قراءة في قصيدة
__من قليبي وعيني ّ بلغوها التحية___ للشاعر الدكتور حمد حاجي
بقلم الاديبة الشاعرة فائزه بنمسعود (يوميات مارقة الجزء الثاني)
—-
___إمّــا أن تكون شاعرا أو لا تكون-والشاعر هنا اختار ان يكون شاعرا وعلى درجة عالية من الوعي وأظن هذا ما ذهب اليه أفلاطون في هذا التعريف (الادب هو خروج من دائرة الوهم الى دائرة الوعي)
القصائد تعبر فضاء حقل ابداع الشاعر على هيأة مواكب
وقد تصادف طالع شاعر ليلة قدره
وتتدلى عنده راضية مرضية
فتتلقفها قريحته وتطير بها الريح الى اعماق الوجدان مترنحة سكرى
وهذا الشاعر يلقي بصنارة القلم والهام
حورية بحر الشعر ويلتقط لؤلؤ الصدف
ومع تواجد القارىء صدفة في دائرة هذا الفضاء الآسر وإذا كان من ذوي الحظ العظيم
تصادفه هذه القصيدة(الغجرية المتسكعة) وهو يسعى بين صفا الابداع ومروى الجمال
(قصيدة غجرية متسكعة )
تلتقيها صدفة وعوض ان تقرأ طالعك في كفك
ترفعك إلى عالم برزخي شفيف وتسبر اغوار روحك
لتحدث فيك انقلابا جماليا وتحقق فيك المعادلة الصعبة الا وهي التوازن العجيب بين المادي والروحاني
قصيدة تعالج فينا أمراض الغياب لان كلماتها على جانب كبير من الجمال والرقة-وجراح الفقد لا تداويها الا الكلمات الشاعرية الصادقة
(من ڨليبي وعينيّ بلغوها التحية)
ا==========
أيا زهرتي
كيف أخلفتِ موعدنا
ليلة العام ما أظلمكْ!
أنا كنت أشعلت شمعي
وكنت
انتظرت القصيدة أن تلهمك
وطيّرتُ
كل الفراشات
تنثر بين سماواتِها أنجمكْ
وقد كنت قطّرتُ ريقي
بثغر الصبابة
هلاّ سألت فمكْ؟
وغبتِ طويلا وجاءت قصيده
تهز جناحا وتحنو
كفرخ الحمام
على غير عادة جدي وعادة أهل الجنوب
تمشي الأمام وأمشي أعدّ خطاها
وأذرع كل الدروب
كأني أخاف هروب الجهات
أخاف تلوّث أفقي بأحمر من شفتيها
أو يلوّنُ هذا الفراغ خطاها
على غير عادة عطّارنا
أدلق العطر في كعبها دورقين
وأمزج خطوتها بالهوى والطيوب
وأخشى تفوح، تفوح… تعطّرُني بالغياب..
كما روضة دكَّها عارض
أو تٓغٓشّٓى رُباهٓا اضْطراب
تجيء القصيده
رضابٌ وريق
كزخاتِ عامٍ خصيب
وأخشى تجيئين.. وقت الصقيع
فتمطر تلك السهوب
وتثلج كل البطاح
ستأتي القصيده
تُذوّبني.. في المجاز .. وتركض.. تركض..
ليس لها من مغيب!
ا=============
العنوان (من قليبي وعنيّ بلغوها التحية)
نرى الشاعر استحضر عنوان أغنية للفنان صاحب الصوت الرخيم فهد بلان
وكانه يذكرنا ان تحية القلب والعيون ابلغ وأصدق في ايصال ذبذبات الحب للطرف البعيد وعالم الارواح له شفرته الخاصة في فك طلاسم الشوق والحنين
ثم نجد انفسنا في ديكور أجواء ليلة رأس العام الجديد(أشعلت الشموع/طيرت الفراش) واعد لوازم الاحتفال من مشروبات وهذا كناية عن عطش الحبيب للحبيب—(وكنت قطرت ريقي بثغر الصبابة/هلّا سألت فمك)
وجلس حيال كل هذا ينتظر وفي غيبوبة الانتظار
وأمل القدوم مع التأخير القاتل
تأتي القصيدة(وغبت طويلا وجاءت قصيدة)
ومولد كلمات القصيدة سد فراغات الغياب
حيث نُحسّ ذوبان الحبيبه في القصيدة بقوة
(أخاف تلون أفقي بأحمر من شفتيها/أو يلون هذا الفراغ خطاها) نلمس هنا كثافة وحي الشعر
لدرجة ان الشاعر يجند كل حواسه لاقتناص كل المشاهد والصور واللوحات الشعرية التي تعبر ذهنه في شريط وميضي السرعة
وترتفع درجة خوفه خوف ضياع وهدر هذ المعين المتدفق من غيب الشعر فوظف الارتقاء بشعور الخوف(أخشى /أخاف/)
في سعي حثيث لسجن هذه الكلمات العابرة في قصيدته المنشودة والمنتظرة في لحظة تجلياته
ويأتي الهدوء بعد عاصفة الخلق الابداعي(تجيء القصيد رضاب وريق/كزخات عام خصيب)
الشاعر لاعب قصيدته وحاور عباراتها وراقصها كما يراقص الحاوي حيته
فاستأنست به وأذعنت ولانت وكان الميلاد
الذي ازاح آلام مخاض الاحساس والفكر
وكان ميلاد هذه القصيدة التي{عرّبتِـها—-}—-بـ(القصيدة الغجرية المتسكعة)
لما تضمنته من جمال بدائي بكر لغويا ومشهديا……
فائزه بنمسعود
Discussion about this post