حرب اكرانيا اخر جرعة اكسجين للرأسمالية العجوز(1)
بقلم منعم صالح
في احدى ايام الدراسة بجامعة الصحافة في تونس ، كنت احضر درسا للعلاقات الدولية مع الدكتورة سلوى الشرفي ، التي كان يخصها كل طلبة معهد الصحافة بالمحبة والاحترام ، لطريقتها الفريدة في تقديم الدرس. حتى لكأننا اطفال صغار اجتمعوا حول الجدة لتقص عليهم احدى الحكايات. كنت لا أولي كل دروس الصحافة مبالاة ،كما اوليها لدرس العلاقات الدولية مع هذه الاستاذة الجامعية.
اكانت تعلمنا العودة الى الخلفية التاريخية لفهم اسباب الازمات التي يعيشها العالم والعلاقات بين الدول و كنا بين مذهول ومعجب بالمامها ودرايتها ونزاهتها في تناول القضايا السياسية بكل تجرد من العاطفة او الانتماء السياسي. فكانت تفك لنا كل العقد المتمثلة في اذهاننا ونحن نتابع ما يستجد في العالم من احداث ..
واذكر حين قالت لنا في احد الدروس ان الاقتصاد الامريكي هو اقتصاد حرب، وان الحروب هي الضامن لبقاء الولايات المتحدة وعدم تفككها و تحللها من الداخل. لم نكن ساعتها ندرك معاني كلامها المبهم بالنسبة لشباب يافع مثلنا، لكنه ترسخ في اعماق ذاكرتي وضل يطفو من حين لاخر، كل ما تابعت الأزمات التي تفتعلها الولايات المتحدة هنا وهناك،، كأنها تخشى من ان يعم السلام العالم، أو حتى مهادنته لفترة،لما سينعكسه عليها داخليا،، إن امثلةعن ذلك عبر التاريخ كثيرة ،ابرزها واشبهها حالا الامبراطورية الرومانية التي دمرت نفسها بنفسها من الداخل، بعد ان انعدم اي نظير لها.
وما انفكت الولايات المتحدة من بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عن صناعة اعداء لها، تغذيهم وتقويهم بمقاييس ومعدلات مدروسة. لكن الامر الذي كان يؤرق ادارتها طيلة السنوات الأخيرة، هو وصول النظام الراسمالي الى عمر الشيخوخة وانسداد الافق امامه وحصول انفلاتات من قبضتها في السياسات الاقتصادية العالمية، ببروز قوى وانظمة اقتصادية موازية كانت تعمل في صمت طيلة عقود و باتت تنافسها في مناطق النفوذ. بل صارت تضيق عليها الخناق في الوقت الذي يتواصل فيه احتضار النظام الراسمالي السائد وعجز اداراتها على فتح افق جديد ونظام جديد يعيد الهيمنة الاقتصادية على العالم، كما زاد تعاظم القوى الاقتصادية المعادية من اختناق هذا النظام العجوز..فكان التحضير لمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي سيكون مقبرة النظام الرأسمالي القديم والمحتضر .
يتبع
Discussion about this post