سباحة انطباعية
بقلم الأديبة المغربية / مريم راشدي Meriem Rachdi
في نص * قصيدة هاربة *
للأديبة المصرية / سماح رشاد
*=*=*=*=*=*
النص :
قصيدة هاربة
بحجابها الأسود وحيائها المنتقب ارتقت درجتين إلى المنصة ألقت أول نصوص شعرها الوليدة هذا العام، قرأت قصيدة عارية تلتها بأخرى فاضحة ثم انهت الثلاثة بأكثرهم وقاحة وسكتت، صفق الجميع مشدوهين، ترجلت على نفس الدرج لكنها انكبت على وجهها، تعثرت بواحدة متدثرة بثوبٍ باكِ، هربت من بين طيات الديوان لأنها لم تُقرأ.
سماح رشاد ….مصر في ٨ مارس ٢٠٢٣
=*=*=*=*=*
بعد العنوان، مررتُ بالحجاب الأسود فاستوقفني الحياء المنتقب. تساءلت مع نفسي، ماذا تقصد الساردة بالحياء إذا كانت المحجبة منتقبة. ماذا يُضمَر بين ثنايا الحرف ؟ فأفاجأ بصعود هذه المنتقبة درجتين فقط، يعني ما فوق الأديم إلا بقياسين. هنا المنصة كلها منخفضة سهلة الصعود وصاحبة الحروف حديثة الولادة بالشعر لكن بغية الوصول إلى أعلى المراتب بسرعة الصاروخ، أطلقت حروفا كَنَّ مسامير في نعش سقوطها. الأول عار كعري حيائها من النقاب الذي يعتري وجهها وهو فاض من فحواه والثاني فاضح لما أمر أن يُستَر عفّة وكرامة أنثى وأما الثالث أنيل من الأولين فاتسم بالوقاحة وهي فقها تعني قلة الحياء والتجرؤ على فعل القبائح. حضرني مثل مغربي يقول، “ يا المزوّق (المزركش/والمقصود الظاهر) من برّا، آش خبارك من داخل ؟! “. هذا العفن وهذه الرداءة صار لهما جمهور وصار يصفَّق لهما في دهشة وحيرة لأن الذوق العام مع الأسف صار بنفس العفن والرداءة. فذاك التصفيق من ذاك الحياء !! لكن سرّني أن “الشاعرة المنتقبة” أنهت جولتها في سقوط مستحق ثان بعد الأول على المنصة بعرضها ذاك وعادت أدراجها إلى الدرك الأسفل منكبة. وجدت هنا تناصا مع الآية القرآنية “أَفَمَن يَمْشِى مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِۦٓ أَهْدَىٰٓ أَمَّن يَمْشِى سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ” (الملك-22) وشتان بين الاثنين. لكن مِفْصل القصة وجدته حقيقة في الجملة الأخيرة منها. تعثرت “الشاعرة المحجبة” في قصيدة رابعة لم تلقها حينما سكتت فبادرها الحضور بالتصفيق، فأذاقت هذه الأخيرة الأولى من نفس الكأس التي جرّعتها إياها. غضبت وكان غضبها إشارة إلى فساد الفاكهة وصاحبتها والتكثيف هنا ذكي ومتعدد الإسقاط. في هذا الشق، يحضرني مثل مغربي ثان : “ندير(أفعل) للي(ما) بغيت (أريد) أو نغضب (أتدلل/أتمرّد/ من الميوعة)” .
هنا، أعود للعتبة فيتضح المقصود. يمكننا أن نقرأه على نحوين :
إما أن الحرف الرابع أصابته الغيرة المرضية الخبيثة من الثلاثة الأخر إذ لم يقرأ فأسقط صاحبته،
أو أنه فرّ من ميوعة ما سبقه في ذلك الديوان نافذا بجلده، وبذلك يحفظ ماء وجه الشعر وأهله من فضاعة بعض الحروف على بعض المنصات، وهنا أيضا تكثيف خدم القصة كثيرا.
قصة راقية من يراع أرقى، سلمت الأنامل.
تحياتي وتقديري لجمال سردك ذة سماح رشاد
مريم راشدى…المغرب في ١٠.مارس ٢٠٢٣
Discussion about this post