خارج عقلية المافيات .. ( تشافي وزيدان ) انموذجية ..
حسين الذكر
في واحدة من اجمل واكثر التعابير اللوحية لصور التعاقد والحاجة والانتقال في المشهد الاحترافي الكروي خاصة والرياضة منه عامة .. ظهرت وسائل الاعلام تطارد حدث انتمائي يعبر بكل خلجاته عن عطشية الرجل المناسب في الزمن والمكان المناسب .. وكأن الام حملت والبطون خاضت حتى تمخضت بانموذجية ودلالة فكرية حضارية قبل ان تكون مخرجات ربحية وتجارية وتسويقية رياضية او اعلانية او استثمارية بكل عناوينها ، ما خفت منها حد التمحور خلف الستائر او ما ظهر وتجلى منها على صفحات الصحف وشاشات العرض التلفازي والاذاعي .. وقبل هذا وذاك كمادة دسمة حد التذوق للشبق التواصلي المعزز برغبة جامحة وتحشيد غير مسبوق من قبل التعاطي الجمعي الملياري لبني البشر وهم يخوضون في مجالات الرغبة والجموح والاشتهاء والاستبطان والترويح والاستمتاع والمتابعة وكل فرضيات ومحاولات الترجمة الفعلية لكوامن الانسان في تكوينه العصري ..
سبق ان فعلها زين الدين زيدان ذلك النجم فرنسي الهوية عربي الاصل .. الذي كان مثال يحتذى فيه بالاخلاق والمتبنيات السيروية والمنهج التخطيطي بعيدا عن العبثية .. في تعاطيه وترجله خطوة لخطوة ومن مرحلة لمرحلة خاضها بامتياز وادى دورها بعطاء بلغ حد النطق بجمالات الاعداد والثقة بالنفس .. فحينما طلب منه بعد الاعتزال مباشرة ان يتولى منصب مساعد للتدريب في عهد الشهير مورينو .. كمدرسة تعليمية يمكن ان تصب في صالح ابن مدريد الوفي .. رفض زيدان المهمة قبل النضوج ولم تثنيه كل مغريات ذلك السيل الدافق من مشتهيات الحياة الكروية والتدريبة والاعلامية فالعاصمة الاسبانية الأشهر .. وما سيتبعها بشكل طبيعي من شهرة ومال وفتح ابواب محتملة حد التاكيد .. لكنه رفضها كلها .. بمنطق لا داع للاستباق وحرق المراحل قبل التزود المعرفي وتعزيز الثقة .. ففضل الابتعاد عن ساحات التدريب ومراقبتها عن كثب وقرب بعد ان دخل معهد الادارة الرياضية والتطوير العلمي الشخصي والفكري والاداري والفني .. فكان لها بشكل اقدر على امتطاء صهوة فرس الريال الملكي بكل ثقلها وعنوانيتها .. كي يات الحصاد كما هو مرتجى لدرجة اصبح عبرة ورغبة لكل من يريد التذوق ..
باتجاه اخر لم يقبل ابن كاتالونيا وخريج مدرسة لامسيا ( تشافي ) ان يخوض بمعترك محترق قبل اوانه ، فرفض فكرة التدريب والقيادة الباكرة .. مفضلا الانتقال الى قبلة العالم الضوئي والاعلاني والاعلامي والتسويقي الرياضي في الدوحة القطرية بكل ما تعنيه بعهد العصرنة الرياضية .. موقعا عقد التاقلم مع البيئة الخليجية لاعبا ومن ثم مدربا .. حتى بلغ مرحلة النضوج … حتى آن أوانه بالعود الى كاتالونيا والمضي في الدرب نحو الهدف المطلوب .. محاولا انتشال سفينة البرشا مما هي فيه ..
في كلتا الحالتين الزيدانية والتشافية .. كانت العلمية والانتمائية والاحترافية هي السائدة في العقد وخطواته حيث لا ارتجال لا نفاق لا فكر مافيوي ولا قرابتي ولا علاقاتي ولا شخصني … على حساب المؤسسة .. انها حضارة الاحتراف وصناعة فن الانتماء بكل اوجهه وقدرته على العطاء .. في خطوات لم ينتظر منها الا الاصلاح والتصحيح والانجاز الذي هو تحصيل حاصل نتاج مدربي الحضارة وليس من مدربي الفلتة والمافوية والشخصنة وغير ذلك من امراض وادوات القهر والفرض المستخدمة في عهد الخفارة لبعض الأندية والاتحادات .
Discussion about this post