غضَبُ الثمالة
بينما كنت أتجول بين صحاري الحياة، تحرشت بي الثمالة لما جاورتُ دروبها وساحاتها الخافتة الضوء، أتأوه صامتة من هموم الدنيا وصارخة بين أعماقي، ساكبة خمر الصبر بأقداح الانكسار والمرار علها تدعني بوعيي ؛ وبين هذا الإحساس وذاك، سأَلَتني بحنكة المتمرسة :
– ” أراك ضجرة، هل تريدين أن أضاعف المؤانسة ؟
– لا لا !! أشكرك. يكفيني ما أنا فيه منك ههههه، دمت خفيفة.
– تالله إنك لا تقدّرين عذب القرب وشغف الدندنة على الوتر.
– من ؟ أنا ؟ قرب مَن ؟ ووتر ماذا ؟
بلؤم تجيب الثمالة متثاملة :
– نعم، أنت أيتها البهية الشقية الرشيقة !! تمرين مرور السيف بين أقداح الهموم، تصب عليك سيولها الجارفة الحارقة. لكنك تقاومين بلباقة الود والورد.
– وما المطلوب يا سليلة الأريج عذبة الأنس ؟!
– تعالي إلى أحضاني واستقري بين الشغاف … فلا لغوا ولا تمتمة !
– وهل لي بأكثر مما أنا فيه ؟!
– طبعا، الغالي للغالي يرخص … نسيح بين أكوام الغمام ونرتشف من مزنها متى جادت، لنا فيها من كل ما تشتهي النفس وما إليه تهفو وفيها كل أمنية تطفو وبرغد الراحة ننعم حين العين تغفو.
– لا يا جارتي الثمالة، لا !! يكفيني ما منك في الأيام صحوا. لئن أغرقتُ فيك المُقام لا أصحو وذنوبي أثقلُ لا أمحو وبينهما خفقان وخافق ينكسر ولا يتلو.
غضبت الثمالة وجرت ذيول الخيبة مني … ما أنا بمن تهتز حتى الغرق، يصيبني الألم والأرق وتتعاقب موجات الجزر العاتية. يتوالى هبوب الشرقي الحارق. لكن … يا جبل …
مااااا يهزك ريح … يا جبل !!
مريم الراشدي
Discussion about this post