بيدق الى الامام والعبرة بالخواتيم
كنت جالسا بمقهى ، ببطحاء المدينة العتيقة بسوسة ، احتسي القهوة و انظر الى صور المسجد الكبير، الذي بني منذ اكثر من الف سنة ، وعلى حد علمي في العصر العباسي ،، انظر الى جدرانه الصلبة القوية ، التي لم تحركها نائبات الزمان ،،وكل ما شهدته الامة الاسلامية من غزوات صليبية و محاولات مستديمة للنيل منها ، لكن الجدار والمسجد على ماهو عليه ،،الصور قائم الى اليوم في اجواء ممتدة منذ الف سنة.
عدت الى ترشف قهوتي ، ولم البث حتى تراءت لي ذكرى ذلك المشهد الخبيث ، يوم قام اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي مصفقين لانتفاضة الشعب التونسي،فبعد كل هذه القرون صرنا نعلم ماذا يعني ان يصفق لنا العدو،، واتتنا الايام بما كنا نجهل ، كما قال طرفة ابن العبد .هم صفقوا بحساباتهم الخاصة ، ونحن ابناء وطن مصلوب الارادة ،لا حسابات لنا ،اناس منهكون فوضوا قلة حيلتهم وامرهم الى الله..كما يفعل كل مستضعف ،، فصرخت الدماء في عروقنا ذات يوم ، وكسرت قيودهم ، وهم غافلون …ولكنهم براغماتيون ! سرعان ما يتعاطون مع كل طارئ بعملية ، ان لم يكونوا قد عملوا لذلك الف حساب.
ولكني دوما اعاين من المنتصر ؟ النية الصافية البريئة ، ام الدهاء والمكر الذي ياخذ بالمبادرة وزمام الامور ،،فاجد دوما ان النية الصافية البريئة تحتويه وتحتوي حتى محاولات احتوائها له ليصب في تاويل الامر ،ليخدم قضايا الحق ،ولو بعد زمن .
فرغم كل المحاولات الامريكية باساليب المتنوعة ، وفنون في الدهاء لتجعل من تونس منصة احتراق المنطقة العربية ، نفسها تونس التي اجهضت تلك المحاولات ويمكن ان القب الشهيد الباجي قايد السبسي بالشهيد رغم اختلافاتنا البورقيبية ، فالعبرة بالخواتيم ،،افهم الغنوشي خطورة اللعبة الامريكية التي هو دميتها ، واجبره على اختيار السلم ،فلعبة الشيطان التي تديرها امريكا، لو نجحت لن يصفى من الامة من يخبر عنها . اجهضناها في لحضات اعدها تاريخية فارقة،، نعم نحن شعب تونس الابي ،،كما قال الشهيد الباجي قائد السبسي في اخر خطاباته ، ويومها توقعت انه اختار الشهادة .
شعب تونس اليقض الذي اسقط ما بيد الشيطان . واجبرنا الامريكان على النزول الى المخطط الاحتياطي ،الذي نعلمه كذلك .
كانت التقارير تصل من سفارتها الى البيت الابيض كل يوم ، تشخص بدقة نبض الشارع ، وتطلعات الشعب ، لتحيك منه جلباب العميل القادم ، بعد ان تتخلص من عملائها بالامس ، فقد صاروا عملة منبوذة ، واستنفذوا صلاحيتهم …ورغم اني اشهد لهم في الاستجابة لدعوى الباجي رحمه الله، والتنكر للامريكان و الاتراك ، فقد فهموا ان صدامهم مع احرار تونس سيكلفهم الكثير….ولعل هذه المحاسبات الصورية اليوم اخف عليهم بكثير من خوضهم تلك التجربة..ولكن خطيئتهم لا تغتفر.. اي دين علمهم ان يبعثوا ابناء الامة ليقاتلوا اخوانهم في سورية ،وهم مسلمون مثلهم ..هل هذا ما علمنا رسولنا الاكرم الذي حذر تحذيرا شديدا ان يقتل المسلم اخوه المسلم ،، هل هذه هي رسالة ابناء احرار تونس وشهدائها وابطالها الى ابناء احرار الشام و مناظليها ؟؟!، بعتم الوطن وقدسية الدماء الطاهرة التي دفعت لتطهير ترابه ،،وسرقتهم بهجة انتفاضة شعب ما طلب الا العيش الكريم ..وتنكر لكم اسيادكم الماكرون ،، ولم يعودوا يعترفون بكم ،، لعلهم اليوم يطرزون ويعبدون طريق ظفر لحاكم جديد ،كما تعلمنا وتعودنا منهم .
ولكني اتسائل : كيف هو جلباب الحاكم الجديد بعد عشر سنوات من التشخيص والتقارير ؟؟…وماذا ستخلق تلك الفوضى المفتعلة؟؟.
يجب ان يكون متمردا على امريكا ..ولا يرضخ للاملاءات الغربية …يجب تصنع له ازمات ومشاكل ليتغلب عليها ويحلها ،، وغيرها من المقاييس التي سيحاك بها جلبابه كما نرى لليوم …ولكننا نرى ونشاهد ، وندعي الهبل ،، مسايرة للعبة غبية لم تتعلم من تكرار تجاربها السابقة،،نحن الشعب التونسي الذي طوع الاخوان ،، سنجعله صالحا رغما عنه ،نمضي توازيا مع المخطط الامريكي ، ونعرف متى نصحح المسار .
Discussion about this post