الساعة الخامسة فجرًا
………………
الساعة الآن الحادية عشرة، مازال منكبًا على جهاز الحاسوب يتناول بين فينةٍ وأخرى إحدى الأوراق المكدسة أمامه، وضعتُ كوب عصير في متناول يده، قال دون أن يلتفت إليّ:
ـ أحتاج فنجانَ قهوة.
ـ بل تحتاجُ لبعض الراحة.
ترك ما في يده وواجهني بنظرةٍ طويلة طوقتني بالحيرة، ثم تابع عمله وقبل أن أخرج من باب الغرفة رماني بتلك الكلمة التي مرقت كالسهم لتقتلع القلب من موضعه؛
ـ سأتزوج.
نظرت إليه وابتسمت قبل أن أتجه إلى غرفتي، لم أتحدث معه ولم أسأله لماذا؟.. من الواضح أنه اتخذ قراره.
منتصف الليل..
أتقوقع في مكاني دون حراك أتطلع إلى صورتنا الأولى بينما رأسي يموج بأفكارٍ وقراراتٍ متضاربة، وكلما زكى شيطاني فكرةً ما تردها فكرةٌ ثانية
الساعة الواحدة صباحًا..
كل شيء هادئ إلا داخلي بركان تثور أمواجه دون صوت، ما أقسى الليل حين يحملُ فوق كتفه الذكريات ليُلقيها بين أيدينا في لحظة وجع، لملمتُ شتاتي و بِتُ أرصد كل أخطائي طوال أعوامٍ مضت، لم تكن الكفة ثقيلة مقابل ما تحمّلته لنصل معًا إلى هذا الشاطئ.
الساعة الثانية صباحًا..
الأرق ضيفي المعتاد بل قريني الذي يلازمني طوال الخمسة أعوام الأخيرة، كل ما قرأته عن أزمة منتصف العمر، إرهاصات المستشارين النفسيين، يتخذ موضعًا داخل حدود رأسي ليبدأ الصراع بين قناعتي عن الحب كدرع واق وبين نظرياتهم.
الساعة الثالثة صباحًا..
تأخر الكروان اليوم، خرجت إلى الشرفة أبحث عنه وعن بعض السلام فلم أجد غير الصمت الذي احتل كل المساحات بيننا، أغمضتُ عينيّ وعدت للوراء.
الساعة الرابعة..
اقترب الفجر، تعالت زقزقة العصافير تردد وردها، تذكرت أصوات صغارنا عندما تسامرهم أو تبدأ مع أحدهم لعبة الشطرنج، كيف تقبّلت هزيمة أرواحهم عندما تخبرهم بالأمر، هم يفتقدونك الآن فكيف إذا ذهبت، يتخبط البركان في صدري يوشك أن…، تراتيل الفجر ترسل نسائمها تمسح على قلبي، أتوضأ.. ينساب الماء، أتنسم هدأة صلاتنا الأولى، أمسح على رأسي فيهدأ كل شيء إلا من نشيج لحظة متمردة تردد حديثك القديم « أ ح ب كِ »، يحتويها صوت المؤذن تحت عباءته المقدسة، أسجد… تسيل دمعة تجرف معها كل شيء إلا كلمة واحدة.
الساعة الخامسة..
قطرات النور تنساب عبر النافذة إلى قلبي، أغمضتُ عيني وأنا ألقي كل الفكر جانبًا وأتوكأ فكرة وليدة تضحك في أنانية مطلقة.
إيمـان علي
Discussion about this post