استسلام مشرف ..
دروس وعبر حضارية !
حسين الذكر
مطلع الحرب الكونية الأولى في نيسان 1940 ذهل العالم من انهيار جبهة الحلفاء وانكشاف الساحة الفرنسية امام مدرعات غودريان .. لتفتح أبواب فرنسا على مصراعيها ، مما دفع رئيس وزراء بريطانيا للتحليق طائرا نحو باريس اخطر بقعة في الأرض آنذاك بحثا عن مصالح بلاده مجتمعا مع رئيس وزراء فرنسا بول رينو والجنرال الفرنسي ويغاند بمعية المرشال بيتان ..
قال تشرشل : ( ان بريطانيا تنتظر شن هجوم على المانيا لتخفيف الضغط عن فرنسا.. ) ملمحا اقناع القيادة الفرنسية على الصمود وعدم توقيع الاستسلام .. فرد ويغاند شارحا : ( نحن نقاتل هنا بكل قواتنا ، وليس لدينا ما ندخره .. اننا نعيش الربع الأخير من الساعة الحاسمة .. لذا يجب ان تقدم لنا المساعدة الان كي تكون ذو فائدة عظيمة .. فاذا ما احتلت الاراض الفرنسية لا اعرف كيف سنواصل القتال ) . فتدخل رينو : ( ان ويغاند شرح الموقف العسكري نظريا .. لكن مواصلة القتال ليس من اختصاصه ) ..
بعد ان شعر تشرشل خطورة الموقف غير الموضوع : ( هل ممكن ان تبدؤا حرب شوارع وعصابات ) .. فتدحل بيتان معترضا : ( هذه الحرب تجلب الخراب والدمار وفرنسا غير قادرة على تحمل ذلك ) . !
طار تشرشل يستعد لمواجهة المصير امام المانيا الهتلرية باوج عظمتها .. ثم قال بيتان لرئيس وزراءه : ( لا يمكن ان يبقى الجنود الفرنسيين يموتون دفاعا عن بريطانيا ) .
في مجلس الحرب الياباني دعوات وقف الحرب تتدافع حد الموت .. وسط انقسام همه الاول والأخير ان لا يكن الاستسلام مذلا .. وتأخر ردهم على شروط الحلفاء .. انقسام اليابانيين لم تكن لمصالح شخصية ومغانم حزبية بل همهم عدم اذلال الشعب وان لا يمس الامبراطور كرمز لعظمة الامة وكرامتها ..
فعقد مجلس الحرب اجتماعات مفتوحة ليل نهار لايجاد مخرج مشرف .. واذا بالاخبار المفجعة تتوالى … فقد الغى السفيت الهدنة معهم وشنوا حرب واسعة على منشوريا اليابانية .. ثم اخبروا بسقوط قنبلة نووية لا مثيل لها بالتاريخ محت مدينة هورشيما من على وجه الأرض .. بعد ثلاثة أيام تم اسقاط قنبلة أخرى على مدينة نكازاكي مع تهديد الرئيس الأمريكي ترومان بسحق المدن اليابانية ان لم يوافقوا على الاستسلام ..
بخضم هذه الظروف الصعبة والتضحايا الهائلة .. لن يتراجع العسكر عن مطالبتهم بسلام يحفظ كرامة اليابانيين ويصون أرواح شهداؤهم .. ثم حدث انقلاب لمنع الاستسلام المذل ونجحت الحكومة بسحقه .. ثم شهد المسرح موجات انتحار جماعي غير مسبوقة لكتابة قصة سمو الروح اليابانية الشجاعة والمخلصة المضحية نحو الساموراي ..
ليلقي بعدها الامبراطور هيروهيتو كلمة من الإذاعة اعلن فيها الاستسلام ، قائلا : ( لا يهمني ما سيحدث لي شخصياً، لكني اريد النجاة لجميع رعاياي .. سنقبل شروط المنتصرين من أجل انقاذ الحضارة البشرية ) علما بانه لم يذكر ولا كلمة واحدة عن هزيمة اليابان عسكرياً .. لتعم مهرجانات شرب السم كل على طريقته الخاصة … اذ اجتاحت اليابان موجة سيل دموي تراجيدي مذهل في التعبير عن الانتماء والولاء لليابان والامبراطور في واحدة من أروع قصص الحب التي تشرح لنا بجلاء أسباب المجد الياباني وسيادته للعالم من جديد بفترة زمنية قياسية ..
Discussion about this post