وللسرقات وجوهٌ أخرى
قراءة تأملية بقلم
شيخ النقاد العرب / أحمد طنطاوي Ahmed Tantawy والقصة * فقاعات *
للأديبة السورية / سعاد غانم
…………………..
قصة قصيرة
فقاعات
التقيتها في محل للألبسة النسائية، بابتسامة محبة صادقة سلمت عليها،سألتها عن أخبارها، ردت بلهجة متعالية:بعد أن أصبحت الدكتورة(….) لم يعد لدي الوقت للتواصل مع المعارف،وتبادل الزيارات.
صعقني الخبر،جحظت عيناي دهشة،تساءلت في سري،متى حصل هذا؟ وأنا أعلم أنها لم تنل حتى الشهادة الثانوية، رغم محاولتها لأعوام متتالية.
تمالكت نفسي،وسألتها:كيف….؟ ومتى….؟
ردت بثقة المنتصر:أكتب منذ مدة على صفحات الفيس بوك
الخواطر الأدبية،والشعر،وأنواع أخرى أدبية.
كرمت من مصادر أدبية عديدة بشهادات دكتوراه فخرية في الأدب، وتحت مسميات أخرى، وشاركت بالعديد من المهرجانات الأدبية،والأمسيات الشعرية،وكتاباتي تنشر في العديد من الصحف الورقية،والإلكترونية،_محلية ودولية_
واعتذرت عن عدم تمكني من التحكيم في العديد من المواقع الأدبية ،لضيق الوقت.
شردت قليلا،وعدت بذاكرتي، عندما كلفت طالباتي بكتابة موضوع تعبير،كانت أختها الصغرى طالبتي في المدرسة.
قرأت موضوعها أمام زميلاتها في الصف.
أذكر كم صوبت لها من أخطاء في قواعد النحو والإملاء، بالإضافة إلى ركاكة الاسلوب،وتنبيهات أخرى.سألتها:من ساعدك في كتابة الموضوع؟
أخبرتني بأن أختها(….) هي من قامت بكتابته،وفعلا تأكدت من أن الخط ليس خطها.
تحدثت معها قليلا، ثم ودعتها متمنيةلها مزيدا من النجاح.
خرجت أكلم نفسي:أنا ما عندي حتى صفحة على الفيس بوك! يا لي من جاهلة!!
عدت للبيت ،وأعلنت حالة طوارئ، ولم يفرج عن أولادي حتى صار عندي صفحتي على الفيس بوك،ثم لقنوني كيفية العمل بها.
بداية بحثت عن كل الأسماء التي أعرفها ومنهم الدكتورة(….)، أرسلت طلبات الصداقة، وبدأت رحلة البحث والتنقيب عن آثارنا المستقبلية.
أووووو…..يا إلهي ما أجمل هذه الشهادات، كم تعب أصحابها، وسهروا الليالي،وقرؤوا أمهات الكتب….. شهادة الدكتوراه لا يحلم بها إلا من تعب وسهر وقرأ وبحث ووو.
أراها الآن وبكثرة.
هل أصبح مصباح علاء الدين بمتناول أيديهم؟!!
لله درهم…كيف تحولوا بين ليلة وضحاها من مبتدئين يتعلمون فك الحروف،إلى حملة شهادة_وأية شهادة…دكتوراه..وبالجملة!!! _
كم أنا مغفلة…!! هل كانت تباع على البسطات،ولم أنتبه!!!!!
كم أنا جاحدة و حاقدة، ومقصرة أيضا…أليست الصداقة هي مشاركة الأفراح وتقديم التهاني و…. أنا لست صديقة وفية حتى الإعجاب بخلت به عليهم….لا أنا غيورة…أكيد أغار منهم ومن نجاحاتهم،وخاصة بعد أن قرأت التعليقات التي تجاوزت المئات ،وكلها تشيد وتثني على الكتابات العظيمة ،التي تضاهي بجودتها الآداب العالمية.
مع خلوها من أي إشارة للأخطاء اللا محدودة،ولا للركاكة،ولا لسطحية الأفكار.
توسعت دائرة أصدقائي على الفيس،ومن مختلف البلدان،ومعها توسعت دائرة بحثي، ولشرائح مختلفة_ذكورا وإناثا_
يا إلهي….إنها خطة مدروسة جيدا،ليست عن حسن نية،أو عشوائية…خطة لقلب الموازين وأشياء أخرى مبطنة.
كان قراري النهائي إلغاء صفحتي، قبل أن أفقد احترامي لنفسي.
سعاد غانم/سوريا..في ١٣ اكتوبر ٢٠٢٢
……………..
القراءة
“”ألقاب مملكة في غير موضعها ……. كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد ”
( ابنُ رشيق القيروانى )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاســــــــــــتناد إلى دعائم من ورق مخافة السقوط فى بحر اللا مكانة شىء يستثير الخزى
حين يتم اكتشافه فيحدث التعرى لتزوير الهوية و الذى هو أشد من السرقة بمعناها المعروف .
محاولة ( لصق ) صفة ليست من مكتسبات الشخص الحقيقيةهى كسرقة وشـــــاح أمير مثلا
لإيهام الناس بهذه الصفة، أو كراقصة ترتدى حجابًا تصنعًا و مداراة ، أو تمسك سبحة مدعية
التقى و الورع ، فتكون أشد من المتاجرة بنفسها فى سوق الغوانى .
هؤلاء الناس لا يقدرون معانى احترام الذات و يلهثون وراءالتقدير الزائف المصـــنوع الذى
يكون صوت اكتشافه كصوت الصفعة حين تنزل مدوية مزلزلة .
الحصول على المكانة هاجس غريزى يقوى بشدة عند من يســتشعرون نقصًا فى كيانهم
فيحاولون الاتكاء على حوائط العظمة ( الخارجية ) و ليست تلك النابعة من ذواتهم الحقيقـــية ،
لذلك فمن المعروف و المشاهد أن الدافع الأول يكون الثراء الفاحش ، فإذا تحقق كان لا يكفى
لإرضاء النفس العليلة ، فتتمم المحاولات اللحوحة لتولى منصبًا ســـــياسيًا مثلا لإرضاء هذه
النزعة يضعهم فى مواطن الشــــــــــهرة و الصخب و الزينة.
لكن السؤال المحير فعلا :
ما هى أحوال داخلهم حين يقفون فى هدأة الليل منفردين أمام المرآة بعيدين
تمامًا عن كل ألوان البهرجة و الضجيج .. فى صمت الليل الكاشــــــــــــف ؟؟؟
ـــــــــــــــــــــــ
النص يلقى الضوء على ظاهرة ممتدة فى مناح متعددة ، و فى أشكال كثيرة
من اشكال التعامل الإنسانى .
شكرًا للأستاذة سعاد غانم
أحمد طنطاوي..القاهرة في ١٣ اكتوبر ٢٠٢٢
Discussion about this post