قصه قصيرة
” شظايا الذكريات ”
وجد “راغب” نفسه أمام حيرة ووحدة عندما عاد إلى القاهرة من البلد الشقيق الذي عمل به خمس سنوات صحيح أنه جمع الأموال لكنه فقد فيها راحة البال .. وعلى الرغم من حفاوة استقبال الأهل والأحباب له إلا أنه لم يستطع السيطرة على شغفه وقلقه لعدم حضورها فما زال يحبها ولكنه لم يكن يوماً متأكداً من حبها له خاصة بعد أن عرف أنها أصبحت تعيش وحيدة بعد أن انفصلت عن زوجها الثري لم يتحمل لوعة الانتظار فقرر الذهاب إليها . قابلها عند مدخل العمارة كانت عيناها مختلطة بالدموع والفرح فعيناها سمراء داكنة ووجها خمري يميل إلي البياض وجنتيها حمراوتين كثمار الكرز إذا ضحكت انتفض قلبه خشية فراقها .. تحسب العالم كله صغير إذ أنه بين يديها أو معلق في رقبتها أو معقود حول معصمها في سوار ، أحست بأنفاسه قائلة :
– حمد لله على السلامة .
– الله يسلمك .
ركبا سوياً العربة .. أدار جهاز الكاسيت ضغط عليه ونظر إليها في سعادة وحنين ثم سمع المطرب اللبناني وليد الريحاني يتغني قائلاً :
– مقدرشى أنساك ..
– دة قلبى معاك ..
– والروح وياك ..
– ولو نسيتني أنا مش هانساك ..
كان يحدث نفسه ” أهي أول مرة تراها لا لقد رأيتها من قبل ولكن جمالها كالقمر لا تسأم منه يتجدد مع كل ليل ” قرر أن يتخلص من تردده وخجله فبادرها في شقاوة وجرأة غير عادية ما رأيك في هذه الأغنية ؟ فهمت قصده وضحكت في مكر ودلال وقالت لم أسمع سوي مرة واحدة منذ خمس سنوات يمكن أفهمها إذا سمعتها عدة مرات .. كان لديه إحساس قوي بأنها تعي جيداً كل حرف فحاسة السمع عند المرأة في كلمات الحب والغزل لا يمكن أن تعطب أو تخونها في أي لحظة من اللحظات …
سألها المشكلة في فهم الكلام أم الاستماع إليه ؟
قالت – سمعته ولم أحس به ؟
– أنا سمعته وفهمته .. ولكنك في حقيقة الأمر مثلك مثل كل امرأة على كوكب الأرض تريدين وثيقة مكتوبة بدم العاشق تعلن الرضوخ الكامل لقلبكم !
– هذا لا يكفي ..
– أنت تبالغين ..
– سألها في تعجب وهل للقلب أن يحب أكثر من واحدة ؟
– لعلك أحببت كثيرات غيري في غربتك ولك معهم ذكريات .
– أنت تظلميني !
– أنت الذي ظلمت نفسك بترددك وترحالك السريع أنت تحب نفسك فقط .
– أنا أحبك صدقيني .
– أهذا صحيح ؟؟
– إذن لم يعد هناك مجالاً للانتظار فنحن متفقان .
– أنت تخلص في حبي في أوقات محددة فقط وماذا عن حب الأخريات ؟
– أنا لم أجد نفسي مع الأخريات ..
– لعلك لن تجدها أبداً ..
– سأجدها معك من جديد ..
– لم تفهمني بعد ..
– أنت لا تثقي بي أبدا كيف أبرهن على صدق حبي ..
– أنا واثقة في صدق حبك ..
– إذن ما هي المشكلة ؟
– المشكلة أنني امرأة !
– آه من زمن ماكر !
– عاقر ….
– زمن نبحث فيه عن المأكل والمأوي والملبس ..
– وامرأة ..
– “احتضنها بقوة واستطرد” أحبك من قلبي المحموم بداء الحب “تستمع بمذاق أحضانه تتلمس بأناملها العطشي وجهه فلم ترد حين استتبع لم أعد أتخيل حياتي من دونك ما زالت تغمض عينيها” رغم مصيري الغامض ” كانت تحدث نفسها” ما زلت أعاني من حياة أعيشها وواقع لا يمت لي بصلة.
– أحبك رغم معاندة الزمن الغادر .
– في هذا العصر لا بد أن أملك ما تبغيه المرأة أن أرتدي احلي الأثواب أن أتحلي بالأقراط الذهبية أن أحيا حياة الترف والحرية
– لا أرضي بعيشك هذا !
– سأتركك ..
– سوف أرحل ..
– فنمضي وتمضي الفصول بدون ربيع فنمضي بدون نظام ..
– وتجرحنا في الصدور شظايا الذكريات فيختنق الحب بأيدينا ..
– مقابل أن تتعاطي كئوس الثراء ..
– لا ترحل ..
– أنت كما أنت سأرحل سأقاوم هذا الداء حتى لو ضاع العمر ليس لدي حلاً آخرَ ..
– لن أنساك “نقرت عيناها دمعة خرجت دون إرادتها مسحتها سريعاً نظرت إليه ” قائلة لن أنساك ودعت ” راغب ” عند رحيلها مبتسمة تصافحه في هيئة تنم عن تصادق بينهما كانت لحظات إلا أن صورتها ظلت تلاحقه .
د .وجيه جرجس
Discussion about this post