في مثل هذا اليوم 17 نوفمبر1947م..
العالمان الأمريكيان جون باردين ووالتر براتين يضعان المبادئ الأساسية الترانزستور، وهو عنصر أساسي في ثورة إلكترونيات القرن العشرين.
جون باردين (بالإنجليزية: John Bardeen)ء، (23 مايو 1908 – 30 يناير 1991)، هو فيزيائي أمريكي حاصل على جائزة نوبل في الفيزياء مرتين عامي1956 و1972. (هو الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل للفيزياء مرتين في تاريخه).
ولد في 23 مايو 1908 في مدينة ماديسون في ولاية ويسكنسن. هو الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل للفيزياء مرتين في تاريخه، الأولى كانت لأعماله في ترانزستورات عام 1956، والثانية كانت لأبحاثه في مجال المواد فائقة التوصيل عام 1972. وقد شاركه العالمان ليون كوبر وجون روبرت شريفر في الجائزة.
حصل على شهادة الماجستير من جامعة ويسكنسن في الهندسة الكهربائية ثم التحق بجامعة برينستون للحصول على شهادة الدكتوراة في علوم الفيزياء الرياضية.
في أكتوبر عام 1945، بدأ جون باردين العمل في فريق فيزياء الحالة الصلبة بقيادة ويليام شوكلي والكيميائي ستانلي مورجان مع والتر براتين وخبير الإلكترونيات هيلبرت مور. وكان باردين قد انتقل بعائلته إلى نيوجيرسي. سبق لباردين لقاء كلا من شوكلي في مدرسة ماساتشوستس وبراتين أثناء دراساته العليا في برنستون. ومن هنا نشأت علاقة صداقة قوية بين باردين وبراتين.
كانت مهمة الفريق إيجاد مكبر للتيار وللقدرة في الحالة الصلبة كبديل للصمامات المفرغة التي كانت تستخدم كمكبرات آنذاك وكانت تحتاج نحو 200 فولت تيار مستمر لبدء تشغيلها وكذلك كانت تحتاج لدوائر للتبريد. واستندت محاولاتهم الأولى على أفكار شوكلي حول استخدام مجال كهربي خارجي على أشباه الموصلات الكهربائية يؤثر على توصيلها للكهرباء. هذه التجارب فشلت في ظروف غامضة برغم استخدامهم العديد من المواد. كان الفريق في حالة جمود إلى أن اقترح باردين نظرية مفادها وجود مستويات للطاقة للالكترونات عند سطح شبه الموصل تمنع المجال الكهربي الخارجي من اختراق شبه الموصل، فغير الفريق تركيزه إلى دراسة هذه المستويات السطحية للطاقة وكانوا يجتمعون بشكل شبه يومي لمناقشة ما وصلوا إليه. كانت العلاقات داخل الفريق ممتازة وكانوا يتبادلون الأفكار بحرية. بحلول شتاء عام 1946 كان الفريق قد وصل إلى ما يكفي من النتائج وقام باردين بتقديمها في ورقة علمية عن مستويات الطاقة السطحية. براتين بدأ في تجارب تهدف إلى دراسة هذه المستويات السطحية عن طريق تسليط ضوء ساطع على سطح شبه موصل. أدت هذه التجارب إلى عدة ورقات علمية منهم واحدة شارك فيها شوكلي والتي بين فيها أن كثافة سطح شبه الموصل كانت أكثر من كافية لإفشال تجارب الفريق. ثم ارتفعت وتيرة العمل بشكل ملحوظ عند اكتشاف الفريق همزة الوصل بين أشباه الموصلات والأسلاك الموصلة والإلكتروليتات، وفي النهاية وصل الفريق إلى نتائج على تكبير القدرة الكهربية.
اختراع الترانزستور
في ربيع 1947، كلف شوكلي كلا من باردين وبراتين بمهمة وهي اكتشاف سبب عدم عمل المكبر الذي صنعه شوكلي. في قلب الترانزستور كان يوجد بلورة من السيليكون -استبدلت فيما بعد ببلورة من الجرمانيوم- لمعرفة ما كان يجري، كان لزاما على باردين تذكر البحث الذي قدمه عن ميكانيكا الكم عندما كان يكمل رسالته للدكتوراه في جامعة برنستون. كما استنتج باردين عددا من النظريات الجديدة بنفسه. اكتشف باردين، بعد ملاحظة تجارب براتين، إن كل العلماء السابقين افترضوا خطأ أن التيار الكهربي يسري بصورة متماثلة في كل أجزاء الجرمانيوم، في حين أن الإلكترونات تتصرف بصورة مغايرة عند السطح. ومن هنا استنتج باردين أنه إذا استطاع التحكم فيما يحدث عند السطح، فإنه من الممكن تشغيل المكبر.
في 23 ديسمبر عام 1947، تمكن باردين وبراتين-من دون شوكلي- من تخليق نقطة اتصال تعمل كترانزستور مما حقق التكبير في التيار والقدرة الكهربية. وبحلول الشهر التالي، بدأ محامي مختبرات بل لبراءات الاختراع العمل على تقديم براءة اختراع الترانزستور.
وسرعان ما اكتشف محامو مختبرات بل أن مبدأ شوكلي لتأثير المجال قد سجل من قبل كبراءة اختراع عام 1930 من قبل جوليوس ليلنفيلد. وعلى الرغم من أن تلك البراءة يمكن التغاضي عنها نظرا لأن الاختراع الشبيه باختراع شوكلي لم يعمل بصورة صحيحة، إلا أن المحامين قدموا أربع براءات، واحدة عن تصميم نقط الاتصال (الترانزستور النقطي) لباردين وبراتين والثلاثة الآخرين قدموا في نفس الوقت عن الترانزستور ذو الأساس الإلكتروليتي ووضع اسم كل من باردين وجيبني وبراتين كمخترعين. لم يذكر اسم شوكلي على أيا من الأربع براءات مما أغضبه لأن العمل كان أساسا عن فكرته عن تأثير المجال الكهربي.
حتى أنه بذل جهدا لجعل البراءة باسمه فقط وأخبر كلا من باردين وبراتين بنواياه. وفي ذات الوقت، واصل شوكلي سرا عمله لبناء نوع مختلف من الترانزستور على أساس الوصلات بدلا من نقاط الاتصال؛ وكان قد توقع أن يكون هذا التصميم أكثر قابلية للتطبيق التجاري. عمل شوكلي بشراسة على أعظم إبداعاته، الالكترونات والفجوات في أشباه الموصلات، والتي نشرت أخيرا باعتبارها أطروحة من 558 صفحة في عام 1950. وفيها استنبط شوكلي الأفكار الأهم في الانجراف والانتشار والمعادلات التفاضلية التي تحكم سريان الالكترونات في بلورات الحالة الصلبة. أيضا وضح شوكلي معادلته للدايود (الوصلة الثنائية). أصبح هذا العمل ركن الأساس لجيل كامل من العلماء الذين يعملون على تطوير وتحسين متغيرات جديدة من الترانزستور والأجهزة الأخرى التي تعتمد على أشباه الموصلات.
كان شوكلي غير راضي عن أجزاء معينة في شرح كيفية عمل الترانزستور النقطي وقدم تصورا عن إمكانية حقن النوع الموجب من البلورة بالكترونات والنوع السالب بفجوات، ما يسمى بحقن الاقليات الحاملة. قاد ذلك شوكلي لأفكار عن ما أسماه «الترانزستور الساندوتش». أدى هذا إلى اختراع الترانزستور الوصلة، والذي أعلن عنه في مؤتمر صحفي في الرابع من يوليو عام 1951. وحصل شوكلي على براءة الاختراع في 25 سبتمبر عام 1951. وسرعان ما طغى هذا الاختراع على الترانزستور النقطي وأصبح المهيمن بأغلبية ساحقة في السوق لسنوات عديدة. واصل شوكلي قيادة فريقه للمزيد من الإبداع في مختبرات بل في مجال الترانزستور لسنتين أخريين.
أخذ شوكلي نصيب الأسد في الفضل في اختراع الترانزستور بين العامة من الناس، مما أدى إلى تدهور العلاقة بينه وبين باردين. ومع ذلك أصرت إدارة مختبرات بل على تقديم المخترعين الثلاثة كفريق واحد. في النهاية غضب شوكلي ونفر من باردين وبراتين ومنعهما من العمل على الترانزستور الوصلة. بدأ باردين ملاحقة نظرية في مجال الموصلات الفائقة وترك مختبرات بل في عام 1951. رفض براتين العمل مع شوكلي مرة أخرى وحول لفريق اخر. لم يعمل كلا من باردين وبراتين على تطوير الترانزستور في الفترة ما بعد اختراعه بسنة.
وكان الترانستور (الناقل المقاوم أو المقحل) أصغر من الصمامات المفرغة بنسبة 1/50. وقد حل محلها في التلفاز والمذياع وسمح للأجهزة الكهربية أن تصبح أقل حجما وأكثر كفاءة وأقل بعثا للحرارة.
واتر هاوزر براتين (بالإنجليزية: Walter Houser Brattain) هو عالم فيزياء أمريكي حصل عام 1956 على جائزة نوبل للفيزياء بالاشتراك مع جون باردين ووليام شوكلي. وكانت حيازتهم على الجائزة من أجل اختراعهم الترانزيستور.
ولد والتر براتين في 10 فبراير 1902 وتوفي 13 أكتوبر 1987. وبدل جهدا كبيرا في دراسة الحالة السطحية للمواد.
بعد الحرب العالمية الثانية، عاد براتين إلى مختبرات بل وسرعان ما التحق بشعبة أشباه الموصلات في قسم الحالة الصلبة الملحق حديثا بالمختبرات. ويليام شوكلي كان مديرا للشعبة آنذاك، وكان قد بدأ بحثا عاما يستهدف إنتاج مكبرا عمليا للصوت في الحالة الصلبة.
بلورات أشباه الموصلات النقية (مثل الجرمانيوم أو السيليكون) موصلات سيئة جدا في درجات الحرارة المحيطة، لأن الطاقة التي يجب أن يحصل عليها الإلكترون من أجل احتلال مستوى طاقة التوصيل أكبر بكثير من الطاقة الحرارية المتاحة للإلكترون في البلورات من هذا القبيل. تسخين شبه الموصل بإمكانه إثارة الإلكترونات لإيصالها إلى مستوى طاقة التوصيل، لكن إضافة شوائب إلى البلورة أكثر فعالية لزيادة التوصيل.
البلورة يمكن أن تُطَعم بكمية صغيرة من عنصر لديه إلكترونات أكثر من شبه الموصل، وهذه الإلكترونات الزائدة تكون حرة الحركة خلال البلورة وفي هذه الحالة تصبح البلورة من النوع السالب.
من الممكن أيضا تطعيم البلورة بعنصر لديه الكترونات أقل من شبه الموصل، هذا الإجراء سوف ينتج عنه فراغات للإلكترونات داخل البلورة أو ما يسمى بالفجوات، وهذه الفجوات تكون حرة الحركة كأنها إلكترونات موجبة الشحنة، وفي هذه الحالة تصبح البلورة من النوع الموجب. من الملاحظ أن سرعة انتقال الإلكترونات أكبر من سرعة انتقال الفجوات داخل البلورة.
من الممكن تغيير مستوى نطاق التوصيل عند سطح شبه الموصل، والذي سوف يؤثر بالزيادة أو النقصان على توصيلية البلورة. هذه الخواص الفيزيائية الفريدة التي تتميز بها أشباه الموصلات أدت إلى اختراع ما يسمى بمصحح التيار الكهربائي عن طريق استخدام وصلات مكونة من بلورة من أحد نوعي أشباه الموصلات- موجب أو سالب- مع معدن، أو موكنة من النوعين الموجب والسالب (فكرة عمل الدايود). مصحح التيار الكهربائي يسمح بمرور التيار في أحد الاتجاهات حيث يتصرف كمقاومة صغيرة بينما يمنع مرور التيار في الاتجاه المعاكس حيث يتصرف كمقاومة كبيرة للغاية.
كانت الوصلة الثنائية (الدايود) معروفة في العالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بينما أراد شوكلي أن ينتج جهازا جديدا يتمتع بخاصية المقاومة المتغيرة -ليس كالوصلة الثنائية إما صغيرة المقاومة أو عالية المقاومة حسب اتجاه مرور التيار- ومن ثم يمكن استخدامه كمكبر (فكرة عمل الترانزستور). اقترح شوكلي تصميما يتم فيه تطبيق مجال كهربائي عبر شريحة رقيقة من أحد أشباه الوصلات. ولكن التوصيلية تغيرت بجزء ضئيل مما كان متوقعا عند تطبيق المجال الكهربائي، وقد فسر جون باردين (عضو آخر في شعبة شوكلي) ذلك بأنه كان نتيجة وجود مستويات للطاقة للإلكترونات عند سطح شبه الموصل.!!
Discussion about this post