هشام طليب يكتب: حسن الديب لعيب الإفيه.
أفصح يوماً الفنان حسن الديب (1940-2005) في حوار قصير عن بعض المواقف الطريفة أو الغريبة التي حدثت معه مع الحيوانات (قطة ودب)، ولعل حسن إنصاته وملاحظته لتفاصيل ما يحدث حوله في حياته اليومية وحياة الناس اليومية ما جعله أكثر قدرة على التقاط بعض هذه التفاصيل وبناء الإفيهات منها وعليها.
“وفجأة دخل لاعبو السيرك إلى الكواليس وخلفهم الدببة التي كانت تشارك في الفقرة التي قدمها لاعبو السيرك وفوجئت بالدبة في أحضاني ولك عزيزي القاريء أن تتخيل بقية الموقف” هكذا حكى حسن الديب، وكما غرابة الموقف كانت “غرائبية” إفيهاته إن جاز لنا التعبير، وذلك بمعنى إيجابي وليس سلبياً.
كان حسن الديب يجيد بناء الإفيه، يجيد رصد الحياة اليومية وتفاصيلها حوله، ليلتقط الإفيه ويبنيه، يلتقطه من الشائع حينها (مما قد يطلق عليه الناس اليوم “الترند” ويبني عليه أو يصنعه)، يعي عملية بناء الإفيه وتفاصيلها؛ من حيث إختيار الإفيه، مصدر الإفيه، توظيف الإفيه في سياق النص/العمل، توقيت الإطلاق، كيفية الإطلاق، إدارة لحظات ما بعد الإفيه، قياس الأثر أو توقعه أو الحساسية لرد فعل الجمهور. وكم إستطاع أن يجني (السوكسيه) في يسر وطلاقة.
هل يمكننا أن نطلق على نوع إفيهاته (الإفيه الفارس) إن جاز لنا ذلك، (فارس) ليس في مصدره، فهو عنده لصيق بالحياة اليومية لجمهوره، إنما (فارس) في بناء الإفيه وطريقة تقديمه، ربما بشكل قد ينحى لبعض “غرائبية” أو مبالغة بادية، أو غير منطقية قد تظهر، ولكنها موجودة بشكل وظيفي إلى حد كبير، والأهم هي عناصر بناء الإفيه أو تقديمه، وهو كان يستخدم أكثر من عنصر معاً لبناء الإفيه مثل طبقة الصوت وطريقته، وتعبيرات الوجه، وحركة الجسد. ودوماً هناك “شعرة” تفصل بين القبول وعدم القبول للإفيه من هذا النوع، وضبط هذه “الشعرة” والمحافظة على البقاء على ضفة القبول كان حسن الديب (لعيباً) فيها، كما كان (لعيباً) في بناء الإفيه ذاته. فكانت الدبة في حضنه مسيطراً عليها لا تملك سوى طاعته، طاعة (حسن الديب)، طاعة (لعيب الإفيه).
Discussion about this post