ثلاث قاصات.. صغيرات
بقلم الطفل الكبير علي حداد
الكلمة :ان طفولتنا.. هي كل ما يتبقى
….. لشيخوختنا
وان الكتابة هي كل ما يتبقى لنا من نعيم
ألأهداء : الى كل الاطفال الذين كبروا وابدعوا……
ليضفوا على العالم شيئا من البهجة ….
-1-
اسمي صبيحة ولي ثلاث شقيقات هن مديحة ووداد وبدور، انا ولدت وحدي.. قبلهن بسنتين، هن ولدن معا.. الواحدة تلو الاخرى.. يختار لهن ابي وامي قميصا واحدا، مطرزا بالورود والاشجار.. وجوارب حمر فيها تلال وغزلان، واحذية صغيرة بيضا، وتفرق لهن امي شعرهن ثم تعمل لهن جدائل جميلة وبشرائط مربوطة .. بينما كانت ثيابي تختلف تماما عن قمصانهن.. وشعري كان منسابا على كتفي بخمول.. كنت اريد جدائل ذهبية وجوارب حمراً فيها تلال وغزلان وقميصاً مطرزاً بالورود والاشجار و.. و.. و..
تمنيت حينها ان يأكلهن الذئب.
-2-
انا مديحة ولدت مع وداد وبدور.. كنا نتشابه في كل شيء وزاد علينا ابي وامي انهما كانا يغلفاننا بقماش واحد، واحذية واحدة، وست جدائل بشرائط ملونة تبعث حركتها على الملل، وكنا نأكل في وقت واحد ايضاً.. وندخل الحمام سوية لنغتسل .. وننام معاً متلاصقين.. عيوننا متشابهات.. نذهب الى المدرسة بزفة ونعود بزفة.. الناس الآخرون كانوا مبهورين بنا.. صبيحة كانت مختلفة عنا تماماً.. لكنها كانت تثير اعجاب كل الناس.. بحديثها الحلو، لانها لم تكن تلفظ حرف الراء بطريقتنا، ومشيتها كانت دقيقة وخطواتها قصيرة.. وحين قرأت قصتها اللعينة تمنيت ان تسقط في تلك البئر فتلتقطها امرأة لتبيعها الى القافلة المتجهة الى القاهرة.
-3-
بدور، نعم انا هي.. امينة سرهن.. لكن صبيحة كانت تجلس وحدها.. وتأكل وحدها.. ولا تطلب المساعدة من احد، ولا احب فيها صمتها وحزنها وحيرتها وبكاءها في الليل.. انا احب اخواتي جميعهن وادعوهن الى حب صبيحة ، كانت مديحة قاسية قليلا، نعم فقد وقع في يدي ما كتبته صبيحة ومديحة وتألمت كثيراً وبكيت.. لكني اؤكد لكم ان اخواتي يحملن قلوباً تفيض بالطيبة والصدق.. فيوم كنا نجلس في حديقة بيتنا الكبيرة ورأينا القطة السوداء وهي تقطع العصفور وتلتهمه بكينا جميعا وسمعنا همس صبيحة لنفسها:
– لا ..لا اريد ان يأكلهن الذئب.. يا الهي..
وكانت ثماني جدائل بشراءطها الملونة تتضارب على الاكتاف وهن في الطريق الى المدرسة .. و قلت لهن ذات صباح:
– ما دمنا قاصات صغيرات فإن الكراهية تفسد قصصنا..
فضحكت وداد منا.. لأنها لم تكن تكتب شيئا حتى الآن..
Discussion about this post