في مثل هذا اليوم 2 يناير1492م..
نهاية الحكم الإسلامي لأيبيريا بسقوط غرناطة واستسلام ملكها أبو عبد الله محمد الثاني عشر.
أبو عبد الله محمد الثاني عشر (1460 – 1527) المعروف بإسم أبو عبد الله محمد الصغير هو آخر ملوك الأندلس المسلمين. وكان ملكاً على غرناطة (من بني نصر من ملوك الطوائف) واستسلم لفرديناند الثاني وإيزابيلا يوم 2 يناير 1492. وسماه الإسبان el chico (أي الفرخ) و Boabdil، بينما سماه أهل غرناطة الزغابي. وهو ابن مولاي أبو الحسن، الذي خلعه من الحكم وطرده من البلاد عام 1482، وذلك لرفض الوالد دفع الجزية لفرديناند كما كان يفعل ملوك غرناطة السابقين.
حاول غزو قشتالة عاصمة فرديناند فهُزم وأسر في لوسينا عام 1483، ولم يفك أسره حتى وافق على أن تصبح مملكة غرناطة تابعة لفرديناند وإيزابيلا ملوك قشتالة وأراجون. الأعوام التالية قضاها في الإقتال مع أبيه وعمه عبد الله الزغل.
في عام 1489 استدعاه فرديناند وإيزابيلا لتسليم غرناطة، ولدى رفضه أقاما حصارا على المدينة. وأخيراً في 2 يناير 1492 استسلمت المدينة.
رسالة خاصة بعث بها شاهد على الاستسلام إلى أسقف ليون، إسپانيا بعد ستة أيام من الحدث، تصف المشهد كالتالي:
سيف محمد الثاني عشر
تحت الرايات الملكية وصليب المسيح واضحاً للعين المجردة على الأسوار الحمر لقصر الحمراء: … تقدم السلطان المسلم على رأس ثمانين أو مائة من الفرسان في حلل قشيبة ليقبل يد سموه [فرديناند]. وحسب اتفاقية الاستسلام النهائية فسيرفض كلٌ من إيزابلا وفرديناند العرض [تقبيل الأيدي] ثم ينتقل مفتاح غرناطة إلى أيدي الاسبان بدون أن يقبل محمد الثاني عشر أيدي الملوك Los Royes، كما صار الزوج الملكي يـُعرف. فقد أصرت عائشة الغرناطية، شديدة العزة، أم محمد الثاني عشر على انقاذ ابنها من تلك الإهانة النهائية. استـُقبـِل السلطان المسلم بمحبة وحفاوة وهناك سلماه ابنه، الذي كان رهينة منذ الإمساك به، وبينما هم وقوف هناك، حضر نحو أربعمائة رهينة كانوا محبوسين، تحت الصليب بينما المسيرة الحزينة تنشد أنت الرب، الحمد لك Te Deum Laudamus، ووقتها ترجل سموه ليمجد الصليب وسط دموع وخشوع الحضور، وليس أقلهم الكاردينال سيد سانتياگو ودوق قادش وكل الكبراء والسادة والعامة الذين وقفوا هناك، ولم يكن هناك من لم يبك بغزارة وفرحة شاكراً الرب لما رأوه، فلم يتمالكوا حبس دموعهم؛ أما السلطان العربي والمسلمين الذين كانوا معه فلم يستطيعوا اخفاء الحزن والألم اللذين ألما بهم لما رأوه من فرحة المسيحيين، وبالقطع كان لحزنهم سبب أكبر ألا وهو خسارتهم، إذ أن غرناطة هي أروع وأعظم شيء في العالم …
كريستوفر كلومبس يبدو أنه كان بين الحضور؛ فهو يشير إلى الاستسلام في أولى صفحات مذكراته Diario de las Derrotas y Caminos:
بعد ان انتهى سموكم من حرب المسلمين الذين حكموا في اوروبا، وانتهيت من حرب المدينة العظيمة غرناطة، حيث في هذا العام [1492] في الثاني من يناير شاهدت [أنا] الرايات الملكية لسموكم مزروعة بقوة السلاح على أبراج الحمراء، حصن المدينة المذكورة، فقد شاهدت السلطان المسلم يخرج من بوابات تلك المدينة، ويقبل الأيدي الملكية لسموكم …
المنفى:
المكان الذي ألقى منه نظرته الأخيرة على غرناطة ما زال معروفاً بإسم زفرة العربي الأخيرة (el último suspiro del Moro) وبكى فقالت له أمه “ابك اليوم بكاء النساء على ملك لم تحفظه حفظ الرجال”.
انتقل لفترة وجيزة إلى قصر له في البوجرّاس بالأندلس ثم رحل إلى المغرب الأقصى فقد نزل في مدينة غساسة الأثرية المتواجدة في إقليم الناظور ونهايته أتت حين تقاتل مع قريب له يحكم فاس، وقُتل في تلك المعركة عام 1527.
ابنته عائشة أخذها الاسبان وعمـًدوها وأصبح اسمها إيزابلا. احتفل الملك فرديناند بفتح غرناطة بأن أخذها ضمن جواريه، وأصبحت أماً لأحد أبنائه غير الشرعيين، ميگل فرنانديث، فارس غرناطة (1495-1575). لاحقاً، تخلص منها الملك وأصبحت راهبة بإسم الأخت إيزابلا من غرناطة.
كان من شروط الإستسلام أن يأمن الغرناطيون على أنفسهم وأموالهم ودينهم كمدخرين، ولكن ما أن استقر لهم الحكم بعد مرور 9 سنوات على سقوط غرناطة نكث فرديناند بالعهد وخير المسلمين إما إعتناق المسيحية وإما مغادرة اسبانيا، وكانت تلك هي نهاية الأندلس.!!
Discussion about this post