قوانين اللعبة
الحلقة الثانية: نظرة حول القوانين – فلسفة و روح القوانين
دكتور نجاح رحم /العراق
تُعتبر كرة القدم أعظم لعبة على وجه الأرض، فهي ُتمارس في كل البلدان وعلى مختلف المستويات، وتعد قوانينها هي ذاتها في أرجاء العالم كافة، بدءا من كأس العالم الذي ينظمه الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA و وصولا إلى المباريات التي يلعبها الأطفال في القرى النائية.
إن تطبيق نفس قوانين كرة القدم خلال كل مباراة و من طرف كل اتحاد قاري و كل بلد و مدينة و قرية في العالم دليل قوة لا يستهان بها ويجب الحفاظ عليها، كما يعتبر ميزة يجب تسخيرها لصالح كرة القدم في كل مكان.
يجب أن يكون لكرة القدم قوانين من شأنها الحفاظ على (عدالة) اللعبة باعتبار أن العدالة قاعدة أساسية (لجمال اللعبة) و سمة جوهرية (لروحها)، و إن أفضل المباريات هي المباريات التي يندر الاحتياج فيها إلى الحكم و يحترم فيها اللاعبون بعضهم بعضا، كما يحترمون حكام المباراة و قوانين اللعبة.
إن قوانين كرة القدم بسيطة نسبيا مقارنة بالرياضات الأخرى، ولكن و لأن العديد من المواقف (ذاتية) و لأن الحكام بشر (و بالتالي يرتكبون أخطاء)، فستثير بعض قراراتهم الجدل و النقاش، و يعتبر بعض الناس هذا النقاش جزءا من المتعة و التشويق، ولكن و في جميع الحالات و سواء أكانت القرارات صائبة أم خاطئة، فإن (روح) اللعب تستدعي الاحترام الدائم لقرارات الحكام، و تحلى أصحاب السلطة خاصة المدربين و قائدي الفريقين بالمسؤولية الواضحة تجاه اللعبة، و التحلي بالمساهمة في احترام حكام المباراة و قراراتهم.
لا يمكن أن تتطرق القوانين إلى كل الاحتمالات الممكنة، و عليه، عندما لا يوجد نص مباشر في القوانين فإن المجلس الدولي لكرة القدم يأمل أن يتخذ الحكم قراره ضمن (روح اللعبة) و ذلك بطرحه لهذا السؤال: (ما الذي تريده أو ما الذي تتطلع إليه كرة القدم؟).
كما يجب أن تساهم القوانين في الحفاظ على سلامة و رعاية اللاعبين، فمن مسؤولية المجلس الدولي لكرة القدم الاستجابة السريعة و المناسبة لدعم المشاركين في اللعبة من خلال القوانين كلما دعت الحاجة إلى ذلك، و من أمثلة ذلك التعديل المؤقت للقانون الثالث تجاوبا مع جائحة كوفيد-19 بالسماح لكبرى المنافسات بخمس استبدالات في المباراة الواحدة بدل ثلاثة، و أصبح هذا التعديل جزءا من قوانين اللعبة سنة 2022، كما تستمر اختبارات إدراج بدلاء ارتجاج المخ، في سبيل إعطاء الأولوية لصحة و سلامة اللاعب المصاب أو المشتبه بإصابته بارتجاج المخ دون أن يترك خلفه نقصا عدديا.
و رغم أنه لا مفر من الحوادث، إلا أن القوانين تهدف إلى جعل اللعبة آمنة قدر الإمكان، و إلى تحقيق التوازن بين صحة و سلامة اللاعب و العدالة الرياضية، وهذا ما يستدعي من الحكام استغلال القوانين للتعامل بصرامة مع كل لاعب يتصرف بعنف و خطورة، فالقوانين تجسد رفضها للعب غير الآمن في نصوصها التأديبية، وعلى سبيل المثال: نصوص (التدخل المتهور) و (تعريض سلامة المنافس للخطر) أو (استخدام القوة المفرطة).
لتسهيل فهم القوانين بشكل أكبر، نشر المجلس الدولي لكرة القدم “قواعد كرة القدم – قوانين مبسطة للعبة”،و هي قواعد مصاغة بطريقةُ مبّسطة تُسّهل على القارئ فهم القوانين، خاصة بالنسبة للشباب،و الحكام المؤهلين حديثا،و الكبار الذين يُحّكمون من حين لآخر، و كذلك اللاعبين و المدربين (بما في ذلك المدربون الذين يسعون للحصول على شهادة التدريب)، بالإضافة للجمهور و وسائل الإعلام.
Discussion about this post