بنية النص وهندسة الديكور
مقالة تنظيرية
بقلم المهندس الناقد / محمد البنا
……………………….
نظّرنا في مقالتنا السابقة بين بنية النص وهندسة الانشاءات، والآن جاء الدور على تبيان أهمية الديكور في تجويد بنية النص .
مما نعلمه بالضرورة عن أهمية اللغة في النص شعرا كان أو قصة، فهو كالأثاث في البناء المعماري، فبيتٌ بلا أثاث بيتٌ خرب وإن طاول بنيانه السحاب، وهو والسحاب سواء، كذلك النص الأدبي إن خلا من لغة سليمة جيدة موظفة توظيفًا يتماهى مع المراد منها في بنية النص وإيضاح فكرته، فهو كما قلنا نصٌ خرب، لا يغني ولا يسمن من جوع، لذا فتناسق الكلمات ودقة اختيارها وحسن استخدامها إحياءٌ للنص وبث روح متحركة فيه.
لا يهم ها هنا فخامة الإثاث وغلو ثمنه، بل المهم هو تناسقه وحسن توزيعه التوزيع المناسب، بأن توضع قطعة الأثاث في المكان الصحيح المخصص لها، كذلك اللغة لا يهم بلاغتها الشديدة وغرابة كلماتها أو بديعها قدر أهمية تناسبها مع فكرة النص وقدرتها على توصيل الفكرة لذهن المتلقي وإن كانت لغة بسيطة، فمن غير المستساغ أن نغرق النص بالبلاغة والتقعر وغريب الكلم متلازمًا مع أفكار عميقة كنصوص التحليل النفسي مثلا، وما شابهها من نصوص تحتاج أثناء قراءتها إلى ذهن يقظ مدقق متفحص إن شرد عن كلمة ضاع منه التبصر، ومثال آخر ..في النصوص الرومانسية من غير المستساغ مثلا استخدام كلمات شديدة الوطء كالحرب والقتال والقنابل وووو، ففي هذه الحالة نصم هذه الكلمة او الكلمات بالنشاز لخروجها عن روح النص، كذلك سلامة تراكيب الجمل وانسيابيتها مساهمةً في التدفق السردي تشبه من قريب سلامة الحوائط الداخلية واستوائها دون بروزات او تشقق.
وعودة للديكور ومن مكوناته الطلاء، والطلاء كما نعلم هو ألوانٌ او مزيج من ألوان غايتها إراحة المتعايش معه نفسيًا، كذلك في النص المحسنات البديعية تضفي على المتن رونقًا خاصًا يتميز به، كما تتميز ألوان غرف البيت الداخلية وواجهته الخارجية، وهى إن زادت انتقصت، وإن ندرت تجفف المتن، بل ينبغي الحرص على جعلها مريحة مهضومة، وكذلك الصور البلاغية فهى في الشعر مثلا حجرٌ يسهم في بناء الصورة الكلية، وهى في القص إضافة جمالية تقرب المعنى وتجمله لا أن تشتت ذهن المتلقي وتخرجه عن تركيزه إلى البحث في مفرداتها، لذا ينبغي ان تكون صورًا بلاغية بسيطة التراكيب سهلة الاستيعاب، وهذا لا يعني بالطبع أن تكون سطحية كا لا يعني أن تكون فجة وناشز كحجرٍ ناتئ في جدارٍ مستو، مثلها مثل الجمل التقريرية إن لم نحسن توظيفها في المتن بدت فجة ومقحمة وعالة عليه، تمامًا كوضع سرير في غرفة الصالون أو وضع منشر ملابس في غرفة المعيشة.
محمد البنا…القاهرة في ٢٤ فبراير ٢٠٢٣
Discussion about this post