___صرخة ….صامتة……___
حملته بين يديها راسها منكسّة وهي تسير بخطى وئيدة في الرواق الطويل إنها في نفق مظلم أعدم الضوء وتبرّأ من النور والتحف العتمة …الوجع يأكل أوصالها لا تدري اتقربه
وتحضنه ؟أتضمه الى صدرها …. ؟
إن فعلت سيهتدي الى الحلمة ويمتصّ حليبها
وثديها اكتنز حليبا وتدفق رغم كثافة قطعة القماش التي تقوم مقام الحاجز
حاولت ابعاده أكثر وهي تمد ذراعيها المتيبستين غيظا ويأسا
عقارب الزمن تدور وتدور تسرع بلا شفقة ودورانها يترك ندوبا في الروح وثقوبا في الذاكرة
وعليها أن تقرر قبل بلوغ نهاية هذا السرداب
وانتباها أحساس انها لا تتحرك ..وصوت بعيد يصلها متقطّعا يؤز كيانها —
انت واقفة كالمسمار في نفس المكان
أنت تتجمدين
انت تتحجرين ببطء …تنتفض مذعورة
الغرف عن يمين وشمال تمدّ لها أيادي ملتهبة الأصابع
عليها ان تسير مستقيمة حتى لا تطالها ألسنة اللهب
يومها كانت طفلة على عتبة المراهقة
وقعت ضحية براءتها وأجبرت على التخلي عن فلذة كبدها والدفع به الى المجهول
اليوم تسير في نفس الرواق الذي اعاد لكل كيانها شريطا ظنت انه مات بالتقادم والامومة لا تسقط بالتقادم بل تتعتّق أكثر
لماذا هذه الاصبع المبتورة تقوم مقام اللقيط الذي
عليها ان تتخلص منه
ولماذا هذه السبابة حتى بعد فصلها عن اليد
ما زالت تمثل قطعة منها تلمّست نهديها اللذين
تيبسا وغار حليبهما من ذاك اليوم -يوم دفنت أنوثتها مع الالقاء برضيعها الى حضن امراة مجهوله لا تتذكر حتى ملامحها
كم قاتل وساحق التخلي عن مخلوق منك وفيك بأمر ممّـن فقد الرحمة وامتلأ انانية
كم موجع التخلي عن عضو عاشرك عمرا
غدا سينبت مكانها سبابة اصطناعية بلا إحساس
بلا روح قد تمسك القلم وتكتب
قد تنقر على لوحة الحاسوب حروفا وكلمات
ولكن هل ستكون حية نابضة…..
قد تعوض الاصبع المبتورة
ولكن من يعوض الأنوثة المهدورة
والطفولة المغدورة يا ترى؟
ها هي للمرة الثانية تتخلى عن قطعة منها
مكرهة…
وصوت الطبيب يرن في اذنيها فسدت هذه الاصبع
ان بقيت تفسد اليد كلها فيمتزج صوته بنبرة ابيهاالحادة الآتية من البعدالسحيق : يا امرأة…تصرفي في مواراة خطيئة ابنتك هذه الفاسدة التي ابتُلينا بها
ومطارق تدق مسامير موجعة في كامل جسدها
وتنزف انسانيتها دما أسود بلون المظلة التي عاشتها…
أنا حملت في احشائي اخي يا أبي……. صرخة صامته…..
فائزه بنمسعود
يوميات مارقة – الجزء الثاني-
🍃6/7/2023🍃
Discussion about this post