وطن انتمي إليه
مي الكسادي/ اليمن
لا أخاف الانكسار ، ولم أكن لأخشى الانطفاء أو الذبول، فلا يزهر قلبي بعدها أبدا.. ولا أخاف أن أفقد الرغبة.. أو الشغف الذي يجعلني راكضة كل هذا العمر تجاه ما أحب ولا ألقاه.. أو ألّا أصبح نبراساً منيراً في الحياة.. أن أفقد النور بداخلي ويعتزلني الضوء وتظل العتمة هي أنيستي .. أو أن تتوارى روحي عن أعين من تحب ، فلا حبيب يبقى ولا رفيق يصدق فيخلص.. إذ إنني بعد كل هذا ومن تحت الركام أنبثق كالعنقاء ! …
ولكنني أخاف أن يبخل علي الوطن يوماً بشبر ! أواري فيه ثراي – ذلك الوطن الذي لأجله نبذل الغالي والنفيس – ولا ألقى قبراً يضم جثماني النحيل والمكلوم بحب الوطن …
لو سألني أحدهم قائلاً : كيف تحبين أن ينظر إليك أو بماذا تعرفين عن نفسك ؟ لقلت :
أحب وأحب حباً شديداً أن يُنظر إلي كظبي صنعاء في شعر المقالح ! الغزال الذي تغنوا به وسط صنعاء.. الساحل الذهبي في عدن وعدن حينما كانت مهوى القلوب والأفئدة لكل العشاق.. عدن حينما كانت عروسة شبه الجزيرة العربية.. الجبال الشامخة بها ، جبال شمسان وردفان .. ناطحات السحاب في شبام والقصور المعلقة في سيئون.. المباني العتيقة بصنعاء القديمة.. بلقيس الحبيبة في شعر البردوني وسعاد في شعر المحضار ، الغزل الذي تغنى به الكاف في شعره عن المرأة الجميلة .. نغمة الدان في صوت العملاق بلفقيه أبوبكر سالم.. أحب أن يُنظر إلي وأنا أمثل الجمال الحسن عن بلادي – لا الجمال الخلقي – الجمال الساحر لحضرموت الزاخرة بالعطاء والفردوس المفقود في بلادي.. ولو عرّفت عن نفسي لقلت.. ” اسمي مي الكسادي أنثى شرقية وأعتز جداَ بشرقيتي .. يمنية وتسري في عروقي دماءٌ ملكية.. عربية الانتماء والولاء والثقافة. ”
عندليب الرافدين سعدون جابر الذي يعد الذاكرة الحية للفن والتراث العراقي في إحدى مقابلاته ذكر بعين باكية وغصة دامية عن أن المبدع العراقي يريد قبراَ في العراق يعز عليه أن يجد قبراً.. ومثّل بذلك عدة أشخاص منهم عميد الغناء العراقي الدجيلي توفى ولم يجد متراً واحداً يضمه في العراق ودفن بالكويت .لا مأساة أشد من أن خيرة مبدعي الوطن يموتون مهاجرين عن أوطانهم ..
لكل ‘ الطيور الطايرة ‘ المهاجرة في غربتها .. أقر الله عيونكم بالعودة للوطن.
Discussion about this post