فن القيادة ..
علم او نتاج مؤسسة !!
حسين الذكر
هل ممكن للعبقرية ان تعمل وحدها دون محيط وبيئة مناسبة .. ؟
قبل الإجابة ينبغي ان نعي معنى العبقرية ..وهل ممكنة الظهور في بيئة ما .. واذا ما ظهرت هل لها قدرت العمل وتنفيذ الخطط وإبراز المواهب .. ؟
في الواقع العراقي – على سبيل المثال – لا شيء ينبيء عن ذلك ، فمنذ سنوات طويلة تم الغاء شرط ( الرجل المناسب في المكان المناسب ) .. وتحولت الى : ( الرجل التوافقي في المكان الفوقي ) .. لم تعد المؤهلات مطلوبة .. ( الشهادة والكفاءة والتجربة والخبرة وحسن السيرة والسلوك .. والتدرج .. وغير ذلك من مقومات تعد نتاج حضارة وقيم ..) .. كلها ضربت عرض الحائط .. فالشهادات زورت والكفاءات همشت والخبرات هجرت وتلاشت .. القيم الأخلاقية لم تعد كما كنا نتعلمها أيام زمان في الدارسة والمساجد والمجالس والمنتديات المجتمعية .. ولا حتى في : ( صباح الخير وايامك سعيدة والله يعينك .. كما سمعناها في دعوات الأمهات وهيبة الإباء واحترام الأولاد ..) .
كل شيء غدا خارج النص .. المنظومة التي عشناها وتربينا بها سنوات طويلة برغم الاسى والحرب والدمار والاعدام والحصار .. ظلت القيم الأخلاقية سائدة في صدور الإباء واحضان الأمهات ومناهج التدريس واخلاق معلم .. يستحق التبجيل ..
اليوم … قلبت الأمور راس على عقب وأصبحت الطائفية والمحاصصة والتوافق والاقارب والحزبية والقوة والكاتم وحرق البيوت وصلب الانسان عاريا وتهديده وانتهاك كرامته .. فالمنطلقات الحاضنة ( البطن والفرج والمصالح الشخصية وما خفي كان اعظم .. ) انها محنة العبقرية ..
بعد احتلال العاصمة الالمانية برلين عام 1806 .. حدثت صدمة أخلاقية وثقافية لدى النخب الألمانية لتلافي الهزيمة ومحو عارها .. ففكروا بالإصلاح ومصلحين .. انبثقت لجنة إصلاحية اخذت على عاتقها وضع أسس الإصلاح حتى حققت نجاحا منظورا انعكس على مجمل الحياة الألمانية . وقد ولد من رحم عمل اللجنة مقاتل عبقري اسمه مونتلكة .. هذا الجنرال غير مجرى التاريخ في اوربا وجعل المانيا على راس العالم .. في بدايات1866 تعرض للمضايقة من احد المتسلقين على الاكتاف .. فقرر ان لا يتصادم وهو العبقري الهمام .. فذهب الى مكتبه وكتب استقالة من سطرين .. : ( يا جلالة الامبراطور المعظم ان جنرالكم تعب واصبح لا يقوى على تقديم الأفضل .. لذا ارغب بالاحالة على المعاش .. ) ..
الامبراطور العاقل الفاهم بمصالح الدولة والملك .. تمعن بها ورفضها فورا واستدعى مونتلكه قائلا : ( أيها الجنرال .. لم يحن وقت الاستقالة فان المانيا والامبراطور لا يمكنهم الاستغناء عن عبقريتك بهذه الظروف ) . بعد 22 عام … فيما وهن عظم الجنرال العجوز شوهد بصحبة الملك في استعراض التقاعد والتكريم ..
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تشكلت لجنة من قوات التحالف المنتصرة بالحربين الأولى والثانية لمعرفة أسباب تفوق الجندي الألماني .. وبعد اخذ وعطاء كتبت اللجنة في توصياتها : ( هناك احتمالين للتفوق الألماني .. فاما يكون نتاج عبقرية فردية تقود المؤسسة .. او مؤسسة متكاملة تنتج عباقرة ) ..
Discussion about this post