قراءة في القصة القصيرة جدا
( خط أحمر )
للكاتب الفلسطيني
” بسام الأشرم ”
نعيش حياتنا على صفيحٍ ساخنٍ، مضطربٍ، متحركٍ، شديد الخطورة، لا يسمح لنا أن نكون بملء الرواق والهدوء .
هكذا تأتي قصة ” خط أحمر” لتوائم واقع حياتنا، قصيرة، مختصرة، مكثفة بإتقان، تؤدي الفكرة بوضوحٍ بالغٍ، حيث الحوار القصير الرشيق، وحيث الأسئلة والأجوبة المقتضبة .
شخصيتان محدّدتان؛ الابن بسام، ووالدته، أما المكان فهو” البيت والجنة”، والزمن هو الحاضر المؤلم الذي نعيشه .
بتلك اللهجة الفلسطينية المحببّة يضفي الكاتب ” بسام الأشرم” مسحةً واقعيةً على قصته القصيرة جداً ” يمّا ، بُست، أفطرت ” . الحوار يتضمن اتصال الأم بابنها بسام للاطمئنان على سلامته، يوظف الكاتب علامات الترقيم باهتمامٍ بالغٍ ” بسام .. ؟؟؟ ” ، كما يعمد إلى عنصر الدهشة في الحوار من خلال تقطيع الكلمة إلى مقاطع مثل ” استش .. هدت ” ليزيد من الانفعال والواقعية، هو خوف الأم وحبها الكبير لابنها، تتصل به لتطمئن عليه إن كان على قيد الحياة.. ويكرّر الكاتب سؤال الأم ” أمتأكدٌ إنك بسام .. ؟ ” ليؤكد على خوف الأم الكبير، إنه إحساس الأمومة المقدّس، ودليل قلبها الواسع أنّ مكروهاً قد حلّ بابنها بسام .
ولكي يضفي الكاتب على القارئ بعض الالتباس يجعل أجوبة الابن بسام قابلة للتشكيك، فهو يجيب أمه لدى سؤالها له إن كان قد استشهد بقوله : ” تشابه أسماء .. أنا بخير حيٌ يُرزق يمّا “، وقوله أيضاً : ” أنا اللي وضأتك الصبح وبُست إيدك وافطرت معك فول يمّا ” ، ولا تيأس الأم من معاودة الاتصال بابنها، إنها الأم بقلبها الكبير تريد التأكد على سلامة ابنها …
ثم تأتي الخاتمة الصادمة الرائعة بمضمونها ورمزيتها ودلالتها العظيمة، لقد كان بسام شهيداً، وعند كل اتصال كان الملكان يبتعدان عنه ليطمئن على والدته، ثم يعودان لمكانهما من جديد ..
كم هي عظيمة مكانة الأم في حياتنا !! حتى الملكان تنحيّا إجلالاً وتكرمةً لمكانتها.. تنحيّا خوفاً عليها من الصدمة والفقد .. إنها خط أحمر ..
شكراً للكاتب المبدع ” بسام الأشرم” على هذه القصة المكثفة الموجزة، والتي حملت في مضامينها دلالات ثرة في معناها وفي مبناها معاً . ويبقى العمل الأدبي جزءاً مهماّ في حياتنا التي نعيشها بكل تفاصيلها ومنمنماتها .
رولا علي سلوم
**************************
القصة .. خط أحمر ..
للكاتب ” بسام الأشرم ”
يَرِنُّ جوّالي :
– بسام ..؟؟؟
– نعم أنا بسام يَمّا .
– اسمِعِت إنك استش .. هَدِت ..
– تشابُه أسماء .. أنا بخير .. حيٌّ أُرزَق يَمّا .
– يا حبيبي يَمّا .. الحمد لله رب العالمين .
تُعاوِدُ الإتصال :
– مُتأكِّد إنك بسام ..؟
– أنا اللي وضَّأتِك الصُبِح و بُسِت إيدِك و افطَرِت مَعِك فول يَمّا .
– صَحّ و الله .. يِرضى عَنَّك وِ يّفرِّج كَربَك .. حبيبي يَمّا .
و مازالت تُعاوِد الإتصال
و مازلتُ أُعاوِدُ طمأنتَها خوفاً على صِحَّتِها .
عندَ كلِّ إتصال كان المَلَكانِ يتنحَّيانِ جانِباً لِأُجيبَها
ثم يُعاوِدانِ مُساءلَتي .
( بسام الأشرم )
16 . 5 . 2018
Discussion about this post