كانت لتلك الطيور يوما ما وطن ..
هي لم تترك ذاك العش واطفال زغب كي تأتي سائحة وزائره لبلاد الفرنج كما يأتيها أبناء الاكابر واللصوص من بلادنا كي يروحوا عن أنفسهم عناء تعب ما سرقوه وتعب ما نصبوا من كمائن ليحتالوا على الإنسان الطيب والبسيط .
بل هطلت سماء البلاد حربا من أقذر حروب التاريخ ولم تنتهي بعد ..
ذاك التاريخ الذي لا أوئمن به .. ذاك التاريخ جنين مشوه لم يصنعه الله بل نفخ في روحه قابيل ممثلا بذريته وجله يشبه أمرأة تغطي قبحها وتجمله بكومة ألوان حتى العيون تبدلهم كما بدلوا عيون التاريخ ..
غرق الوطن واحترق .. وهاجرنا في بلاد الله وسار كل في طريق أبناء الحاره والأهل والنفوس التائهة التي أحترقت ذاكرتها تحت نيران الحرب المستعره.
عندما تترك عقلك وروحك وقلبك يسبحون في طرقات آثار أقدامك معلقة بها وكل ضحكات العمر وبكاءه حتى وعذاباته فوق حيطان تهدمت .. فوق المأذنه وهي تصدح وعلى باب المدرسه وعند اقدام المقبره وشواهدها وقبورها والفاتحة التي ترنوا إليك من طاقة السماء لحظة انعتاقها من فمك .
عندما تترك كل شيئ وتحط قدميك في بلاد أهلها غرباء وسماءها غربيه وكل شيء غريب حتى أسمك أضحى غريبا وتبدل لونه من أسم كان يختال في طرقات وطنه قبل أن يحترق إلى لاجئ..
كل ذاك الزلزال من حوادث ما زال الكثير الكثير منها مطمور في دهاليز النفس جعلت نحن الطيور السوريون أن تصيبنا الدهشة والضياع ريثما نعيد توازن عقولنا وكل حسب عمله .
السوريون عظماء ومن نسل الأنبياء والاولياء جلهم طيبون وبسيطون والشواذ منهم جدا قليل .
جمعتني كف الغربه بأخي وصديقي عدنان أبو ناصر..
عدنان كان طائر مميز رغم الوجع الذي انتابه..
نحن قوم نتعب .. نتشقف.. تطحننا الأيام لكن لن نستسلم شروشنا ودمنا سوري نعود أقوى وأصلب وأجمل.
كاالذهب نلمع .
مشوار المليون ميل يبدء بميل .
بالتعاون والمحبه استطاع اخي عدنان أن يرتب الزمن والتاريخ الذي نعيش واقعه كما كان في تلك البلاد .
عملية ترابط وتجديد علاقات وتقريب مسافات وعمل مضني على كل المستويات جعلنا كأننا في وطننا بعد أن فقدنا الأمل وامتدت شبكة العلاقات مع أهلنا من البلدان العربيه الأخرى وأبناء البلد المضيف الذي لم يشعرنا بالغربه التي كانت تطفح في داخلنا.
بالصبر والتخطيط والعمل الجماعي بمحبه وابتسامه دائمآ مشرقه تحول المستحيل إلى أية قطعة تريد .
شبكة من العلاقات مع كل الاهل ومن كل المشارب لا تمييز ولا ضغينه بين أية إنسان مع انسان والعلاقة مع المسؤليين وأصحاب المشاريع الطيبه التي إلتقت كلها في صعيد واحد لخدمة الإنسان وابن البلد الذي كان تائها.
التواصل الاجتماعي هو بيت الجميع الذي بناه ثلة من الاخوه في دنيا الغربه وقاده بحكمة ودراية اخي عدنان حتى ربط كل النفوس ببعضها وفي كل المناسبات ..
وإمتزجت ماء بردى بماء الدانوب وتعانقا للأبد من خلال إرساء المحبه بين الشعبين العربي والنمساوي الذي عمل عليه ليال طوال اخي عدنان والأصدقاء من حوله .
تلك الطيور التي تركت وطنها يوما ما .. أصبح لها عش وفراخ وذاكرة وتاريخ جديد هي من صنعته بفضل سواعد وتعب الأخ عدنان ومن حوله من الاخوه الذين يعملون بدون ضنك وتعب على تقريب المسافات وإدخال البسمه إلى كل فرد مهما كان .
أصبح لنا اخوه نمساويون ومن كل البلدان العربيه وغيرها بفضل الجهود التي قام بها اخي عدنان وكل الأصدقاء الذين حوله .
والآتي افضل ..هكذا قالها لي ألف مرة ومره .. إنه الأمل بالله والانسان ..
لقد عوضنا الله بأخوة وأهل ولدوا من رحم الغربه وجمعتهم كف الحنين والمحبه .
هكذا نحن السوريون معجونون من تراب الوطن وإن لم نسكنه إنه يسكننا
بقلم
طارق حامدي
Discussion about this post