في مثل هذا اليوم6 يناير1921م..
تأسيس الجيش العراقي.
تأسّس أول فوج بالجيش العراقي في السادس من يناير/كانون الثاني عام 1921، وحمل اسم “فوج موسى الكاظم”، وكان النواة الأولى في مسيرة الجيش الطويلة، وتبعته قوتان جوية وبحرية، ليزداد قوامه إلى أن أصبح 4 فرق، الأولى والثالثة في بغداد، والفرقة الثانية بكركوك والرابعة في الديوانية.
مرّ الجيش العراقي بسلسلة أحداث مفصلية في تاريخه، خاض فيها 16 حربا، حقّق فيها علامات مضيئة، لا سيما في الحروب العربية ضد إسرائيل، إلا أن أكثر علامة فارقة فيه أنه ظلّ متلاصقا ومتأثرا بالسياسة، وزجّ به في ميادين الانقلابات الدموية منذ منتصف القرن الماضي.
شارك الجيش العراقي عام 1936 في أول انقلاب عسكري برئاسة قائد الفرقة الثانية الفريق بكر صدقي، تم على أثره تشكيل حكومة جديدة برئاسة حكمت سليمان.
وفي العام 1958 شارك الجيش مرة أخرى بانقلاب عسكري بقيادة عبد الكريم قاسم للإطاحة بالنظام الملكي، وعادت وحدات من الجيش للإطاحة بقاسم عام 1963، وتنصيب الضابط عبد السلام عارف بدلا عنه، ثم شقيقه الضابط عبد الرحمن عام 1966، بعد وفاة عبد السلام، ثم نصب الضابط أحمد حسن البكر على سدة الرئاسة عام 1968، وبعده تولى صدام حسين السلطة من 1979 إلى 2003.
وتعد مشاركة الجيش العراقي الفاعلة مع الجيوش العربية الأخرى في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 ضد إسرائيل علامة مضيئة في مسيرته، بينما تعتبر حرب الثماني سنوات بين العراق وإيران (1980-1988) الأكثر استنزافا لقدراته وإمكانياته، والتي تعرضت لضربة قاصمة بعد اجتياحه الكويت عام 1990 والهجمات الواسعة النطاق التي استهدفته في حرب الخليج عام 1991 التي قادتها الولايات المتحدة وبمشاركة 33 دولة لإخراجه من الكويت.
اتخِذ قرار تأسيس الجيش من قبل سلطة الانتداب البريطاني في اجتماع القاهرة عام 1921 -وفق الخبير الأمني والإستراتيجي اللواء المتقاعد الدكتور مؤيد الونداوي- وكان حاضرا فيه أول وزير دفاع الراحل جعفر باشا العسكري وقد أنشأت في بداية الفكرة أن تكون للعراق فرقتان عسكريتان، الأولى للدفاع للقتال الجبلي والثاني للسهول والصحاري.
ودخل الجيش العراقي تجارب وأحداث كثيرة، وبدأ فاعلا في ضبط قضايا الحدود والأمن الداخلي، لكنّ الونداوي يرى أن الجيش ورّط نفسه في التدخّل بالسياسة بإحداث أول انقلاب عسكري بالجيش في المنطقة الشرق الأوسط بقيادة الفريق بكر صدقي. وجعل ذلك العراق خاضعا مجدّدا للنفوذ البريطاني وتحديدا عام 1941.
وأكثر ما يأسف عليه الونداوي هو تدمير الصناعات العسكرية العراقية التي كانت تؤمّن جانبا مهمّا من احتياجات الجيش لا سيما من الصواريخ والقنابل والأعتدة بمختلف الأنواع، لكنها دمّرت بالكامل بعد 2003.
ويشير الونداوي إلى أن الولايات المتحدة بغزوها للعراق دمّرت البلد وتحديدا الجيش، ويضيف قائلا يوجد الآن أكثر من مليون و250 ألف عنصرا أمنيا وعسكريا بمختلف الصنوف مع وجود شكوك حول قدرات هذه المؤسسات في تحقيق قضايا الدفاع الوطني والأمن الداخلي.
ويزيد الونداوي من مساحة الإشادة بالجيش العراقي قبل عام 2003 بأنه لم يكن عنصرا مستهلكا إلا أن السياسة استخدمته على نطاق واسع سواء داخليا أو خارجيا، وكانت المؤسسة العسكرية تمنح الخبرات للقوات المسلحة، وتعطي إمكانيات تدريبية عالية.
ومع كل ذلك، فُرضت على الجيش معارك لم تكن من خياراته وإنما فرضت عليه من قيادته السياسية، وأخرى فرضت نتيجة السياسيات الدولية والإقليمية، وبالتالي انغمس في القتال لسنوات طويلة، لتُنهك على إثر ذلك المؤسسة العسكرية وكذلك المالية وما أفرزته من خسائر للمنطقة برمتها.
بتسليط الضوء أكثر على حرب 1973 ضد إسرائيل، وفي تعليق منه على الدور العراقي فيها، يقول العقيد الركن المتقاعد سليم شاكر الأمامي -الذي كان آمرا للواء المدرع 12- إن تدخل الجيش العراقي في الوقت المناسب والقتال الشرس أنقذا دمشق من السقوط.
ويقول أيضا إن حرب 1973 أثبتت أن الجندي العربي قادر وشجاع لو ساعدته الظروف الأخرى، مشيرا إلى ما ذكره الصحفي الأميركي الشهير سيمور هيرش في كتابه “خيار شمشون” أن وحدات إسرائيلية فرت بكاملها أمام الجيش المصري وكذا حال جنود إسرائيل على الجبهة السورية. أما الجيش العراقي فقد تصدى لفرقة مدرعة إسرائيلية من 4 ألوية ومنع سقوط دمشق. وقد اعترف الجنرال الإسرائيلي يعقوب عميدور بأنهم “ذهلوا بشدة حين علموا بدخول الجيش العراقي الحرب وأنه منع توسع إسرائيل في حرب 1948، وفي مثلث “طولكرم – قلقيلية- ناثانيا”، وكذا مُنعنا من التوسع في حرب 1973”.!!
Discussion about this post