بين النص والخطاب او ناراتولوجية الروائح بقصة (عبد الواحد ابراهم)
ا=========
حيث شدّ انتباهي ما قدمه القاص عبد الواحد ابراهم Abdelwahed Braham في قصة شواء..
ا======= ملخص القصة من وجهة نظري ¶¦¶ ===
د حمد حاجي
رائحة الشواء..
تبتدئ القصة باستهلال يختطف فيه القاص مشهد اهتزاز محرك السيارة وانطلاق الضابط الألماني فيها ليشق فيافي باتجاه البحيرة حيث الغاية المنشودة بصيد الجواميس والعجول ويحتفي القاص بالاثناء بروائح النباتات الجبلية ويحتفي بالظاهرة الشمية طوال الطريق للوصول فقدم لوحات تصف الخرشف والنبات البري..ممتزجة بعطور عطنة حينا تكون بمثابة اصباغ للوحة تشكيلية تمتزج فيها ارضية المشاهد المائية بالمشاهد الزهرية.. والمشاهد السماوية بلوحة الطيور والبجعات.. فيما كانت الجواميس سابحة بالبحيرة..
حتى يشتد السرد الآخاذ في القفز من مشهد لمشهد حتى الوصول الى اطلاق الرصاص على البقرتين.. طلقة أو أربع في الماء ثم ما تنفك الكتيبة..تردي العجول قتيلة بين زعيق الصيادين وألم امهات البقر ..
ويأخذك السارد الى الوليمة..التي فاحت فيها رائحة الشواء..
فيستحضر المهمشين بتلك القرى ويكون حوار الأم لطفلها الفقير الذي لم يذق اللحم المشوي الا من يد الضباط الصيادين.. ليختلط الفقد بحالة الفقر عند العائلة بحالة ألم الحيوانات لفقد الجاموسة لابنها العجل ليكون اقفال النص على ظاهرة الشم : في قول الام:
يا لرائحة الشواء .. من أين اتيتم بها
فيما كانت البقرة الام تلطم الشجرة حزنا وكمدا على عجلها الذي اخذه الضباط الصيادون حين جاءت اليها الريح برائحة الشواء.. رائحة بشواء كبدها..
ا=======
في تحديد المفاهيم
ا==============
راق لي ان اقدم النص بقولتين الاولى للجاحظ.. (وليس يعرف حقائق مقادير المعاني، ومحصول حدود لطائف الأمور، إلا عالم حكيم، ومعتدل الأغلاط عليم، والقوي المنة، الوثيق العقدة، والذي لا يميل مع ما يستمل الجمهور الأعظم، والسواد الأكبر-( الجاحظ).. وهنا أفتخر بشخصية الكاتب القاص عبد الواحد ابراهم..
وثانيها قولة لجوزيف كيبلنغ حين يربط بين الشم والتعرف في قوله “إن الشرط الأول لفهم بلد أجنبي هو أن تشمه”. واتقصد النص قصة (شواء) للقاص عبد الواحد ابراهم
ا==================
اولا في مصطلح الناراتولوجيا
ا==================
لقراءة هذا النص تسلحنا بمصطلح الناراتولوجيا لتفكيك سلسلات النص السردية دواله ومدلولاته الأسلوبية تأسيا في هذا المساق، فيما يعدّه جيرار جنيت (G. Genette) الناقد السيميائي مرحلة هامّة من مراحل التحليل حين عالجها ضمن ما أسماه بصيغة السرد: Mode du récit..
اذ حدّد ثلاثة مظاهر للسّرد: (1)
ـ 1 ـ الحكاية: وتطلق على المفهوم السردي أي على المدلول.
ـ 2 ـ القصة: وتطلق على النص السردي وهو الدالّ.
ـ 3 ـ القصّ: ويطلق على العملية المنتجة ذاتها، وبالتالي على مجموعة المواقف المتخيلة المنتجة للنصّ السردي.
وهو ما يجعل نصنا حين قراءته بل مما يجعلنا قريبين من المصطلحات الثلاثة: (Narration) و (Narratologie) و(narrativité) القابعة في المعجم السيميائي المعقلن لدى قريماس..وما ذهب إليه عبد السلام المسدي، بالسّرد والمسردية والسّردية لذات المصطلحات (2)
ومنه ممكن أن نستأنس ب(Narratologie) لمفهوم السردانية” أو علم (السّرد) وهي الأدوات العلمية التي يستعملها الباحث من أجل الكشف عن سرّ العمل السّردي.” (3)..
فمن خلال (ملخص القصة من وجهة نظرنا) السالفة الذكر.
واحتواء النص على اولا الحكاية ممثلة في ( المسرود) وثانيا القصة بما هي (الدال)
وثالثا القص بما هو العملية التخييلية ذاتها المنتجة للنص السردي..
تبين لنا وجود النص ضمن دائرة النص السردي بامتياز..
ا================
ثانيا في مصطلح نصية النص
ا==================
ومن النص نقر بالتعريف القائل بأنّ “النصّ هو ما تنقرئ فيه الكتابة، وتنكتب في القراءة” (4)
ونذهب مع ما يرى بول ريكور (Paul Ricoeur) أنّ النصّ، خطابٌ تمّ تثبيته بواسطة الكتابة (5)، أي أنّ النصّ ما نكتبه وندونّه، وهي نظرة تلتقي مع وجهة نظر رولان بارط حين أقرّ مصطلح النسيج، (6) بمعنى أنّ النصّ يصنع نفسه باستمرار، وهو نسيج كما تنسج العنكبوت نسجها في شبكة متلاحمة منضدة..
إن كلاً من السرد (le récit) والخطاب أو الحوار (le discours) بهذا النص الابداعي يتميز بظواهر لغوية معينة اذ تشابك السرد هنا( يحوي أفعالاً ماضية وتدلل عليه استعمالات ضمائر الغائب) بما حوى النص من حوارية ومشهدية كان الحوار فيها قائما على أفعالٍ مضارعة تعبر عن الزمن الحاضر، وعلى بلاغة متمثلة في صيغ التعجب والنداء والاستفهام وظروف الزمان المعبرة عن اللحظة التي يجري فيها الحوار
ونسج القاص حبكة نصه من اسباب ومسببات صعدت عاليا بالصراع الى منتهى الازمة وانحدر به الى الاقفال على النص وهذا ما وجدناه حين التدليل عليه بظروف مكان الحوار وما طرأ على النص من تنويع بوجهات النظر وزوايا وبؤر التوتر حين استعمال ضمائر المتكلم والمخاطب معا..
ا===========
وهذا ما أثبتته الحكاية والقصة والقص من اتصال واتساق وانسجام وعلاماتية وتناصية..
ا======
ثالثا في مصطلح الروائح..
ا============
النص شواء زاخر بالتيمة الشمية سواء بعتبة العنوان(شواء) او استهلال القصة (رائحة الغبار حين انطلاق سيارة الضباط) او بتلافيف الحكاية ( احتفال بروائح الفضاءات بالطريق بامكنة الصيد بالبحيرة) .. او بالاقفال النصي (رواىح الشواء المؤلمة لام الطفل الجائع/ أم العجول) مما يدعو القارئ المتلقي الى البحث في الميتاناصات السردية الروائية العربية والغربية.. يطرح القارئ هل ان القاص عبد الواحد ابراهيم اول من تحدث عن تيمة الشم؟ وان لم يكن ذلك كذلك ماذا اضاف بنصه؟
لا تمنعنا الذاكرة العربية التي تزخر فيها روايات عربية بالاحتفال بالروائح..
فنجد رواية صنع الله إبراهيم “تلك الرائحة” التي اعتمد فيها الروائي على تفجير حاسة الشم لتسريع السرد
اما “روائح ماري كلير” لحبيب السالمي فقد انطلقت تيمة الشم لتؤسس لظاهرة التأثر والتأثير في خلق امزجة وعواطف أساسية للتعريف بالشخصيات..
واما “روائح المدينة” لحسين الواد.. فقد بنت ظاهرة الشم لتتيح مشاركة للقارئ في تقمص القارئ المتلقي للعمل الذهني..
واما “رائحة الأنثى” لأمين الزاوي.. فقد استغل الروائي على حاسة الشم لبلوغ رؤية مخصوصة للمراة والتمهيد لقضايا نسوية..
اما “رائحة الصابون” لإلياس خوري” فقد كانت الظاهرة الشمّية دلالة على الامكنة التي تأخذ حيزًا كبيرًا من الذاكرة العربية..
واما “رائحة الكافور” لميسلون فاخر و”رائحة القرفة” لسمر يزبك و”فخاخ الرائحة” ليوسف المحيميد و”رائحة الجنة” لشعيب لحليفي و”زرايب العبيد” لنجوى بن شتوان فقد جاءت كلها احتفالا بالمهمش والمهمل كما شأن المهملات الأخرى التي لا نوليها كثير اعتبار بحياتنا الواقعية. انها مهملات تكميلية في حياتنا الاجتماعية على وجه الخصوص، منها الجسد واللون والبصر والسمع واللمس وغيرها من الحواس التي تضفي على الحياة الاجتماعية أنواعًا من العلاقات النفسية والفكرية والأخلاقية..
ا=======
رابعا ما بين النص والخطاب و ناراتولوجية الروائح
ا=========================
نرى ان ما تفرد به النص القصصي يدفعنا اولا الى استذكار قصيدة بشار بن برد ومقولة أخرى لفريدريك نيتشه
وثالثة لنزار قباني وكلها تعلي من شأن الاختبار الشمي..
فاذا كان نزار يعتبر العطر لغة في قوله “العطر لغة لها مفرداتها، وحروفها، وأبجديتها، ككل اللغات”، فإن نص الشواء أضاف للغة السرد لغة تهجينية مازجت بين لهجة الدرجة واللغة العربية لهجة البوهيمية أنسنة عواطف الحيوان ..
أما ما اضافه النص القصصي شواء على ما ذكر كيبلنغ الذي ربط بين الشم والتعرف في قوله “إن الشرط الأول لفهم بلد أجنبي هو أن تشمه”. إن تعرف البلدة المستعمرة من ضباط ألمان نتشمم روائح احتراقه من كيفيات استغلال المستعمر فيها لثروات البلاد الطبيعية والحيوانية..
وربما ذهب نص الشواء بعيدا حين الاحتفاء بظاهرة الانفية والشمية مع نيتشة حين يعتبر أن الأنف أداة رائعة خذلناها فلسفيا وأهملناها، بقوله “هذا الأنف على سبيل المثال، ذلك الذي لم يخصه أي فيلسوف إلى حد الآن بما يستحق من عبارات الإكبار والامتنان؛ لهو إلى حد الآن الأداة الأكثر رهافة مما بحوزتنا من الأدوات التي في خدمتنا”.
وهو يتتبع التغيرات في ملاحظة الروائح يضع القاص عبد الواحد براهم الرائحة كما لو كانت قارورة عطر تتنقل بين الأحراش لتصل إلى حافة بحيرة أين ندرك أنها بمثابة خريطة تاريخية اجتماعية على الطريقة التي وضعها آلان كوربين في دراسته الرائعة الصيت الرائعة، الكريه والعطر: الرائحة و المخيلة الاجتماعية الفرنسية (نشرت في الأصل في فرنسا عام 1982، وترجمت إلى الإنجليزية في العام 1986)..
أما فيما يخص احتفاء بشار بن برد بالشم في بيتيه الغزليين الوصفيين والذي تعالقت فيهما الروح والإيروس والنفَس الصوفي،
كما يقول الدكتور رضا الابيض حين الاستشهاد بما يلف وبقول بشار
“درة حيثما أديرت أضاءت/
ومشم من حيثما شم فاحا..
فإننا نلمح ان القصة شواء تحمل بنية حبكة للقصة مخصوصة، في تغليبها الشم على التخيلات البصرية، وفي غناها بالمفردات المرتبطة بحاسة الشم. كيف ذلك؟
ا===========
خامسا الحبكة كفعل تلقٍ وتأويلٍ
ا========
الحبكة هي سلسلة الحوادث التي تجري في القصة متصلة ومرتبطة برابط السببية فيما بينها ولا تنفصل عن الشخصيات أبداً، فإن القاص يعرض علينا شخصياته دائماً وهي متفاعلة مع الحوادث، متأثرة بها، ولا يفصلها عنها بوجه من الوجوه([7]) .
ويمكن تعريفها أيضاً بأنها (طريقة المعالجة الفنية التي يجريها الكاتب على المادة الأولية للقصة)([8]) .
ثانيا: مكونات الحبكة
تتكون الحبكة من خمسة أجزاء مرتبة ومتتالية لا يسبق أحدها الآخر([9])
أ- العرض: أي بداية الرواية حيث يقدم القاص بنص شواء المعلومات الضرورية عن الشخصيات (الصيادين/ الضباط/ الأهالي) والبيئة (ضفاف البحيرة) التي تجري فيها الأحداث.
ب- الحدث الصاعد: حيث تظهر فيه الأزمة فتبدأ العقدة بالصعود والتطور ببطء.
ت- الذروة: سعى القاص إلى ابراز النقطة التي تتأزم فيها الأحداث، فتصل العقدة إلى أقصى درجات التكثيف والتوتر.
ث- الحدث النازل: تمكن القص من الانحدار الذي أعقب الذروة لاحظنا ذلك حين خف التوتر رويداً رويداً وشعر القارئ بانتهاء الذروة تمهيداً للحل.
ج- الحل أو الخاتمة: وهو القسم الأخير بقصة شواء حلا للعقدة وفيه اوصلها القاص إلى النتيجة التي ستنتهي إليها أزمة القصة.
من الواضح هنا أن الحبكة التي اعتمدها القاص هي الحبكة المتماسكة:
ونعني بالحبكة العضوية المتماسكة تلك التي تكون على النقيض من الحبكة المفككة، والقائمة على حوادث مترابطة يأخذ بعضها برقاب بعض، بهدوء تذهب في نسق واحد وعلى خط مستقيم كي تبلغ مستقرها، وقد بدت متماسكة لتوفر أمرين:
– أن الاحداث تتحرك بطريقة طبيعية خالية من الصدفة والافتعال.
– أن السبب والمسبب كانا مركبين بطريقة مقبولة مقنعة لا نشعر فيها بآلية العمل القصصي([11]).
ا=========
سادسا: اللغة الشمية و الحكاية والقص
ا============
يبدو الوهلة الأولى أن فن القصة القصيرة يستطيع ان ينافس الفنون الأخرى، شكلا ومضمونا لما توافر فيها من مادة شائقة قد تكامل فيها كل ما يؤشر لصالح الكتابة المبدعة، حيث جاءت القصة (الشواء) بلغة متينة ارتقت إلى التعدد في المعنى،
ففي القصة يأخذ الكاتب/ القاص قارئه ليركب بحرا عظيم اللجّة متلاطم الأمواج من التأويل، ما بين ذات مدمرة على حافة الموت المحدق، الى حياة حرّة كريمة..
قصة مواجهة الجواميس والعجول لمصير الموت أمام صيادين من فئة المستعمر الألماني ذلك الذئب البشري.. فالقاص في قصته قد أجاد سرد الحكاية بدقة ثاقبة، متبعا تلك الحبكة القصصية المقنعة (وهي من أهم مقومات الإبداع الفني..بتقديرنا).. يجعل القارئ متقمصاً لحالة الأم/ البقرة، بدقة جعلتنا نخاف خوفها ونرتعب لارتعابها، وكأننا نعيش الحدث نتقمصه . متسلحون بإصرار تلك الدابة، ونسمع بأذنها. متوكئين على رائحة الشواء حتى نكشف مصيرنا..
لقد أتقن القاص تصوير الروائح بموضوعية حاسمة دقيقة التفصيل… اي كان بناء الحبكة النصية عنصراً بنيوياً..حبكة نصية أقامت شبكة غنية من الصلات بين الطعام/ الصيد ، الحياة/ الموت.
فالحكاية عمود كتابة القصة، أو سياقها ومقومها الحيوي الموحد ولان الكتابة المتفاعلة مع قارئها لا تتسم بالعشوائية، التناقض، او عدم الاتساق.. فاننا نستشف من تلك الأماكن الروائح لاذعة، حادة، كما لو أن شيئاً ما يجري تخميره، ببطء، وفي السر، بين الحين والآخر مما يجعل تقبل الحبكة بأسباب ومسبباتها في كل سطر من سطورها، قابلا لأن يتكامل العمل اولا بذهن الأديب القاص قبل تكامله على الورق، وهذه القصة تكاملت فيها الحكاية مقنعة بموضوعيتها (رغم اختلاف التجنيس) بدقة رواية الشهيرة (الناب الأبيض – جاك لندن) التي كان بطلها ذئباً.. وهنا راينا الأمر نفسه مع الجواميس اذ تبدت بالقصة كما لو كانت مسبارا يسبر غور علم نفس الحيوان..
ولعلني أيضا اذهب بعيدا بقصة الشواء لعبد الواحد براهم إلى ذلك التحدي الملتهب بين الإنسان والسمكة في رواية (الشيخ والبحر- إرنست هيمغواي).. أو بين الإنسان والبطة الملكة في رواية (حين تركنا الجسر- عبد الرحمن منيف)…
ا======
سابعا فيما يشبه الخاتمة
ا======
وقبل الختام اقول ان هذا النص الإبداعي طريق معبد نحو تقعيد جماليات الرائحة، أو تسريد الكريه وتخييل العطر في النصوص الأدبية المعاصرة التونسية
وأنت تقرأ هذه القصة تتبادل إلى ذهنك تلك المشاهد ذات العلاقة بالشم في كل من رواية باتريك زوسكيند العطر، المنشورة في ألمانيا عام 1985، والمترجمة إلى الإنجليزية عام 1986. تلك الرواية الاستثنائية في تغليبها الشم على التخيلات البصرية، وفي غناها بالمفردات المرتبطة بحاسة الشم.
ولابد ان نتذكر رواية بروست الضخمة “في تذكر الأشياء”.
ولا بد ان نتشمم الروائح في رواية عوليس لجويس..
ونستعيد نتن الجسد المتفسخ في رواية “بينما أرقد محتضرة” لفوكنر..
ومن الجدير ان نخلق الفضاء المخنث للرواية كما برواية بارنيز “Nightwood“..(12)
أو رواية “عالم جديد شجاع” لهكسلي والذي تظهر فيه عملية التلاعب بالروائح لضبط العواطف.
ورواية توني موريسون (سولا )1973 ومذكرات أمي لجامايكا كينكايد (1996) ومكتوب على الجسد لجينيت وينترسن(1992) عالميا ..
وعربيا تقرأ ذاك الكتاب النقدي للدكتور رضا الأبيض ..(تمكّن الخطابِ الروائي من تجاوزِ فعل التأثيث الجزئيِّ بتفاصيلَ شميّة عابرة إلى إنشاء خطاب شمّي يقوم على الشمّ حافزًا والرائحة مطلبًا وذاكرة ورؤية)..([13]).
ا/======
الخاتمة
ا====
وختاما أقول لقد حان الوقت للبدء باستكشاف البديل المعرفي الخاص بالشم والأرضية العاطفية، الأخلاقية، والمعرفية التي يمكن لها أن ترسمها أدوات سردية مستحدثة بالكتابة السردية التونسية..
واختم بالقول أن حاسة الشم قد تكون بديلاً معرفياً متميزاً عن البصر والسمع.. على حد قول القائل:
الهولندي بيت فرون في كتابه الشهير -الرائحة: المغوي السِّري (1994)، أن حاسة الشم حيوية لمعرفتنا للعالم.
او ايضا
اكتب، الغائط ليس له رائحة.
-رولان بارت
في فعل الرؤية يبقى المرء نفسه، في الشَّم يتحلل.
-ماكس هوركهايمر وتيودور أودورنو.
أنه لمن الآسر أن نرى قصة الشواء لعبد الواحد براهم “كانعطافة شمية” مبشرة في الأدب التونسي..
ا=======
هوامش الدراسة:
([1]) صلاح فضل، بلاغة الخطاب ص 348.
([2]) عبد السلام المسدي، قاموس اللسّانيات ص 201.
([3]) عبد الملك مرتاض، ألف ليلة وليلة، تحليل سيميائي مركب لحكاية جمال بغداد، ديوان م. ج. الجزائر 1982 ص 48.
([4]) رشيد بن حدّو، قراءة من قراءة، مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 48 ـ 49، 1988 ص 13.
([5]) عز الدين المناصرة، نص الوطن وطن النص، شهادة في شعرية الأمكنة، مجلّة التبيين، العدد (1) ص 40.
([6]) رولان بارط، لذة النص، ترجمة محمد الرفرافي ومحمد خير بقاعي، مجلة العرب والفكر العالمي العدد 10، سنة 1990 ص 35 أو
Voir Roland Barthaes, théorie du texte, Encyclopédie Universalise 1980 (texte).
([7]) في النقد الأدبي الحديث: 134
([8]) م.ن: 59
([9]) ظ م.ن: 135
([10]) رولان بارط، لذة النص، ترجمة محمد الرفرافي ومحمد خير بقاعي، مجلة العرب والفكر العالمي العدد 10، سنة 1990 ص 35
([11]) فن القصة: 62
([12]) نحو جماليات الرائحة، أو الكريه والعطر في الأدب المعاصر، دراسات بمجلة alroumi.com فبراير 24, 2016
*أستاذة الدراسات الأميركية وما بعد الاستعمارية في معهد بليكنج في السويد دانوتا فجيلستيد[1] ترجمة أماني لازار..
[13]رضا الأبيض، “كتابة الرائحة في الرواية العربية”، سلسلة الوراق دار زينب للنشر.
Discussion about this post