5- السبعينات الذهبية
أيام الجنة 1978
إخراج : تيرنس مالك
بقلم الدكتور فراس الشاروط
يااااه هذا فيلم صورته رسمت ببهجة مثيرة ، وواحد من أجمل الأفلام التي تم إنتاجها على الإطلاق في السبعينات على خلفية من عواطف تندلع في مثلث الحب ، بعد خمس سنوات على فيلمه الاول يعود (مالك) لا ليروي حكاية (ميلودرامية) بل قصة عن الخسارة بنغمة رثائية ، مستحضرا الشعور بالوحدة والجمال في البراري اللامحدودة (نادرًا ما كان هناك مشهد ا داخليا) ، حيث يخيم عمال المزرعة تحت النجوم ويعملون في الحقول ، يضع المخرج ممثليه في إطار كبير مليء بالتفاصيل الطبيعية: السماء ، الأنهار ، الحقول ، الخيول ، و اللقطات صورت بجمالية في (الساعات الذهبية) فجرا أو عند الغسق ، بكاميرا المبدع دوما ( تنيستور ألميندروس ) – أوسكار افضل تصوير- وموسيقى (إنيو موريكوني ) .
في ظل هذه الخلفية ، تُروى القصة بطريقة غريبة. نرى اللحظات العاطفية الرئيسية بين الشخصيات البالغة حيث تدور أحداث الفيلم خلال السنوات التي سبقت الحرب العالمية الأولى. خارج شيكاغو ، يخوض بيل (ريتشارد جير) معركة مع رئيس عمال مصنع للصلب ويقتله. مع حبيبته آبي (بروك آدامز) وشقيقته الطفلة ليندا (ليندا مانز) ، يأخذ القطار إلى تكساس ، حيث يتم الحصاد ، ويحصل الثلاثة على وظائف كعمال في حقل القمح الشاسع لمزارع (سام شيبرد) ) ، بيل يخبر الجميع أن آبي هي أخته ، المزارع يقع في حب آبي ويطلب منها البقاء بعد انتهاء موسم الحصاد ، عن طريق الصدفة يسمع بيل محادثة بين المزارع والطبيب ، ويعلم أن المزارع لديه ربما سنة ليعيشها ، فيقترح على آبي أن تتزوج من المزارع ، وبعد ذلك ، عندما يموت ، سيكون لديهم المال الكافي ليعيشوا في سعادة ، لكن القدر يأخذ منحى أخر عندما
يرى المزارع بيل وآبي في لحظات رومانسية خالصة ، ويشعر أن هذه ليست الطريقة التي يتصرف بها الأخ والأخت ، يفتضح الأمر و يغادر بيل مع سيرك جوال .، تعيش آبي والمزارع وليندا بسعادة لمدة عام ، قبل ان يعود بيل في وقت الحصاد. ولتفتح كل القضايا المدفونة وتطفو على السطح مرة أخرى ، على خلفية رؤية كونية – دينية- : الجراد ، الحقول المشتعلة ، قتل ، منفى … الحكاية تروى بصوت ليندا الصغيرة ، في صوتها كل ما نحتاج لمعرفته عن شخصيتها وعن الآخرين لكن كلماتها ليست سردًا بقدر ما هي تعليق مواز ، ونشعر أنها تتحدث بعد سنوات من وقوع الأحداث ، في محاولة لإعادة بناء هذه الأحداث التي شوهدت من خلال عيون بريئة ساذجة ، وهي تمشي في الحقول مع (صديقتها المفضلة) الجديدة.، إنها هناك بعد رحيل الآخرين ، لقد ولت أيام الجنة ، فالأمور لم تسر كما تمنى كل واحد .
في النهاية فيلم يحرك الاحاسيس وبعض المشاهد ستاخذنا للبكاء لكن بكل الاحوال غير مؤلم ومتدفق كما لو اننا شاهدنا المثلث الرومانسي عبر موشور عاطفي بصور حلمية ساحرة عن الاشخاص والاماكن .
بعد هذا الفيلم سيختفي تيرنس مالك بالضبط (20) عاما ليعود بملحمته الشعرية عن الحرب (خط رفيع أحمر ) .
Discussion about this post