأعطيه هذا الأمل حتى يخرج من يأسه. هذه رسالة الفنان الشامل الحقيقي وهذه رسالتي التي أصر على أن تبقى معي حتى نهاية حياتي. إنها جزء من شخصيتي لا يتجزأ ولن أتخلى عنه أبداً. مهما تدهورت حالة لبنان. ونحن نعرف أن اللبناني كطائر الفينيق ينهض دائماً من الرماد أقوى من ذي قبل. الازمة الإقتصادية التي نواجهها كسرت معظم اللبنانين ولكن لا يجب أن نفقد الأمل وإن شاء الله سوف يرجع لبنان حياً يرزق ونعطي لأولادنا مستقبل أفضل. لبنان مر في حروب كثيرة وتخطاها بجدارة ويمكننا أن نعتبر أن هذه معركة جديدة يلزمها صبر وروح قوية وسوف نتخطاها كما تخطينا غيرها من الحروب.
الطريقة التي أستخدمها للتعليم هي نوع من العلاج بواسطة الفن وهذا ما يلمسه تلاميذي ويخرجون من جلسات الدراسة معي فرحين ومليئين بالأمل بأن الغد سوف يكون دائماً أفضل وبأن أصعب الأمور يمكن تخطيها إن جزأناها وتعاملنا معها بروية وبنينا أسس ثابتة ثقافية ونفسية لمواجهتها، وويمكننا أن نصل إلى أي هدف نرسمه إن فعلاً أردنا وسعينا فعلياً واجتهدنا لذلك. لا مستحيل في هذه الدنيا برأيي. كذلك في حفلاتي بحيث أختار الأغاني وأتكلم بمواضيع تختلف بحسب نوع الجمهور الحاضر أمامي. وكل القضايا الإنسانية التي أسلط الضوء عليها والجمعيات الخيرية والناس الذين أحاول أن أساعدهم هم جزء مكمل لمسيرتي التي تشعرني بأني تركت أثر إيجابي في هذه الدنيا وهذا أحلى شعور بالنسبة إلي.
٤ – خلال ازمة كوفيد تارا واكبت نشاطها الإنساني وأعمالها الخيرية الفن ضد الكورونا وغنت دعما للجمعيات الخيرية والإنسانية كيف توصفين هذه المرحلة في مسيرتك الفنية؟
* خلال فترة أزمة كوفيد ١٩ واصلت أعمالي الإنسانية الخيرية الوطنية عبر وسائل التواصل الإجتماعي حيث غنيت عدة حفلات من بينها حفلة لجمع الأطعمة للفلبينيين الذين فقدوا أعمالهم في لبنان وغنيت ثلاث حفلات ضد كوفيد ١٩ بعنوان “الفن ضد كورونا” مع بنغلادش عبر الإنترنت وساهمت عبر فيديوهات ترويج بدعم مهرجان الدمى والعرائس في البصرة العراق، وحزت على شكر وتنويه من وزارة الثقافة العراقية، وقمت بفيديو ترويجي لدعم مهرجان لقاء الأشقاء العرب للهوايات والحرف المتنوعة في بغداد برعاية وزارة الثقافة العراقية في محطة سكك الحديد. أما مع الجزائر فقمت بفيلم ترويجي يشجع التبرع بالكتب لدعم المكتبة في معهد الفنون ونشر الفن والثقافة والتبرع بالشجر والتطوع لزرع الأشجار. وما زلت أواصل أعمالي لدعم الشعب اللبناني في أزمته الإقتصادية خاصة بعد انفجار بيروت المفجع، وهناك مشاريع كثيرة اقوم بها للمحاولة من تخفيف هذا العبء على اللبنانيين وكل من يقطن في لبنان كما ساهمت لإيجاد أعمال لبعض الناس الذين فقدوا اعمالهم في هذه الازمة. ومن الأعمال التي تتحدى المآسي وتعطي الأمل بأن الحياة تستمر وستعود كما كانت، قمت بتنظيم المهرجان الغنائي الأوبرالي السياحي الأردني الدولي الأول “لون كلمة نغم” الإلكتروني بعنوان “نبض” مع ١٦ بلد مشارك، بالتنسيق مع مدير المهرجان السيد فادي شاهين من الأردن. كما غنيت في معرض لدعم الفنان التشكيلي برنارد رنو الذي تدمر مشغله في انفجار بيروت وبعد ترميمه احترق مرة ثانية حتى الرماد. غنيت أيضاً بمناسبة منح وسام السعفات الأكاديمية برتبة فارس للأب بطرس عازار الأمين الإقليمي للمكتب الدولي للتعليم الكاثوليكي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA-OIEC) والأمين العام السابق للمدارس الكاثوليكية في لبنان، من قبل المعهد الفرنسي في لبنان، في حفل دعت إليه الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان في مقرها. غنيت أيضاً في افتتاح الاحتفال بعيد الجيش اللبناني في زحلة برعاية قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون. كما غنيت بشكل مؤثر جداً في يوم ذكرى انفجار بيروت في ٤ آب لعائلات الشهداء العشرة من رجال الإطفاء برعاية محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود. وعاودت نشاطاتي في السفارات حيث غنيت أخيراً في العيد الوطني لسفارة الهند وفي اليوم اللبناني-الهندي للتواصل التكنولوجي
٥ – ما الدافع الذي جعل تارا المعلوف للقيام بعمل فيلم ترويجي في الجزائر للتبرع بالكتب ودعم المكتبات وزرع الأشجار؟
بالنسبة لي الكتاب هو رمز الثقافة والعلم وهي من أهم الأشياء التي يكتسبها الإنسان في الحياة. وكل شخص يسعى للعلم والمعرفة يخزن رأسمالاً كبيراً لمستقبل أفضل وتعامل حضاري أفضل مع الآخرين ويكتسب الحس بالمسؤولية ويتعلم كيف يستثمر هذا المخزون الثقافي في عمله وفي حديثه اليومي. الشهادات لا تجعلك مثقفة إنما المعرفة بلى. يجب أن نتعلم من صغرنا حتى مماتنا كل يوم شيء جديد. والكتاب يجب أن يكون الرفيق الدائم إن كان على الورق أو رقمياً. فالقراءة هي الوسيلة الأفضل لتطوير النفس والتسلح بالحكمة أكثر فأكثر. أعرف أناساً لم تسنح لهم الفرصة بأن ينهوا دراساتهم المدرسية او الجامعية إنما بالقراءة اكتسبوا معرفة وحكمة أكثر من اناس اعرفهم يحملون شهادة دكتوراه. الشهادة مهمة طبعاً إنما المعرفة هي الأهم. حتى مثلاً في مجال الفن إن كان الفنان غير مثقف يكون سطحياً في فنه وفارغاً من المضمون ومن دون مضمون أو رسالة تنبع منه يحاول أن يوصلها لجمهوره لا أرى فيه أي جوهر يمكن أن يضيف شيئاً للمجتمع ويحسنه. الفنان الذي لا قضية لديه في حياته يسعى فقط لعرض نفسه وجمع الأموال. والفنان الذي لا يسعى ليفهم مجتمعه ولا يحاول أن يغنيه أو يخفف عنه او يحسنه أو يشعر معه أو يعيش معاناته ويفهمها ليس فعلاً فناناً حقيقياً.
وأنا اشجع بشكل دائم كل الناس والتلاميذ الذين هم الآن محجورين بأن يتعلموا كل يوم شيء جديد مثل برامج على الكومبيوتر أو دورات تدريبية عبر الانترنت قد تساعدهم على إغناء سيرتهم والحصول على خبرات ليحصلوا على عمل افضل ما ان تفتح الشركات ابوابها مجدداً للعمل بعد الحجر. ويمكن للناس أن يتعلموا أي شيء أو حرفة قد تساعدهم على الإتكال على أنفسهم. كما وأنني اشجع كل الناس على البدء بالزرع. إن لم يكن لديهم حديقة يمكنهم أن يزرعوا على الشرفة ويحاولوا أن يتكلوا على أنفسهم أيضاً من هذه الناحية ويحصلوا على منتوجات صحية خالية من المبيدات وغنية بالفيتامينات وطبعاً تكون بسعر زهيد. المسؤولية علينا أن نبقي أرضنا خضراء ومليئة بالشجر كما استلمناها من آبائنا واجدادنا.
٦ – تارا كان لها دور كبير في تنظيم المهرجان الأوبرالي السياحي الأردني الدولي الأمل لون كلمة نغم الإلكتروني بعنوان نبض مع 16بلد مشارك ماذا تحدثينا عنها؟
* بالنسبة لتنظيم المهرجان الغنائي الأوبرالي السياحي الأردني الدولي الأول “لون كلمة نغم” الإلكتروني بعنوان “نبض” مع ١٦ بلد مشارك، اتصل بي السيد فادي شاهين من الأردن وطلب أن أساعده في تنظيمه بما انني ضليعة في هذا المجال ولدي معارف كثيرة مع السفارات في لبنان والبلدان الكثيرة. واتصلت بالسفارات وكل سفير ساعدني لأجد افضل المغنين الأوبراليين في بلده وقمت بإتصالاتي الخاصة مع كافة البلدان وجمعت في هذا المهرجان ٢٦ مغني أوبرالي من: رومانيا واليابان وفرنسا وإيطاليا وروسيا وسوريا وإسبانيا والنمسا وإندونيسيا والهند، واستراليا وارمينيا وألمانيا وبولندا والمملكة المتحدة ولبنان. أكثرية المغنيين كانوا محترفين وشاركت انا ايضاً بدوري ممثلة لبنان. وقد اخترت من لبنان بعض المغنيين الأوبراليين الذين لا يملكون الخبرة وذلك لإعطائهم فرصة الظهور أمام الجمهور تشجيعاً للشباب والجيل الصاعد بطلب من السيد فادي شاهين.
وبالتعاون مع تلفزيون زحلة اللبنانية Zahle TV قمت مع المخرج جوزف شعنين صاحب المحطة بنقل المهرجان الإلكتروني للجمهور بطريقة مباشرة على صفحة المهرجان على الفايسبوك وعلى صفحة تلفزيون زحلة. وكان هذا المهرجان الأوبرالي الإلكتروني الأول من نوعه في العالم. واشكر السيد جوزف شعنين على دعمه ومساعدته الكبيرة لإنجاز هذا المهرجان على اكمل وجه.
٧ – تارا سفيرة لبلدك لبنان عبر فنك بكل بلدان العالم وغنيت في معظم اللغات ماهي الرسالة التي قمت بايصالها ؟
* بصراحة أطلق علي الناس لقب سفيرة السلام من خلال الموسيقى لأني في عملي خارج لبنان وعملي مع السفارات في لبنان أختار دائماً ما يلمس شعب كل سفارة وما يحرك الحنين في قلبهم وعنفوانهم وحسهم الوطني تجاه بلدهم. كما طبعاً اشجع أبناء وطني على تنمية حسهم الوطني وقد قمت بحملات لتحفيظ الناس في العديد من المناطق اللبنانية النشيد الوطني اللبناني. هدفي دائماً أن اتواصل مع الشعوب وأجمع الأديان والطوائف ببعضها البعض وأجد نقاط إلتقاء وهذه خطوة مهمة تهدف لسلامٍ ربما يراه البعض حلماً إنما أعرف أنه ممكن أن يتحقق فعلياً. عملي يهدف إلى مساواة الإنسان بالإنسان بعيداً عن التعصب وعن كل ما يمكن أن يخلق شرخاً أو عائقاً بين الناس. وغنائي ب٢٧ لغة حتى الآن أراه وسيلة للتواصل اكثر مع الشعوب والحضارات ووسيلة للتقرب منها وجعلها تشعر بأني مهتمة أن أعرف اكثر عنها وأن أغوص بتاريخها وأحلامها ولغتها وروحها ونبضها التي عادة لا يهتم لها إلا أبناؤها. بالإضافة أنني أحب كثيراً تعلم لغات جديدة وتحدي نفسي للفظ أحرف وكلمات جديدة وزرع إبتسامة على افواه تلك الشعوب عندما يسمعون أغانيها العزيزة بصوتي وبلفظٍ جيد لأني ابحث عن خبير كل لغة من اللغات ليعلمني بطريقة دقيقة كيفية اللغظ. وكل تلك الاغاني التي غنيتها للسفارات اجتاحت وسائل التواصل الإجتماعي بطريقة عفوية ووصلت إلى بلدانها حيث لاقت أصداء كبيرة هناك. وأفتخر بأن هذه موهبة فريدة من نوعها وأتمنى أن أقدر أن أغني بكل لغات العالم في المستقبل إن شاء الله وأتواصل مع كل الشعوب.
٨ – ماهي اهم المحطات الفنية التي جعلت من تارا معلوف نجمة عالمية؟
غنيت في مناسبات كثيرة تدعو للسلام بين الأمم منها حفلات في ألمانيا، ولبنان وسوريا، وإيطاليا، وغنيت ثنائي مع مغنٍ إيطالي اسمه “رينالدو تزولياني” رحمه الله، تعاطفاً مع المهجرين في العالم ومع مغنٍ ومؤلف جزائري اسمه “شريف حمدان” غنيت ثنائي باللغة الأمازيغبة القبائلية والعربية اللبنانية يدعو إلى السلام وينتقد التأثير النفسي السلبي للحروب على البشرية. غنيت أيضاً كسفيرة للسلام من خلال الموسيقى في مؤتمر القاهرة العربي الثالث للسلام ضد الإرهاب والتطرف، حيث تم أيضاً تكريمي. كما غنيت في إقليم كوردستان – العراق في مؤتمر دعا إلى السلام والتواصل بين الشعوب والحوار بين الحضارات والأديان. وتم تكريمي لعطاءاتي الإنسانية التي أضفتها على المؤتمر وقدرتي على التواصل بشكل رائع مع الشعب الكردي والعراقي، كما نوه محافظ إربيل بجودة أدائي للنشيد العراقي والكردستاني. أما في أرمينيا فقد غنيت وكنت عضو حكم دولي ممثلة لبنان في مسابقة عالمية للغناء لبلاد القوقاز بالتعاون مع منظمة الوابا WAPA العالمية لفنون العرض.
٩ – تارا تلميذة المغنية الأوبرالية الروسية المشهورة السيدة غالينا خالدييفا ماذا أضافت لشخصيتك ؟
* إتفقت كثيراً مع أستاذتي لأني بطبعي جدية في دراستي وعملي. وكنت أنكب على الدراسة وأشفط منها المعلومات بحماس لذا شعرت هي بأنني مثل ابنتها وأعطتني ميراثاً كبيراً من المعلومات حتى أبرع كمغنية وكأستاذة غناء أوبرالي. تعرفين طبعاً أن الروس جديين جداً في تدريباتهم في كل المجالات ويتعمقون فعلاً في المجال ويحيطون بالموضوع من كل الجهات حتى يصبحوا محترفين ولا يقبلون بالعمل غير المكتمل. هكذا هي معلمتي. بالإضافة إلى ذلك وجدنا نقاط كثيرة تجمعنا منها الروح المرحة وهذا سهل العمل الجدي كثيراً وجعله ممتع ومشوق. وما زلت أتواصل معها حتى الآن وهي في الوقت الحاضر في روسيا. ومن خبرتي في التعليم الجامعي لكل الفنون وجدت طرق خاصة فيي للتعليم وتبادلت مع معلمتي تلك الطرق وتعلمنا من بعضنا أيضاً أشياء كثيرة. فأنا أجد أن تشجيع التلميذ بالدعم الإيجابي يخرج منه حماس وعمل جدي أكثر. ووجدت أن بعض التقنيات التمثيلية والتقنيات الخاصة بعلم النفس تساعد على تقنية غناء أفضل في وقت أسرع. ولا زلت أتعلم من تلاميذي الكثير حتى الآن لأن الخبرة في التعليم تغني الاستاذ وتعطيه طرق عديدة ليوصل للتلميذ معلومة معينة. كل تلميذ له خصوصيته وطريقة واحدة جامدة لا تكفي لتعليم الكل.
بإختصار، علمتني استاذتي بالإضافة إلى التقنية الغنائية أن صوتي جوهرة وجسدي هيكل مقدس يجب أن أحافظ عليه ويجب علي دائماً أن أحافظ على مستوى راقٍ في اللباس في الحفلات وألا أقبل بأي شيء مبتذل. وينطبق هذا على شخصيتي تماماً والحمد لله. فإن لديك موهبة لا تحتاجين ابداً أن تلجأي إلى الإبتذال حتى تنجحي.
١٠ – تارا استاذة في الجامعة تدرسين كافة الفنون برأيك هل هناك شباب وجيل واعد في عالم الفن والى ماذا يحتاج؟
* هناك دائماً شباب وجيل واعد في عالم الفن إنما طبعاً يحتاج إلى من يقوده على طريق الصواب ويفهمه أنه من دون دراسة وثقافة لا يمكن ان ينجح. حتى لو رأى بعض الناس مشهورين وأغنياء دون ثقافة، هذا لا يعني أنهم ناجحين. اختيار الطريق الاسهل للوصول عبر البرامج الغنائية التلفزيونية ليست أنسب طريقة للنجاح. التسلح بالتقنية يحمي الأوتار الصوتية مدى العمر. لذا نرى اكثرية المغنيين يفقدون اصواتهن بعد كم سنة من بدء غنائهم بسبب نقص في التقنية الصوتية والدراسة المحترفة. كذلك التمثيل دون الدراسة والثقافة لا يكفي لأن الممثل سيعيد نفسه ولن يجد تنوع في تمثيله إن اعتمد فقط على الفطرة. البحث الدائم سيغني الفنان والتقنية المكتسبة من الدراسة ستغنيه بعد أكثر. وأهم شيء على الجيل الصاعد الا يلجأ إلى بيع جسده كسلعة حتى يصل كما تفعل أكثرية الناس. الرقي والمستوى الفكري والثقافي يجب أن يطابق المستوى الفني والتقني.
١١ – كيف ترين علاقة الفنون بالموسيقى والحضارات والثقافات؟
* كل عملي مع السفارات يعتمد على التواصل مع كل الحضارات والثقافات وحتى في تعليمي للفنون في الجامعة أتكلم عن هذا الموضوع. الموسيقى هي جزء من كل الفنون التي توجد في كل حضارة وكل ثقافة. إن أردنا أن ندرس أو نفهم حضارة أو ثقافة معينة، علينا أن ندرس كل الفنون التي تكونها مثل: الأدب، والموسيقى، والرسم، والنحت، والعمارة والرقص، والمسرح والسينما، (إن كانت حضارة حديثة) الخ… وندرس تطورها على مدى التاريخ. ومن خلال كل تلك الفنون وتبلورها وتأثرها بحضارات اخرى نكوّن فكرة شاملة عن تلك الحضارات ونفهم شعبها أكثر فأكثر. في بحثي الدائم في هذا المجال هناك حشرية وشغف لمعرفة ما تخفيه كل حضارة وكل لغة وكل بلد وهذا ما يعطي الفنون غنى وتنوع في العالم ويجعلنا نقدر أكثر فأكثر تاريخها ومعناها وسبب نشاتها.
١٢ – هل لك ان تحدثينا عن عملك في جامعة ال AUST لذوي الاحتياجات الخاصة وكيفية التعامل معهم؟
* تعليمي لذوي الإحتياجات الخاصة في الجامعة لمس قلبي كثيراً. فأنا كعالمة نفس دائماً أستخدم علم النفس في تعليمي كما ذكرت لك من قبل وأجعل التعليم نوع من العلاج بواسطة الفنون. ولقد لاحظت أن ذوي الإحتياجات الخاصة يمكن ان يبدعوا في مجال الفنون كما يبدع اي شخص عادي وقد قاموا بمشاريع جميلة تساوي في بعض الأوقات مشاريع تلاميذي العاديين. ولا يزالون حتى الآن بعد مرور سنوات كثيرة على تعليمي لهم، يجتمعون ويتصلون بي لأنهم مشتاقين لي. وهذا يدغدغ قلبي ويجعلني اشعر بأن ما فعلته معهم أثر بهم كثيراً لأني اعطيتهم فرصة ليبدعوا مثل اي تلميذ عادي ولم اعاملهم بدونية. ويقدرون كثيراً جهدي وتعبي لكي أساعدهم على خلق مشاريع تعبر عن افكارهم الفريدة من نوعها وترسم روحهم بالعمق. وقد كان لي أيضاً خبرات كثيرة مع تلاميذ صغار ذو احتياجات خاصة أو توحد تعلموا معي البيانو واذكر احدهم كان لا يقبل ان يعزف منتظراً ٢٥ دقيقة حتى أغني. عندما ابدا بالغناء يسمع صوتي منطرباً ويبدأ بالعزف مع صوتي وبظرف ٥ دقائق يتعلم ما يحتاج إليه اخواته الطبيعيات نصف ساعة لتعلمه. أحب أن أكتشف ما يحرك خيالهم وتفكيرهم وهذا ما يعطيني فرح وشغف لأعمل معهم. أما العمل في الجامعة مع أناس ذو إعاقات فخبرتي هي أنهم كانوا في بعض الاحيان يقومون بالإبداع بشكل يفوق إبداع التلاميذ العاديين. واعلى علامة وضعتها في حياتي لتلميذ كانت لتلميذ أبكم أبدع من كل الجهات في الفنون وكانت افكاره الغنية تشع باستمرار على المسرح ويستحي رفاقه أن يصعدوا إلى المسرح بعده لكثرة أفكاره الرائعة والمشاهد التي خلقها بطريقة فريدة من نوعها.
١٣ – تجربة التحكيم ماذا أضافت لتارا المعلوف وماهي الأدوات التي يجب ان يمتلكها الشخص التي تسند إليه هذه المهمة؟
* تجربة التحكيم كانت جميلة جداً خاصة في أرمينيا حيث كنت عضو حكم دولي ممثلة لبنان في مسابقة عالمية للغناء لبلاد القوقاز بالتعاون مع منظمة الوابا WAPA العالمية لفنون العرض، وغنيت في ختام المسابقة في السهرة التي وزعت فيها الكؤوس للرابحين. طبعاً في تعليمي الجامعي وفي المعاهد كنت دائماً اضع العلامات وهذا نوع من التحكيم. وأحتاج لنفس الادوات لاكون حكماً في مسابقة عالمية: أحتاج أولاً لأن أكون ضليعة بالفن الذي أنا حكم عليه تقنياً وأقرأ كل ما يقدمه المغني أو المؤدي على المسرح وأعرف كيف احلله وأقسمه لأجزاء لأضع له علامة بشكلٍ عادل وهذا يأتي مع الخبرة. فالغناء يشمل التقنية الغنائية واللفظ والأداء والثياب التي يلبسها المغني والحضور والكاريزما، والجمالية في الصورة التي يرسمها المؤدي على المسرح، الخ… قد يكون المؤدي غير جميل وإنما يرسم جمالية على المسرح بأدائه ويكون لديه كاريزما عالية تؤثر في الجمهور كثيراً. ويجب علي كحكم أن أعرف ما هي القوانين في كل مسابقة حتى أكون عادلة ولا أتأثر فقط بالمشاعر التي يخلقها المؤدي فيي. التحكيم يجب أن يكون علمياً مع الاخذ بعين الإعتبار تاثير المؤدي علي طبعاً. قد يكون المؤدي طريف وقريب للقلب إنما دون تقنية وقد يكون تقنياً رائعاً إنما كالصخرة جامد على المسرح دون مشاعر. لا يكتمل الأداء الا بوجود كل العناصر معاً.
أما في لبنان فقد كنت عدة مرات حكم في مسابقات غنائية وغير غنائية ومنها ملكة جمال بيبلوس حيث غنيت وكنت حكم. وبما أني أستاذة جامعية لكل أنواع الفنون فالجمالية والمقاييس الجمالية هي من الأمور التي اتعامل معها في تعليمي للفنون. وهذا ما سهل علي أن أعطي رأيي بالمشتركات وكنت مناسبة تماماً لهذه المهمة.
١٤ – أوبرا كارمن ماذا اعطت لتارا المعلوف؟
لعبت دور “كارمن” وهو دور البطولة في اوبرا كارمن سنة ٢٠١٣ مع الأوركسترا الفيلهارمونبة اللبنانية وكانت ثاني أوبرا تقام في لبنان. وسُنحت لي الفرصة أن أوظف الفنون العديدة التي طورتها في حياتي من غناء وتمثيل ورقص وكانت تجربة رائعة كللت كل التعب في سنين الدراسة بخبرة فعلية على المسرح في اوبرا دامت ساعتين ونصف وجمهور لبناني تحمس كثيراً لها مع أن الاوبرا شيء جديد في لبنان. طبعاً هذه الأوبرا سلطت علي الضوء أكثر مع أني في مجال الأوبرا كنت معروفة إنما أوبرا كارمن أظهرتني أكثر للناس ولا تزال أصداء هذه الأوبرا تسمع حتى الآن والحمد لله.
١٥ – ماهو جديد تارا المعلوف وماذا تحضر؟
أنا حالياً أحضر للكثير من الأعمال داخل لبنان فسوف أغني لسفارة جمهورية كوريا هذا الأسبوع في عيدها الوطني وعيد القوات المسلحة الكورية وسأغني في شهر تشرين الأول لسفارة الفلبين في عيدها الوطني. وهناك الكثير من المشاريع التي تتحضر إن شاء الله أعلن عنها لاحقاً فور تنفيذها. أما كل المشاريع خارج لبنان فقد تأجلت كلها بسبب أزمة كورونا، وأفضل عدم السفر حالياً بسبب كثرة التشديدات والشروط للسفر.
١٦ – كلمة أخيرة تختتم بها تارا المعلوف لمن تتوجه بها وماذا تكتب؟
أحب أن أقول للجميع أن يتحلوا بالصبر ويبقوا الأمل في قلوبهم بأن الأزمات التي نمر كلنا فيها الآن لسوف يأتي وقت ونتخطاها. لا توقفوا أحلامكم فهي محرك وجدانكم وهي التي تبقي السعادة في قلوبكم. أيضاً أقول استفيدوا من وقتكم مع العائلة وأعيدوا النظر بأولوياتكم. وحاولوا أن تبتسموا لتفرحوا الناس الذين من حولكم بقدر ما تستطيعون. وعندما تبتسمون سوف تجعلون روحكم تبتسم وتشعر بالأمل أيضاً.
في النهاية أحب أن أشكرك د. إلهام عيسى على هذه المقابلة اللطيفة وأحيي جهودك لإبراز كل زوايا شخصيتي ومسيرتي الفنية. واضح أن أسئلتك نابعة من بحث معمق عن أعمالي واهتمام صادق بمعرفة حقائق مسيرتي الفنية والثقافية. تحياتي الحارة لك!
Discussion about this post