فى عام 2014 رشحت لمنصب المشرف الأكاديمى لأحد الهيئات التعليمية الخاصة التى تدرس طلابا من جنسيات مختلفة بالمملكة العربية السعودية ، وطلب منى أن أضع خططا استراتيجية لتطوير العملية التعليمية ، وكان لى حلم أردت أن احققه وهو مشروع مسرحي ضخم ، هذا المشروع يرتكز على الأطفال فى بناء فرق مسرحية موهوبة ، حيث يقوم المسرح بكل طاقاته على الأطفال فقط من كتابة نصوص مسرحية وملابس وديكور وإخراج ودعاية ،حتى بطاقات الدعوة يقوم بها الأطفال أنفسهم ، وكان الغرض من هذا إعداد جيل من المسرحيين الموهوبيين فى شتى مجالات العمل المسرحي ، حيث كانت رؤيتى للمشروع ليس عملا روتينيا ،وإنما حلما أسعى لتحقيقه ، وبالفعل قمت بالتخطيط للمشروع من كافة الجوانب ، وعرضته على المؤسسة التعليمية ولاقي إعجابا كبيرا ودعما ضخما من المسئولين فى ذاك الوقت
وبدأت الخطوة الأولى فى تجميع فريق من محبين المسرح من داخل المؤسسة التعليمية
ومن المختصين أيضا بمجال المسرح سواء أكاديميا أو تقنيا ، وقمنا بعمل عدة اجنماعات وورش عمل لاختيار المواهب المسرحية فى مجالات المسرح المختلفة ، فالعادة أن يبحث المختص المسرحي ،عن الموهبة بين الأطفال فى مجال التمثيل فقط ، ولكن رؤيتى فى هذا المشروع ،أن أنتقى الموهوبين فى الأداء التمثيلى والكتابة المسرحية والإخراج المسرحي ،وكتابة النص المسرحى من الأطفال حتى يكون المشروع واضح ، ووضعنا معايير للاختيار ، وكانت مشكلة الفريق هو التعريف الحقيقى للموهبة ، حتى يتم الاختيار بشكل سليم ، وبالفعل لجأت إلى بعض المقاييس الأكاديمية فى عملية الاختيار .
فقد توصلت دراسات وبحوث كثيرة إلى نتيجة مفادها أن الأطفال الموهوبين يظهرون أنماطا من السلوك أو السمات التي تميزهم عن غيرهم، وقد رأى بعض الباحثين أن سمات كهذه تصلح كإطار مرجعي لتعريف الموهبة والتعرف على الموهوبين، وصمموا لذلك مقاييس وأدوات يمكن أن يستخدمها أولئك الذين يعرفون الطفل معرفة جيدة حتى يكون تقديرهم لدرجة وجود السمة لديه تقديرا موضوعيا وصادقا إلى حد ما. وربما كان المعلم بتماسه المباشر مع الأطفال في مراحل الدراسة أكثر الناس دراية بهم وأقدرهم على تقييم سماتهم السلوكية وتحديدها. وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة إلى هذه المقاييس إلا أنها توفر معلومات قيمة يمكن الإفادة منها في التعرف على الطلبة الموهوبين .
وتمت عملية الانتقاء من داحل الصفوف ، وبعد الاختيار وضعنا عنوانا لهذا المشروع وهو مسرحنا بالفصحى لتدعيم قيمة اللغة العربية ،والأداء المسرحى باللغة العربية الفصحي ، و نجحنا فى اختيار طلاب فى إعمار مختلفة بناء على مقياس الموهبة ، وأتذكر هذا التعريف الذى كان دليلى فى عملية الاختيار رغم مشقتها ، الأطفال الموهوبون هم أولئك الذين يعطون دليلا على اقتدارهم على الأداء الرفيع في المجالات العقلية والإبداعية والفنـية والقيادية والأكاديمية الخاصة، ويحتاجون خدمات وأنشطة لا تقدمها المدرسة عادة وذلك من أجل التطوير الكامل لمثل هذه الاستعدادات أو القابليات (Clark, 1992).
وكانت سعادتى بالغة عندما جمعنا خمسين من الأطفال الموهوبين على مستوى المؤسسة من المتعلمين الناطقين بغير العربية ،وهذا هو التحدى الثاني أن يقوم بالتمثيل والأداء طلاب ليسوا من الناطقين بالعربية ،ولكنهم أجانب من جنسيات مختلفة ، وبدانا فى اختيار النص المسرحى فى ورش عمل منظمة مع الطلاب فى فريق كتابة النصوص المسرحية الإبداعية ، ولعلنا نذكر أن الإبداع الكتابي هو أحد المشكلات التى تمثل تحديا للمشروعات المسرحية ، ولعل تعريف الابداع
“الإبداع مزيج من القدرات والاستعدادات والخصائص الشخصية التي إذا ما وجدت بيئةً مناسبةً يمكن أن ترقى بالعمليات العقلية لتؤدي إلى نتاجات أصيلة وجديدة سواء بالنسبة لخبرات الفرد السابقة أو خبرات المؤسسة أو المجتمع أو العالم إذا كانت النتاجات من مستوى الاختراقات الإبداعية في أحد ميادين الحياة الإنسانية” (جروان، 2013).
ولعل النقطة التي أريد أن أركز عليها فى هذه التجربة خصائص الموهوبين والمبدعيين ، فمن صفات الطفل الموهوب عموما
– حب الإستطلاع والفضول؛
– المثابرة في متابعة اهتماماته وتساؤلاته؛
– سرعة الاستيعاب وحفظ كمـية غير عادية من المعلومات واختزانها؛
– قوة الذاكرة والقدرة على التركيز؛
– تنوع الإهتمامات وتفضيل العمل الإستقلالي؛
– تطور لغوي مبكر وقدرة لفظية من مستوى عال، والولع بالقراءة؛
– قدرة غير عادية على المعالجة الشاملة للمعلومات، والسرعة والمرونة في عمليات التفكير؛
– قدرة عالية على رؤية العلاقات بين الأفكار والموضوعات؛
– قدرة مبكرة على استخدام وتكوين الأطر المفهومية؛
– قدرة مبكرة على تجنب الأحكام المتسرعة أو الأفكار غير الناضجة؛
– القدرة على توليد أفكار وحلول أصيلة؛
– مدرك لمحيطه، واع لما يدور حوله؛
– ناقد لذاته وللآخرين وتوقعات عالية من الذات ومن الآخرين؛
– يتمتع بمستوىً رفيع من حس الدعابة، ولا سيما اللفظية منها؛
– حساس شديد التأثر بالظلم على كافة المستويات ولديه حدّة انفعالية؛
– قيادي في مجالات متنوعة؛
– ميال لعدم قبول الإجابات أو الأحكام أو التعبيرات السطحية؛
– غالباً ما يستجيب لمحيطه بوسائل وطرق غير تقليدية؛
– تطور مبكر للمثالية والإحساس بالعدالة؛ والكمالية أو النزوع نحو الكمال؛
– دافعية قوية ناجمة عن شعور قوي بالحاجة إلى تحقيق الذات؛
– الاستغراق في الحاجات العليا للمجتمع مثل العدالة والجمال والحقيقة؛
– وجود فجوة غير عادية بين التطور العقلي والبدني؛
وإذا شبهنا عقل الإنسان بالحاسوب الذي يشتمل على ثلاث وحدات رئيسه هي: وحدة المدخلات الحسـيه ووحدة الاختزان ووحدة معالجة المعلومات، فإن الأطفال الموهوبين والمتفوقين يتميزون بأنهم قادرون على استقبال معلومات أكثر حول ما يدور في محيطهم، واختزان كم أكبر من هذه المعلومات، واستخدام أساليب عديدة ومتنوعة في معالجة المعلومات المتوافرة لديهم.
مشكلات الطلبة الموهوبين
يواجه معظم الطلبة الموهوبين مشكلات عديدة نتيجة للتفاعل بين خصائصهم الشخصية وبيئاتهم الاجتماعية الأسرية والمدرسية، ومن أبرز هذه المشكلات (جروان، 2013):
– عدم كفاية المناهج الدراسية العادية في الاستجابة لحاجاتهم وقدراتهم؛
– الملل والضجر من الروتين المدرسي،
– تدني مستوى التحصيل الدراسي؛
– إخفاء القدرات للتكيف مع الأقران والمعلمين؛
– تجاهلهم في الأسرة والاهتمام بأشقائهم الأكبر سناً؛
– اتجاهات الآخرين السلبية نحو موهبتهم؛
– الشعور الزائد بالمسؤولية نحو الآخرين؛
– التوقعات المرتفعة التي غالباً ما يضعها لهم الآباء والمعلمون والرفاق،
– النمو غير المتوازن بين الجانبين العقلي والانفعالي؛
– ضياع 50% أو أكثر من وقت المدرسة دون فائدة تذكر بالنسبة لمن تبلغ نسبة ذكائهم 140 فأكثر؛- شعورهم بالاختلاف وعدم التقبل من جانب الآخرين.
– مضايقة رفاقهم لهم بالسخرية أحياناً، وبكثرة الأسئلة والانتقادات والطلبات أحياناً أخرى،
– الشعور بالحيرة والتردد في مواجهة موقف الاختيار الدراسي الجامعي أو المهني، لاختلاط الأمور وكثرة الفرص الممكنة،
– الشعور بالقلق المرافق لإحساسهم الشديد بمشكلات المجتمع والعالم، وعجزهم عن الفعل أو التأثير فيها،
– الشعور بالعزلة واللجوء إلى إخفاء تفوقهم من أجل التكيف مع الرفاق، والتشدد مع الآخرين ورفض القيام بأعمال معادة، ومقاومة السلطوية وتدني الدافعية والاكتئاب، وعدم تقبل النقد والقلق الزائد،
– الاكتئاب الذي يختفي غالباً وراء ستار الملل؛
– المنافسة الزائدة؛ والانطواء الذاتي؛ وقلة الرفاق الموثوقين؛
– الإعاقات أو الصعوبات المخفية مثل صعوبات التعلم؛
ولعل من دواعى سعادتى بعرض من تأليف الأطفال ” الملك الحزين” وإدارة لخشبة المسرح من الأطفال أنفسهم ، والإضاءة والملابس والديكور، لعلنا نبنى فى الأجيال القادمة حب المسرح الهادف البناء
Discussion about this post