صقيع
ليلى حسين
ذات صقيع أعلن الطبيب المتغطرس كلمته ، كم كان متعجلا ، أنفاس سيجاره البني تحاصرني ، كل حواسي مستيقظة ..
في حضرة الوهن المصفر المستسلم لجفوة الطاولة ، الريح تصفق الباب الحديدي بقوة ، الأصداء تعربد في أروقة روحي التي تتأهب للصعود . وجوه خاشعة و أخرى متوجسة و أيادي تدس رشوة للمرأة المكتنزة ذات الصوت اللاذع الأجش ، كم يزعجني صليل أساورها الذهبية ، حين لمست جسدي لتنزع ملابسي ، ليستكين ما بقي من رائحة الدنيا في حقيبتها الواسعة الداكنة ، فهي تستحوذ دائما على ملابس الموتى .. جسدي في حالة تنميل و تذمر من الطقس الثلجي .. ماء الغُسٔل .. بارد .. بارد جدا ..
رائحة الموت تقترب أكثر ، تجثنم على أضلعي ، ترى ألم تكن الرشوة كافية مع أجرها لتطلق أدخنة البخور الفقير من المسيرة و الملح و الليان المر .. لماذا هي متهاونة لا تحسن فروض الطقوس .. بغتة استبدلت الطِيب بماء آسن .. كل حواسي متقدة و هي تدس قنينة العطر في صدرها ..
أرقبها ..تدفعني بشدة ، تتعارك مع شعري و هي تحزم ضفائري توجعني كفوفها .. تفر من ناظري ، حين يفشل الجميع في تسبيل عيني .. المرأة الشرسة البدينة متعجلة .. تتباعد ، ترتعد ،
و أنا انتظرك ..
القلق يغزو الجميع من تحوقل و من تقرأ “الإخلاص” ، و من تهديني دعاء غارق في دموعها .. الرجفة في قلوبهم عارمة .. لن تُغٖلق ضفتا الكفن دون وجهك أختزنه في مسارات روحي ..
المرأة حديدية حين تزم الأربطة .. تقصف ضلوعي و أصابعي ..
ذات طرق يعوي حديد الباب .. انتفض بآهة لهذا الخطو المرتقب .. وجهك الطيب ، قبلاتك المشبعة دمعا ، ارتعاشة بين عيني و على جبهتي .. أشعر أخيرا بالأمان ، تنسدل جفوني على عطرك ، همسك الممزوج ب “بس” و يختتم المشهد على جسدي الملفوف كقطعة حلوى بائرة ..
Discussion about this post