أغاني العمل
الاذن تعشق / سامر المشعل
الاغنية هي اصدق مرآة عاكسة لما يدور في تفكير ومشاعر الناس، وكذلك الواقع المعاش بتلقائية ابداعية، تجعل الحياة أكثر احتمالا وتزيد من لهفتنا لها، ومثلما يقول بيكاسو ” الفن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية “.
وقبل ان تسقط الاغنية في نفق التجارة وتدخل البورصة والترويج الاعلاني ومن ثمة تحولت الى العالم الافتراضي بمواقع السوشل ميديا وشراء أكثر المشاهدات بلعبة التحايل على الذوق العام.. كانت الاغنية تعبر عن صور الواقع بمختلف مناحي الحياة ومجالاتها المتعددة، وكانت تستمد موضوعاتها من عدسة الشاعر الذي يصور حياة العامل والفلاح والمهندس والمهن الاخرى في المصانع والحقول.. فظهرت اغاني العمل، التي بالاضافة الى قيمتها الفنية، فهي محفزة الى العمل والاعتزاز بقيمة ما يقدمه العامل لخير المجتمع والوطن. عندما كانت الارض تجود بخيراتها وبركتها على البلد وكانت المصانع والمعامل تفتح ابوابها للسواعد السمر فتنتج السلع والمنتجات الوطنية، قبل ان نتحول الى بلد ريعي مستهلك يعيش على بيع النفط ونستورد حاجاتنا من دول الجوار.
فكنا نسمع اغاني العمل مثل ” ياعشقنا ” للثنائي فؤاد سالم وشوقية العطار التي قدمت في اوبريت “بيادر خير” من الحان حميد البصري، واغنية ” خذني الشوق بجناحه ” للمطربة نهلة من كلمات جودت التميمي والحان صباح زيارة، واغنية ” غنوا معي قولوا معي يحيا العمل ” وهي أغنية مخصصة للاطفال من برنامج “أفتح يا سمسم “.. وكانت اغاني العمل تنفتح على المهن الاخرى مثل أغنية “كلنا نحب شرطي المرور”، واغنية ” محبوبي الغالي طيار” للمطربة تمام ابراهيم، وكانت الساحة الغنائية العراقية تتجاوب ذوقيا مع الساحة العربية في بث اغاني العمل وتتفاعل معها بحب والتذاذ مثل ” انا فلاح وابويه فلاح جدي وجد جدي فلاح”، واغنية ” فلاح كان فايت بيغني ” للمطربة شريفة فاضل، واغنية ” صيدلي يا صيدلي ” للمطرب البناني عازار حبيب، واغنية ” عمال بلدنا ” للملحن سيد مكاوي، الذي كانت له حصة كبيرة من اغاني العمل.. وغيرها من الاغاني التي تجعل العامل يحتفي بالمهنة التي ينتمي اليها ويزاولها.
وللامانة التاريخية ان قصب السبق يحسب للشيوعيين في اجتراح اغاني العمل وكان لهم النصيب الاوفر في هذا المجال والاكثر رسوخا في وجدان وذاكرة الابداع العراقي. كون أغنية العمل تتسق مع اهداف الحزب الشيوعي في الغاء الطبقية وتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الحيف عن العامل والفلاح. فظهرت اغاني مثل ” عمي يا ابو جاكوج” واغنية ” عمال نطلع الصبح ” وهما من كلمات الشاعر كاظم السعدي والحان جعفر حسن اللذان كونا ثنائي ابداعي انتج العديد من اغاني العمل الحالمة بغد أجمل لهذه الشغيلة الكادحة.
وهنا لابد من التوقف عند الملحن طالب غالي الذي عبر عن آمال واحلام العمال باوسع تعبير وانصع ابداع وبشجاعة وتحدي لسلطة نظام البعث، عندما لحن اوبريت ” المطرقة ” الذي كتبه الشاعر علي العضب واخرجه مسرحيا قصي البصري وعرض في بغداد بالعام 1970 بقاعة الخلد، واحدث في وقته ضجة سياسية، الامر الذي جعل السلطات البعثية توقف العرض، وكان يؤدي دور البطولة الفنان فؤاد سالم.







Discussion about this post