ليلة الميلاد ..
ليلى حسين
فى مخاض عام جديد
وحدى أحاور المقاعد العتيقة
الأرض القاسية الباردة
السقف و الجدران الأربعة
أتفحص علب الألوان ..
علنى أجد لونا مدهشا ألوذ به
ألون به جفنىَّ و كرز الشفاه الباهت
أنمق به شعرى المائج الملمس
***
حين امتشقت رصاص قلمى
أخذ يعاندنى ..
يتمرد على أحرفى ..
كيف ولم .. ؟!
و قد كان فى طفولتى
نِعْمَ الصديق الحميم الوفي ؟!
***
وحدى مع فنجان كبير جدا
أصب فيه قهوتى المُرة
أَسْبَحُ أميالَ عمر فى محيطه المتفرد
أبحث عن ظل خفاق وتودد
عن ملامحى فى عين الصحاب
و أغانى الوطن النبيل
أفتش عن قامتى النحيلة ودوائر الألوان
عن وقع قدمَىَّ راسختين
على السطر الثانى فى سلم النغم
أبحث عن معزوفة للنماء
وعنقى الفاره كبرياء
***
فى ليلة الميلاد ..
أبحث عن ” عصفور الجنة ” و ” الجلاديولاس ”
أفتش عن بطاقة منمقة مموسقة بعطر البهجة
أبحث عن لحن الحبيب
عن ملامحى فى مرايا عينيه
عن طِيب قلبه .. ضحكته و رنين براءتى
أجتر لحن الكمال ..
إغفاءة على كتفه تضج بالأمان
***
ليلة الميلاد ..
من خلف النافذة
الجيران فى ابتهاج
أشجار الميلاد ،
الكرات اللامعة الملونة ،
الأجراس ، الصلبان ، ثياب العيد ،
ثمار القرع ..
والبرتقلات المفرغة
ينطلق منها تيار الشموع ،
ترانيم الملائكة
و رسائل القلوب إلى الملأ الأعلى
سيدنا ابن مريم يشهد
و الله الواحد المهيمن
على الأرض بما حوت شهيد
***
فى ليلة العيد
الملائكة تربت على قلوب ثكلى
الملائكة تزف ألف ألف شهيد
الأنبياء تشهد
الرسل تشهد
و الشهداء قوافل
البكاء تحجر فى مآقى السحاب
النور فى أعالى المجد ألماس متلألأ
النور يسطع
النور فياض مبهر
***
فى ليلةالميلاد
الرجل الذى يسكن حجرة تلاصق حجرتى
لم يتنبه أبدا لصقيع وحدتى
عصبى المزاج ، ناقم
عبوس الوجه ، مبدع !
نعم مثير للدهشة .. مبدع ” لكن ” .. .. !
يا و يح قلبى من لفظ الاستدراك
يتبعه جسد واهن
يتجاهل رضاى وبسمتى
هل يغفر له إبداعه
أن يمنحنى وردة أو إطلالة وسلاما عابرا
لماذا يصفق الباب بقوة على مَعين محبتى
فتنشرخ روحى و أتآكل وجعا ؟!
و فى اللحظ القريب جسدى راحل ..
***
فى ليلة الميلاد ..
كيف لا أصلُ الجارَ بوردة بيضاء
ببطاقة مشوشة ..
بخطوطى الناعمة ؟!
هو أول من يسمع أنينى والسكرات
حين يصادرُ الموتُ أضلعى المتخمةَ بالعشق
كيف لا أستميل جارى العنيدَ ؟!
ألا أغفرُ جنونَ تمردِه .. ؟!
فهو الوارثُ القريبُ الوحيدُ لحجرتى
أنا أثق جدا أنه يحملُ براءةَ طفل ..
قلبى الذى هزمته السنون صادق جدا
قلبى لا يكذب
أبدا لا يكذب ..
***
فى ليلة الميلاد
تداعبنى نسائمُ شوق
فانتظر رجلا مالت روحى لعشقه
حين أقرَ للنيلِ و السماءِ بحبه ..
لكنه يمنح كل المفاتيح لعقله !
كيف يحبُ رجلُ بعقلِه .. ؟!!
أنا أبحث عن مراكز الجنون فى رأسه
أسأل الله أن يمنحنى كل وجده ..
” يا الله .. يا حنان .. يا منان ”
” يا الله .. ألنتَ الحديدَ فى قبضة داود ”
” ألِن يا ربى قلبَه ..
فأنا لستَ إلا قلبا هائما ”
” يا الله .. كيف لى احتلاله ؟
” هو لا تستغرقه الأشياء ”
كيف أكون أنا المُسْتغرقة
ويطبع نوره على جبهتى .. ؟!
***
فى ليلة الميلاد
لم تضحك السماء ..
لم ينهمر المطر ..
من مفرقِ فى ستائر النافذة
تناقضات الكون فى حدقةِ القلبِ نافذة
الساعةُ تدقُ اثنتى عشرة دقة
الأجراس .. الموسيقى ..
صلوات تخالطها قهقات
اصطكاك الكؤوس ..
و الرؤوس الفارغة ..
الأعمار تنحدر ..
الضحكات مدوية ..
أنا أرصدُ مشاهدَ العناقِ
يتبعُها تدفقُ الألعابِ النارية والصخب
المارةُ الفقراءُ فى توجسِ واستحياء
يتابعون علبَ النفايات ..
علهم يجدون بقايا وليمة فاخرة
لا تعرف الفول ولا الجرجير ولا الفجل
لا تعرف عائلة البصل واللقيمات اليابسة
كل البقايا يشوبها الملح ..
و الملح يغمر الأجساد كلها ..
***
فى العام الجديد ..
هل هناك من يحفظ الأمن ..
من يصون العِشْرة والود … ؟!
” ربى أعنى أن أغرس بيدر عشق على عتبات العام ”
فقد تزهر الأيام قلوبا تحترم العيش ..
تصون الماء والحب والملح .. ..
************************
Discussion about this post