قراءة في قصة (ميراث) للكاتب الفلسطيني أحمد بن غدير
” عادَ فَرِحاً بالعَلامَةِ التي أحرزها في الثّانويَّةِ العامّة:
أميّ، هلْ سأذهَبُ مع ابنِ خالي إلى الجامعة؟
إيْ بنيّ، لخالِكَ مثل حظِّ الأنثيين، ونالَ من جدِّكَ حظَّ الإناث….يا ولدي، إليكَ بإرثِك من أبيك،
ثمَّ دفَعَت إليهِ بالعَرَبَة.”
ميراث” أحمد بن غدير رجّة لصحوة الضمير
لقد بات من المؤكد أن أيّ عمل ابداعي لا بدّ أن يعتمد على دقّة اللغة و حسن التعبير
و اختيار اللفظة الدالة التي تتسم بالدور الوظيفي و التركيز الشديد في المعنى و هذا
ما نلاحظه عموما في القصة القصيرة جدّا .
و “ميراث ” نصّ للكاتب أحمد بن غدير جاء رجّة لصحوة الضمير ..
فقد تعرّض فيه الى كابوس اجتماعي احتضنته المجتمعات العربية الاسلامية
بحيث نرى الأنثى فيه تتعرَض الى حرمانها من
حق أوجبه ربّ العباد في الكتاب الحكيم .
هذا الموضوع الذي أرّق المفكّرين و خاصة رجال الدين
استخلصه الكاتب في بعض جمل لها عديد الدلالات و سمحت بتعدد القراءات و وجهات النظر
المختلفة .
هذا النص بحرفية كبيرة تحكّم فيه الكاتب و جعله ينطق حيث ينبغي له النطق ..
حتى أننا
نلاحظ أنه بدأ قصّته بجملة فيها من الايجاز و التكثيف ما يدفع القارئ الى الغوص و الابحار
في دلالات قد تشكل صدمة ادهاشية وجدانية و انسانية .
وهي فرحة الابن بالعلامة التي تحصل عليها في الثانوية العامة .
غير أن هذه الفرحة لا تدوم بحيث يعقبها سؤال عفوي بريء فيعمق فكر القارئ و يؤثر في كل تصوّراته لينتقل
به من حالة الى أخرى …
من فرح الى حيرة قد تتحوّل الى حزن :
* هل سأذهب مع ابن خالي
الى الجامعة ؟”
و قد يكبر الحلم لدى هذا الابن قبل أن يصدمه الواقع الذي تعيه أمّه بحكم تجاربها الحياتية ..
لقد احتوت القصّة على مقدمة و متن و خاتمة و كانت للكاتب مهارة فائقة في سبك اللغة
و اختزال الحدث المحكي و الاختصار في حجم الكلمات المعبّرة عن الفكرة المطروحة .
و كانت الخاتمة جد مؤثرة على الابن و القارئ في آن :
* اليك بارثك من أبيك . ثم دفعت اليه بالعربة ..
و نلاحظ هنا أن هذه الجملة متعمّدة من الكاتب وهي قفلة ينطلق منها التأويل
و يستند اليها التعليل و عليها يندرج التحليل وهي الرجة التي نستخلصها لصحوة الضمير …
Discussion about this post