المرأة مدرسة وللحرية ثمنها
قراءة بقلم
الأديبة اللبنانية / زينب الحسيني Zeinab Housseiny
لنص * أللحرية مذاقٌ آخر *
للأديبة المصرية الواعدة / سماح رشاد
…………………………. ..
النص
#ألِلحريّةِ مذاقٌ آخَرَ ؟!
أكَلتُ كِتابينِ ليلاً، حدّثتُ غريبًا نهارًا، وزّعتُ بَسماتٍ على المارّةِ، توَقَفتُ عن الحَديثِ معَكَ، مَحَوتُكَ، شرِبتُ الشاي دونَ سكّرٍ، ارتدَيتُ الأسودَ دونَ مَوتِ أحَدِهِم، لَعَقتُ النوتيلا مِن أصابِعي، جلَستُ بزَوايةِ الظِلِّ، حرَقتُ الرَسائلَ، علا صَوتي؛ ناديتُ، صرَختُ، صَمَتُّ، ثَرثَرتُ..
لن أبَرِرَ لأحَدٍ، ولا تُبرِروا،
لم أنَمْ ليلاً، نظَرتُ للسَقفِ، نزَعتُ بَطارياتِ الساعَةِ، أغلَقتُ النافِذَةَ حينَ حاوَلَ النَسيمُ أنْ يمُرّ، لن يذهَبَ الياسمينَ لمَكانٍ، أغلَقتُ كُلَّ الأبوابِ في وَجه الأفكارِ؛ حتّى لا تعبُرَ خِلالي..
لا أعرِفُ الرَسمَ، ولكِن لَطّختُ جُدراني بألوانٍ رَماديةٍ، أدَعُ الصُنبورَ ينَقِط؛ لا أغلِقَه لأسمَعَ سيمفونيةَ اللّيلِ والفَراغِ، أرَبِتُ على كَتِفِ وِسادَتي: “فلتَتَحَمّليني”..
كَسَرتُ عِدّةَ أطباقٍ قَصدًا؛ لأشْعرَ نَشوةً لا تُضاهَى، ثمّ وَشوَشتُ دَفترًا بكَلِمَتينِ في أُذُنِه، ودَسَستُه تحتَ سِجادَةَ الغُرفَةِ، وصَمَتُّ بُرهَةً، وعدتُ لتَكسيرَ الأكوابِ؛ لأصنَع كَومةً من الحُطامِ راقَت لي سِرياليتَها،
ثمّ عاودتُ الصُراخَ، صَمتًا وجَهرًا..
تذَكّرتُ أني ضِلع أبي المُعوَج؛ هو يشتَكي أعوِجاجي، وأنا أشتَكي ألَمَ استِقامَةِ أضلُعِه؛ فنَزَعتُ ألَمي ونُشوزَ أبي، تسَلّلتُ، إلى الدَرَجِ بالخارِجِ، نظَرتُ لأعلَى وأسفَلِ؛ رأيتُهُم ينتَظِرونَ خبَرًا، لكن لَم يدُقُّ أحَدُهُم بابي ليَسألَ، فَلَن أشفي انتِظارَهُم، ولَن أفَسِرَ سببَ تساقُطَ الدِماءُ؛ مِن يدي، ومِن ابتِسامَتي..
أملُكُ جَسَدي وأفكاري وأفعالي، ولَن أبَرِرَ قَراري بالمَوتِ، والحَياةُ بالحَياةِ..
#سماح_رشاد
…………………..
القراءة
القصة رائعة بكل ما حاولت طرحه الكاتبة من معاناة المرأة في مجتمعاتنا الشرقية الذكورية بإصرارها على امتلاك
الحرية الخاصة بالبطلة /الكاتبة في الليل، وبعيدا عن الرجل الذي يضيق عليها الخناق، ويعتبرها تابعة له كأي متاع يمتلكه تحت عنوان “الرجال قوامون على النساء”، وان المرأة عورة ومخلوقة من ضلع الرجل، وعليها فقط الطاعة العمياء والتنفيذ دون أي اعتراض أو تساؤل!!
اختارت البطلة الموت اختيارا حرا، وتنفيذا للحرية المخنوقة التي لم تمتلكها يوما وهي حية؛ لذا قررت امتلاكها باختيار حل مريح هو ” الموت “.
نص رائع بغاية الجرأة استطاعت الكاتبة أن ترفع الصوت الحر وتطالب بحرية المرأة في حدودها المعقولة لتستطيع الاختيار وليكون عندها ” للحرية مذاق آخر “.
أتمنى بهذا الإيجاز أن أكون قد أوصلت بعض ما حرضني عليه هذا النص، علما بأني ومنذ شبابي أناضل وأساند النساء
وأنا منهن، وما زلت أطالب بحرية المرأة، ومعاملتها كإنسان له حقوق تماما كالرجل، لأن المرأة هي نصف المجتمع وأكثر ، ولا
يمكن أن تنشأ أجيال حرة من نساء أو أمهات خنوعات مقموعات… وأراني أردد مع حافظ إبراهيم:
من لي بتربية النساء فإنها
في الشرق علة ذلك الإخفاق
الأم مدرسة إذا إعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق..
وكم نحن في هذا الزمن بحاجة للنساء الرائدات اللواتي يحسن الإدارة في كل الشؤون الاجتماعية والمعيشية والتربوية وأيضا السياسية ، لذا كم نحن بحاجة لإعداد
أولئك النساء بإعطائهن أولا حرية الاختيار الحكيم والسعي للعمل بإرادة لا تعرف الكلل ولا الإذلال أو الخضوع….
وأخيرا خالص تقديري للمبدعتين
الكاتبة سماح رشاد
زينب الحسيني…لبنان في ٢٤ مارس ٢٠٢٣
Discussion about this post