انعكاس قلمي في مرآة صحوة
قراءة تأملية فلسفية
≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈≈
//صحوة //
قد تكون صحوة الموت وهي استعادة الوعي التي قد تحصل عند الوفاة
حيث يعتبر البوذيون عملية الاحتضار مقدسة بما فيها هذه الصحوة التي ترافقها…
عن الروح والجسد ( برتراند راسل) قال :
“الروح نادرا ماتعتبر مفهوما علميا رغم أنها مألوفة لعلماء اللاهوت ”
الانسان السليم عبارة عن ارتباط وثيق بين ثلاثية
( روح / جسد/ عقل) وهذه العلاقة المتكاملة لاتفك إلا في حالات معينة ( الأحلام / سكرات الموت)
أما إن انفصلت هذه الثلاثية دون ذلك فالسبب مرجعه إلى حالة مرضية أو صحوة علاجية نفسية ( فصام / تخيل)
السارد في النص إنسان سوي عقلا وفكرا وبذلك تنتفي صفة الجنون أو الهلوسة ( الترتيب المنطقي لذكر الأحداث)
الأصح أن الحدث هو ارتداد فكري أي صحوة فكرية ( تغيير منهجي / عقائدي)
بالرغم من دفء الفراش وتغيير العادات واختفاء الجسد إلا أن الردة كانت على مستوى مقبول من الوضوح الذي أجلته المرآة ..
لم يرَ نفسه / رأى كل ماعدا ذلك/ ثم الختم النهائي بدمعتين عظيمتين ) وهنا لهما دلالة ( قرة العين / دموع الفرح)
نشوة اكتشاف الحقيقة …
لكن…
ماذا تقول لنا المرآة ؟
( الذات / الآخر) ديالكتيكية لاتنتهي
اللقاء مع “الآخر” أو “المرآة” ينطوي على خوف ونشوة معاً؛ خوف لأن الوعي الذاتي يجد نفسه مجسّداً في مكان آخر، رغم أن اللقاء نفسه هو مصدر انتشاء؛ أمر يعبّر عنه هيغل بجدليّة الحاجة والإشباع.
——-
وعند غاستون باشلار والذي ربط المرآة وانعكاساتها بفوضى النفس واختلاجاتها …
قال أيضاً:
“لم تقتصر أهميّة المرآة على التحليل النفسي للوَعي عند الإنسان والشعور بالهويّة الذاتيّة كما خلص جاك لاكان في تفسيره لمرحلة المرآة. فبعد البرهة الأولى من تعرّفه على نفسه عبر المرآة، تختلج في نفس الإنسان انطباعات وتساؤلات قد تمرّ عليه مرور الكرام، ويمضي غير مُكترث لما خلف صورته التي قد يقف عندها من دون تعمّق، وقد تسلبه عمراً كاملاً وهو يحاول فَهْم هذا الوجود الذي يشعر به، لكن لا يراه إلا عبر هذه الوسيلة.”
———-
لهذا النص مستويين ارتداديين
(الاختفاء الجسدي/ النصوع الذهني )
يقابلهما
(المرآة العاكسة الصادقة/ الدمعتين الحقيقيتين)
كما وترتبط الدموع بالحالة النفسية للشخص وهي التعبير الناصع الأكثر صدقا في علم النفس ويقابله صدق المرآة ..
نص مميز متخفي بأسلوب السرد الواضح لفكرة عميقة وهي التغيير من حال إلى حال
وكأنها صحوة الموت بينما هي صحوة في الحياة
نص مخاتل مبدع كعادتك أستاذنا Mohamed Elbanna
ريم
_________________
النص:
/صحوة/
__________
استيقظت فجرًا على غير عادتي، تفاجأت باختفاء جسدي، تحسست الفراش..ولدهشتي كان لا يزال دافئا!..تحاملت على ساقين لا وجود لهما، وهرعت نحو مرآتي؛ لا انعكاس لي!!..مسحت بكفين متوهمتين سطحها..علّ وعسى، كانت المرآة ناصعة ينعكس فيها كل ما خلفي، أو على وجه الدقة كل ما أعتقد أنه خلفي..أراه بوضوح، إلا أنا!!..بأناملي فركت عينيّ متسائلًا ” هل أنا يقظ؟.. هل أنا أحلم ؟ “..عاودت تفحص المرآة..هذه المرة لمحت دمعتين، ابتسمت رغم غصة ألمت بقلبي؛ حين تعاظمت الدمعتان، حينها فقط أيقنت أنني لم أكن أحلم، أيقنت أنني هو..ذاك الذي اختفى للأبد..رغم دفء فراشه.
محمد البنا.
Discussion about this post