صور من الأوبئة الاجتماعية
“أوبئة” وبعبارة أدق “علل”.
كلنا يدرك ما تعنيه هذه الكلمة من معاني ،وإيحاءات متنوعة ومألوفة لنا ، من أوبئة بيئية كالتلوث البيئي بأشكاله و أنواعه .
فهل سألتم أنفسكم ؟
عن ذاك الذي يعشعش في مجتمعاتنا،وعن تلك العلل التي ترجمت إلى سلوكيات مرضية .
انظروا إلى تلك الصورة من تلك الصور :
(يطرق الباب على أصحابه ليحلَّ ضيفاً عندهم ؛ فيؤهل ويسهل به بكل حفاوة ، ورحابة صدر ،
فيجلس بكل فخر واعتزاز ،و كأنه يمنُّ عليهم زيارته لهم بشكل يدعو إلى الغرابة ، بل إلى الطرافة حيناً ، وليت المشهد يقف عند هذا الحد .
بات يمنُّ عليهم حتّى في طعامهم الذي أعدّوه له كواجب ، ونوع من حسن الضيافة ،واللطافة واللباقة.
فهذا النوع من الصور، تحمل في طياتها الكثير من الأمراض الاجتماعية والنفسية ؛ كادعاء الكرم والجود ؛ إلّا أنَّ حقيقة هذه الصورة عكسية ، لها وجه آخر لأناس لا يشعرون حتّى بالإحراج من هذه السلوكيات الاجتماعية العليلة، بل ومن الطرافة والغرابة أنّهم يحاولون إثبات الصفات النبيلة من كرم وجود؛
لا تنتمي إليها نفوسهم ، غريبة عنهم ، لا يرتقوا لها ، لا لشيء سوى أنّهم يرضون عقد النقص فيهم ، والتي تقوم بتوجيه سلوكهم الاجتماعي .
سبحان الله !
يعاني هؤلاء معاناة نفسية صعبة ،و لدرجة عالية من جهاد النفس ، وإرغامها على التّحلي بسلوك غريب عن أنفسهم ، يحاولون التظاهر به ، لكن للأسف هذا النوع من ” البخلاء” بخلاء حتى للعبارات الجميلة والابتسامات وحتى في المشاعر .
بشكل يثيرفي نفوسنا الاشمئزاز ، والغرابة التي لا تخلو من الطرافة .
لا تستغربوا ؛ إذا أخذنا هذه الصورة الاجتماعية
من منطلقها ، وتفسيرها النفسي .
رحم الله كاتبنا الجاحظ ، ليته استطاع معاصرة هؤلاء -تصوروا يرعاكم الله- ليصفهم بأدق الأوصاف والصفات النفسية ، فيرى العجائب والطرف ،وكيف تجلت هذه الصور ؟!
وظهرت بحلتها الجديدة ،و المعاصرة من شح، وبخل دخل حتّى عالم العواطف، والشعور ، فيضمهم إلى كتابه المشهور:
“البخلاء” تحت مسمى أو عنوان خاص بهم
” بخلاء العصر “.
بقلم أمل السودي “سورية”
Discussion about this post