محمود البقلوطي
قراءة نقدية في
رواية حب في ظلال طاووس ملك للكاتب العراقي حمودي عبد محسن
عندما أتممت رواية حب في ظلال طاووس ملك للكاتب حمودي عبد محسن اصبت بصدمة من هول المعاناة التي عاشها هذا الطيف الايزيدي في حقبات تاريخية متتالية مذابج، وقتل عشرات الالاف.. رعب، حرق قري، سلب وسبي للنساء والأطفال. أعمال وحشية قام بها طغاة مجرمون متوحشون في ازمنة متتالية تحدث عنها الكاتب باطناب ذاكرا اسماءهم (بدر الدين لؤلؤ.. الأمير الأعور، فريق باشا) واعمالهم الاجرامية الوحشية
هذا ماحفزني للاطلاع على جزء من هذا التاريخ المظلم الممزوج بالاضطهاد والقهر والابادة الجماعية
لكيان الايزيديين الذي امتد عشرات القرون.. (من القرن العاشر ميلادي الى القرن الواحد والعشرين)
بدأ اضطهاد وتقتيل الايزيديين منذ القرن العاشر للميلاد. لقد هاجم الأكراد المسلمون الايزيديين بسبب الدين لتتواصل المذاح التي ارتكبها
الأكراد إذ انهم في سنة 1414 دمروا معبد لالش المقدس ودنسوا قبر الشيخ عدي الذي أعاد الايزديون فيما بعد بناء معبدهم..
ولا يفوتني أن أشير الي المذابح والسبي وحرق القري التي وقعت في النصف الأول من القرن التاسع عشر 1831..1832.قتل70الف اي يدي اختطاف وسبي 10الاف من النساء والأطفال.. 1843 قتل اكثر من 7000 ايزيدي… أما خلال القرن20 وقع قتل قرابة300الف ايزيدي بايادي الأتراك العثمانيين الأكراد وفي القرن الواحد والعشرين
عشنا أحداث المذابح التي قام بها داعش في سنجار وغيرها المقابر الجماعية إضافة إلى الخطف والسبي للنساء والفتيات والاطفال
وهذا ما ادخل تغيرات ديمغرافية في المناطق ذات للأغلبية الايزيدية
نستخلص ان هناك خيط مشترك بين كل الطغاة والقتلة المتوحش ين الذين يتغطون بجلباب الدين ليبثون الرعب والدمار ويعيثون في الدنيا فسادا وقهرا وابادة جماعية لكيان مسالم ديدنه الحب وعشق الحياة..
رواية تتكون من320 صفحة قسمها الى عشرين فصل اختار لها عتبةعنوان “حب في ظلال طاووس ملك”..
عتبة راوحت بين الواقعي الاسطوري الميتولجيا فكلمة حب معروفة العنى والدلالة اما طاووس ملك تبقى غامضة عند المتلقي قل نحاول توضيح معناها ودلالتها في الطقوس والميتولوجيا الايزيدية
طاووس ملك هو اول كيان ملائكي خلقه الله من نور له مكانة تقديسية في الطقوس و الديانة الايزيدبة.
سافر بنا الكاتب في النصف الأول من الرواية ليحدثنا ع قصة حب أسطورية بين البطلين الرئيسيين للرواية هنار والراعي ميرزا في قرية بجزاني. هذ الحب الذي صوره لنا الكاتب في أجواء طبيعية فاتنة وصفها الكاتب بطريقة سردية مدهشة تجعل المتلقي وكأنه في جنة ساحرة الجمال تاخذ الانظار الألباب وكأنه أمام لوحة فنية تشكيلة لونتها أيادي فنان بارع وماهر….
وقد قفل الكاتب النصف الاول من الرواية بكلمات سردية فائقة الجمال ليحدثنا عن اللسعة السامة للنحلة المتوحشة للحبيبة هنار فاردتها قتيلة.
“إذ من مصادفات القدر المشؤوم الذي برزت في هذه الساعات ملكة الحب العذراء هنار ان النحلة طردت من الخلية وانها راحت تشم عطر هنار الذي يميزها عن رائحة الزهور
أو لربما ان ميرزا قد اهدى جزءا من مسك الغزالة الفواحش لهنار، وصار ينتشر في الأجواء فضرب وجه النحلة عطرا ذكيا فاثار غيرتها. المهم راحت تجوب أرضا فارضا وراء البيداء، ومساقط الانواء، وتفتش عن هنار مثلما تفتش عن رحيق الزهور وقد انتابتها الدوانية المتوحشة”
ليفتح الباب للجزء الثاني مع البطل ميرزا ليحدثنا عن الامه واوجاعه نتيجة الفقد والغياب لحبيبته هنار
وعن صدمته و صراخه في الجبل الى ان نصحه جده للتوجه الي المعبد المقدس لالش ليتعمد في العين البيضاء ويتطهر ويلبس الخرقة واللباس الصوفي الخشن
ويهب نفسه لعمل الخير ويتصوف ويترك كل ملذات الدنيا ويعيش على الكفاف…
في هذا الجزء الثاني أضاء لنا الكاتب بأسلوب سلس العادات الطقوس الدينية للايزيدية واحتفالاتهم في نيسان في محيط معبدهم لالش حيث تعتمد أقوال تعرف بالسبقات والنصائح تتمثل وتعالج كل نواحي الحياة من صوم وعبادة وطقوس دينية فكان الكاتب حصنابالصدق والمعرفة من خلال الاطلاع على نصوص دينية ايزيدية
ومن خلال الاتصال والتواصل مع الايزيديين متجاوزا النصوص التكفيرية المتعصبة التي تسيء إليهم
فشكرا للأديب الكاتب الروائي حمودي عبد محسن على هذا العمل الجاد الذي قضى فيه قرابة خمس سنوات من البحث والاطلاع والتقصي لإنجازه في أحلى صورة إبداعية ويمتعنا برواية مليئة بالأصوات المتعددة الجد الحكواتي والشخصيتين الرئيسيين وشخوص الطغاة المجرمين وبالسرد الرقراق المدهش على مستوى الوصف والمعنى والدلالة والبلاغة
Discussion about this post